فورين بوليسي: تركيا زودت أوكرانيا بقنابل عنقودية لمواجهة القوات الروسية
يمن مونيتور/ القدس العربي:
نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا أعده جاك ديتستش، مراسل البنتاغون وشؤون الأمن القومي، وروبي غريمر، مراسل الشؤون الاقتصادية والأمن القومي، قالا فيه إن تركيا سترسل قنابل عنقودية موروثة من الحرب الباردة إلى أوكرانيا.
وجاء في التقرير أن تركيا بدأت بإرسال القنابل العنقودية في نهاية عام 2022 بعد أشهر من مناشدة كييف لإدارة جو بايدن كي تعززها بالذخيرة، بحسب تصريحات من مسؤولين أوروبيين وأمريكيين حاليين وسابقين، على معرفة بالقرار، ما يعطي أوكرانيا قوة وإن كانت مثيرة للجدل في ضرب الدبابات والقوات الروسية في ساحة المعركة. وبدأت الدولة الحليفة للناتو بإرسال أول شحنة من الذخيرة ذات الاستخدام المزدوج والمعدلة للاستخدام في الحروب التقليدية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وهي قنابل صنعت أثناء الحرب الباردة، وباتفاق على إنتاجها بطريقة مشتركة مع الولايات المتحدة. وهي قنابل مصممة لتدمير الدبابات، وكل قنبلة منها تحتوي على 88 قنبلة صغيرة. ويحظر القانون الأمريكي تصدير الأسلحة هذه نظرا لمستوى القنابل التي لا تنفجر.
وجاء التحرك الذي حاولت تركيا إبعاده عن الأضواء، بعد دعم الأوكرانيين بمسيرات “بيرقدار تي بي2” التي ساعدت على وقف التقدم الروسي نحو كييف، ودور دبلوماسي كوسيط في جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية.
وفي الوقت نفسه، اشترت تركيا الأسلحة الروسية وأغضبت الناتو. ولا توجد أدلة على أنه تم استخدام القنابل التركية أرض- أرض في المعارك. وقال مصدر على معرفة بالأمر: “بعدما رفضت الولايات المتحدة نقديم القنابل العنقودية (لأوكرانيا) كانت تركيا هي المكان الوحيد للحصول عليها”، وأضاف: “يظهر هذا كيف تتقارب تركيا مع روسيا بطريقة ما، لكنها تدعم أوكرانيا عسكريا”.
ولم ترد السفارة التركية في واشنطن، ولا وزارة الدفاع الأوكرانية على أسئلة المجلة، لكن تصدير القنابل العنقودية يُظهر الدور العسكري الكبير الذي لعبته أنقرة في كسر التقدم العسكري الروسي في مرحلة مهمة من الحرب التي بدأها الرئيس فلاديمير بوتين.
ولعبت المسيرات التركية “بيرقدار بي تي2” دورا في وقف تقدم القوات الروسية نحو العاصمة كييف في الأيام الأولى من الحرب، إلى جانب تدمير السفينة الروسية العملاقة “موسكوفا” التي تعتبر جوهرة الأسطول الروسي في البحر الأسود. ويعتقد المحللون الأتراك أن أنقرة أنشأت جسرا جويا لنقل المسيرات من قاعدة كورلو الجوية، وهي مركز إنتاج “بيرقدار بي تي 2” حيث تنقل إلى بولندا ومنها إلى أوكرانيا.
تقول المجلة إن تركيا حاولت السير على خط رقيق، ففي الوقت الذي حاول فيه رجب طيب أردوغان، والحلقة المقربة منه التستر على الموضوع، إلا أن الموثوقين من الرئيس مثل صهره الذي يدير شركة إنتاج “بيرقدار” كان من الداعين لنشر المسيرات في ساحة المعركة. ورغم عدم كشف تركيا عن كميات القنابل العنقودية التي أرسلتها، إلا أن شركة الصناعة الكيماوية أنتجت مجموعة من قاذقات القنابل في الماضي، وأُطلقت من مدفعية عيار 155 ميلميترا، وبقنابل تدمر نفسها بطريقة ذاتية، بترخيص من الولايات المنتحدة لإنتاجها.
