آراء ومواقف

اليمن..الأمان في الحرب أم في السلام؟

محمد لطف الحميري

في الأعراف القبلية والاجتماعية اليمنية لا يأتي الشيخ أو الضيف الكبير إلا ليكون سيد الحفلة وتبدأ فور قدومه، وهذا ربما ما أدركه وفد الحوثيين والرئيس المخلوع الذي راوغ وتلكأ كثيرا في الحضور إلى الكويت للمشاركة في المفاوضات التي تأخرت كثيرا عن موعدها المقرر في الثامن عشر من أبريل ويتوقع بدأها في الحادي والعشرين من الشهر نفسه إذا ما وصل الوفد الذي تنتظره طائرة عمانية في مطار صنعاء وأخرى كويتية في مطار مسقط والدنيا تقوم وتقعد ترقبا وانتظارا لخروج الدخان

Normal
0

false
false
false

EN-US
X-NONE
AR-SA

MicrosoftInternetExplorer4

في الأعراف القبلية والاجتماعية اليمنية
لا يأتي الشيخ أو الضيف الكبير إلا ليكون سيد الحفلة وتبدأ فور قدومه، وهذا ربما ما
أدركه وفد الحوثيين والرئيس المخلوع الذي راوغ وتلكأ كثيرا في الحضور إلى الكويت للمشاركة
في المفاوضات التي تأخرت كثيرا عن موعدها المقرر في الثامن عشر من أبريل ويتوقع بدأها
في الحادي والعشرين من الشهر نفسه إذا ما وصل الوفد الذي تنتظره طائرة عمانية في مطار
صنعاء وأخرى كويتية في مطار مسقط والدنيا تقوم وتقعد ترقبا وانتظارا لخروج الدخان الأبيض
كما يقال، أما وفد الحكومة فقد وصل قبل الموعد المحدد ليظفر بشهادة حسن السير والسلوك
من المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي شكره على صبره وانتظاره الطويل وخلوده
للراحة وتجاهل ما يهدف إليه الحوثيون من وراء مماطلتهم وهو الإمعان في الاستهانة برموز
الشرعية الذين لا يعتبرونهم سوى مجرد “مرتزقة ” يعيشون في غرف فنادق الرياض.

وفد الحوثيين يرى أن تأخره عنصر مهم جدا
في عملية التفاوض إذ أنه يريد أن يغير من نقاط التفاوض الخمس التي أعلنها ولد الشيخ
أحمد ومن أهمها تسليم السلاح الثقيل والانسحاب من المدن وكف اليد عن مؤسسات الدولة
تمهيدا لتطبيق كل بنود القرار 2216، وزيادة على ذلك يريد الوفد الحوثي فرض أجندة خاصة
تتمثل في وقف الغارات الجوية لقوات التحالف العربي –طبعا لتتحرك الميليشيات على الأرض
بكل حرية- وتشكيل حكومة انتقالية وفق اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعته قوى
سياسية تحت فوهات بنادق الحوثيين عند سقوط صنعاء في 21 سبتمبر 2014 ومناقشة تطبيق القرارات
الأممية بعد ذلك وهذا طبعا جزء من خطط الحوثيين وتكتيكاتهم التي يتلقونها من إيران
صاحبة التجربة الطويلة في المراوغة واختلاق الأعذار واللعب مع المجتمع الدولي.

ما يشجع الحوثيين والرئيس المخلوع على الإمعان
في قتل اليمنيين والتشبث بخيار الحرب باعتباره الخيار الآمن لتحقيق ما يطمحون إليه
لترسيخ سلطتهم في صنعاء كأمر واقع يتركز في ثلاث نقاط:

تتمثل النقطة الأول في يد الحكومة الشرعية
المرتعشة في اتخاذ قرارات ميدانية لدعم موقفها التفاوضي الذي كان سيتعزز لو تم دعم
المقاومة الشعبية والجيش الوطني لإحراز تقدم في تعز التي تقصف بضراوة خاصة بعد إعلان
هدنة 10 أبريل وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي نص كذلك على فتح كل مداخل المدينة
أمام حركة المدنيين ولم يلتزم الحوثيون به. أما النقطة الثانية فتأتي من الموقف غير
المتناغم داخل دول التحالف العربي إذا لا تزال بعض أطرافه تعمل وفق أجندة خاصة سواء
من حيث البحث عند دور ما للرئيس المخلوع أو لنجله وكذلك دعم بعض فصائل الحراك الجنوبي
لجعل مطالب الانفصال مسموعة دوليا. وثالثا يركن الحوثيون إلى الضوء الأمريكي الأخضر
الذي يرى فيهم أداة فعالة لمحاربة تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وغيرها من الجماعات
السنية المتطرفة، وهذا الموقف يسمح بغض الطرف عن وصول شحنات عسكرية إيرانية للحوثيين
رغم الإعلان عن مصادرة بعضها في عرض البحر العربي ربما لإرضاء دول التحالف العربي وعلى
رأسها المملكة العربية السعودية. ويريد الحوثيون الاستفادة من زيارة الرئيس باراك أوباما
للرياض لأنها تعني بالنسبة لهم ممارسة المزيد من الضغوط على حكومة الرئيس هادي والتحالف
العربي.

يعوِّل اليمنيون كثيرا على مفاوضات الكويت
بعد أن طحنتهم الحرب ووصلت آلامها إلى كل بيت وقتل فيها نحو 6400 شخص من المدنيين حسب
تقرير للأمم المتحدة، لكن المشهد الذي ترتسم ملامحه في هذه المفاوضات تجعل الكثير يعتقد
أن الحرب لم تتوقف بعد وأن الأيام المقبلة لا تزال حبلى بالأحداث والدماء، إذ أن الحوثيين
وحليفهم يبسطون سلطة فعلية على الأرض ويكثفون تعزيزاتهم العسكرية للسيطرة على مواقع
استراتيجية حتى أثناء الهدنة وهذا يؤشر إلى أنهم يتحركون وفق خيار الأمان في الحرب
لا في السلام، وتفكير كهذا يعني أن تغير الحكومة اليمنية سياساتها في التعامل مع من
ينضوي تحت شرعيتها قبل أن تفقد الأنصار والشرعية.

نقلا عن الشرق القطرية

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”جدول عادي”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-qformat:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin-top:0cm;
mso-para-margin-right:0cm;
mso-para-margin-bottom:10.0pt;
mso-para-margin-left:0cm;
line-height:115%;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:11.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-ascii-font-family:Calibri;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-fareast-font-family:”Times New Roman”;
mso-fareast-theme-font:minor-fareast;
mso-hansi-font-family:Calibri;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;
mso-bidi-font-family:Arial;
mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى