من الحرب إلى الفن.. فنان تشكيلي يمني يسعى لتوثيق الآثار والمعالم التي تتعرض لتدمير ممنهج
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من فخر العزب
يحضر اسم العقيد عبدالعليم أبو طالب كواحد من أبرز من هندسوا انتصار المقاومة في مشرعة وحدنان ضد الانقلابيين الحوثيين، حيث كان عضوا في المجلس العسكري، وأحد أبرز من خططوا وقادوا المعارك نتيجة للخبرة العسكرية التي يمتلكها كعقيد بالجيش تخصص دفاع جوي.
وبعيدا عن ساحات السياسة والحرب يحضر اسم “أبو طالب” كفنان تشكيلي ونحات وخطاط له كثير من الأعمال الإبداعية التي تتنوع بين لوحات فنية وأعمال نحت ومخطوطات، وأعمال مدموجة بين النحت والرسم.
ولد الفنان أبو طالب في العام 1968 في مديرية مشرعة وحدنان جبل صبر بتعز، وتتلمذ في بداية التحاقه بالمدرسة على يد والده الذي يعد من أقدم المدرسين في جبل صبر.
وفي مرحلة دراسته الإعدادية بدأ “أبو طالب” بممارسة الرسم كهواية، والتحق بكلية الطيران بصنعاء والتي تخرج منها في العام 1991، وبعد تخرجه التحق بكلية الشريعة والقانون والتي حصل منها على شهادة ليسانس.
ممارسة الفن كـ”هواية”
يتحدث أبو طالب لـ”يمن مونيتور” عن بداية ممارسته للرسم والنحت كهواية، وتأثره بشقيقية الدكتور صادق أبو طالب وهو رسام ونحات وشاعر، إذ يقول: “لقد بدأت الرسم والنحت منذ وقت مبكر، رغم ميولي للنحت والتشكيل بشكل أكبر وخاصة نحت الخشب الذي أجده مطواعا في النحت، وأستمتع بالنحت وخاصة المنحوتات التي تجسد المعالم الأثرية”.
يركز “أبو طالب” في أعماله الفنية على الأماكن التراثية حيث يجد فيها مادة ليتناولها في أعماله الفنية وخاصة المعالم الإسلامية، باعتبار التراث هو الهوية الثقافية للمجتمع التي تعبر عنه، وتحفظ تاريخه.
“تدمير ممنهج للآثار والمعالم”
يضيف “أبو طالب” في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أن هناك تدمير ممنهج للمعالم الأثرية بتعز من خلال محاولات الطمس للمعالم وتشويهها، ولذا فقد سعيتُ لتوثيق هذه الآثار والمعالم من خلال الأعمال الفنية، فهناك معالم تم تشويهها مثل منارة جامع المظفر، والأروقة الأخيرة للجامع، وقلعة القاهرة”.
وأشار إلى أن “هناك معالم أثرية وقديمة في البلاد تعرضت للتدمير بفعل الصراع والحرب مثل جامع عبدالهادي السؤدي الذي تعرض للتدمير بعد تعرضه للتشويه”.
وتأتي الأعمال الفنية لأبي طالب عادة على نسق الخلط بين الخامات، كأن يدمج منحوتا ولوحة مرسومة في عمل واحد، مثل عمل جامع الأشرفية الذي نحت فيه واجهة الجامع ومنارتيه بكل تفاصيلها، باستخدام الجبس والخشب، مع تجويف وضع فيه إضاءة، كما وضع لوحة فنية مرسوم عليها قلعة القاهرة كخلفية للعمل الإبداعي الذي اعتمد على عنصر المحاكاة.
وأنجز “أبو طالب” عملا فنيا يجسد محراب ومنبر جامع المظفر، حيث تم إنجاز العمل باستخدام الجبس والخشب، وهو عمل فني مليء بالتفاصيل الدقيقة التي تعكس مهابة محراب ومنبر أشهر جامع أثري بتعز.
ومن الأعمال المميزة التي أنجزها “أبو طالب” عملا فنيا من الجبس والخشب مدموجا مع لوحة فنية بالألوان الزيتية كخلفية للمجسم الذي يجسد مسجد المحضار بحضرموت ومنارته الشهيرة التي تعد من أبرز المعالم الأثرية والإسلامية في اليمن.
“هواية الخط”
وبالإضافة للنحت والرسم يمارس “أبو طالب” هواية الخط، حيث يخط بجميع الخطوط، وقد استغل موهبته هذه في مشروع خاص يتمثل بكتابة القرآن الكريم كاملا باستخدام خط الثلث، وهو المشروع الذي يعمل عليه حاليا، وأنجز حتى الآن كتابة 22 جزءا من القرآن الكريم.
ويرى “أبو طالب” أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الفنانين التشكيليين، وتتمثل هذه التحديات بانعدام الجهات والمؤسسات الثقافية الداعمة، وانعدام ثقافة التلقي والذوق الفني لدى المجتمع الذي يرى في الفن التشكيلي فائضا في واقع جعله مهموما بتوفير لقمة العيش، أضف إلى ذلك ارتفاع أسعار أدوات الرسم والنحت”.
الجدير بالذكر، أن الفن التشكيلي في اليمن وجد منذ فترة ليست بالبعيدة، وبالإمكان تحديدها؛ بانطلاق أول معرض تشكيلي في ستينيات القرن الماضي، إلا أن تاريخًا من المنحوتات القديمة يدل على رغبة واحدة في التعبير، لكن بوسائل مغايرة.