وأنتجت شركة روكيستان، إحدى أهم منتجي الأسلحة الكبار في تركيا، صواريخ تي أر كي-122، لمدفعيات من عيار122 ميلميترا، والتي تتشظى إلى قنابل عنقودية.
وكانت تشيلي وسلوفاكيا والولايات المتحدة قد أرسلت في الماضي ذخيرة إلى تركيا. إلا أن التحرك التركي ربما كان تراجعا، بعدما تعهدت لمنظمة نزع الأسلحة بأنها لن تقوم بتصدير القنابل العنقودية.
وفي رسالة إلى مدير معاهدة القنابل العنقودية، صدرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وحصلت عليها المجلة، أكدت تركيا أنها لم تستخدم أو تنتج أو تستورد أو تنقل القنابل العنقودية منذ عام 2005، ولا ترغب بعمل هذا. وقال سفير تركيا في الأمم المتحدة بجنيف، صادق أرسلان: “تركيا تشترك بالتأكيد بالاعتبارات الإنسانية التي ترشد الجهود للحد من الاستخدام غير المقيد للأسلحة بما فيها القنابل العنقودية”.
إلا أن الأفراد الذين دعموا إرسال القنابل العنقودية في الولايات المتحدة، جادلوا بأنها الطريقة الوحيدة لسحق القوات الروسية في الخنادق غير المغطاة وفي الهواء. ويقولون إن الحاجة لإرسالها جاءت بسبب انخفاض مخزون القنابل المدفعية الأوكرانية. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن قدرة إطلاق القنابل المدفعية الروسية ربما نقصت بنسبة 75%. وقال دان رايس، رئيش ثير ليدرشيب، والذي يعمل كمستشار للقيادة العسكرية الأوكرانية: “لكل جولة رابعة من القصف المدفعي، فإنك تقتل شخصا، ومع القنابل العنقودية، فإنك ستقتل الضعف بـ20 مرة”. ويضيف: “في كل جولة تطلقها، ستقتل 10 روس وسترى فعالية القنابل العنقودية التي ستؤثر على معنويات الجنود الروس”.
وفي أنقرة، التزم أردوغان بسياسة متماسكة تجاه أوكرانيا. فمن ناحية، تحالف مع روسيا اقتصاديا، وتحالف عسكريا مع الناتو ودول البحر الأسود ضد روسيا. ورغم إحباط الكرملين من شحنات تركيا العسكرية لأوكرانيا، إلا أن أنقرة وسّعت من تعاونها الاقتصادي بحيث أفشلت جهود الولايات المتحدة والناتو لعزل روسيا دوليا. وعارضت تركيا انضمام كل من السويد وفنلندا للناتو في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويقول سونير تشاغباتاي، مدير تركيا في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: “بوتين غاضب، ولكن تركيا وضعت نفسها في مكان مثالي، وهذا ليس سيئا؛ لأنه يعطيها منفذا على الأسواق العالمية ومساحة للتنفس، وهذا مهم له… هذا وضع يمكنه الحفاظ عليه”.
وتقول المجلة إن عملية نقل القنابل جاء بعد نقاشات داخل القيادة الأمريكية والقيادة المركزية للشرق الأوسط، وضغوط من الكونغرس والمؤسسة العسكرية الأمريكية، لكنها خطوة بعيدة المدى لبايدن الذي تعهد بأنه لن ينتج أو يصدر أو يسمح بحقول ألغام خارج شبه الجزيرة الكورية. ولم تستخدم القوات الأمريكية القنابل العنقودية منذ غزو العراق عام 2003 إلا في حادث واحد باليمن قبل عقد، ولم تصدرها منذ عام 2015.
واستخدمت روسيا الموقعة أيضا على معاهدة القنابل العنقودية، تلك الذخيرة في حرب أوكرانيا، وسجلت منظمة هيومان رايتس ووتش 689 ضحية مدنية في هجمات ما بين شباط/ فبراير- تموز/ يوليو 2022. كما استخدمت القوات الأوكرانية الذخيرة العنقودية مرتين.