ما سرّ حرص “القاعدة” على بقاء المكلا تحت سيطرته؟
انسحب تنظيم القاعدة من مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، بعد أيام من انسحابه من مدينة المنصورة بمحافظة عدن جنوبي اليمن.
يمن مونيتور/ خاص/ من محمد مراد
انسحب تنظيم القاعدة من مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، بعد أيام من انسحابه من مدينة المنصورة بمحافظة عدن جنوبي اليمن.
في المرتين لم يخض التنظيم حربا حقيقية للدفاع عن مناطق سيطرته، لأنه لم يكن يعتبرها مناطق سيطرة، وإنما مأوى لمسلحيه، بحسب مصادر مقربة من التنظيم.
من المتوقع أن يتكرر الأمر ذاته في مدن أخرى ما زالت خاضعة لسيطرة التنظيم، كمدينتي زنجبار وجعار بمحافظة أبين، ومدينة عزان بمحافظة شبوة جنوب شرقي اليمن.
غير أن انسحاب التنظيم من تلك المدن يعني بداية مرحلة جديدة من الحرب ضد قوات الجيش والأمن، وقد سجلت مدينة عدن، خلال الأيام الماضية، نماذج منها.
من أهداف هذه الحرب محاولة تأجيل أو عرقلة عملية عسكرية مرتقبة لإخراجه من مدن ومديريات حضرموت الساحل الخاضعة لسيطرته منذ أكثر من عام، خصوصا مدينة المكلا، عاصمة المحافظة وكبرى مدنها.
لماذا المكلا؟
تفصح المساهمات التي قدمها تنظيم القاعدة لدعم بعض المشاريع في مدينة المكلا عن عائدات مالية كبيرة يجنيها التنظيم بشكل شبه يومي.
ومن مساهمات التنظيم الكبيرة، على سبيل المثال، دعمه لمشروع الكهرباء بنحو مئة مليون ريال يمني، ولعدد من مستشفيات حضرموت الساحل بمبلغ مماثل، بالإضافة إلى تعبيد طرق وإنشاء جسور وتشجير شوارع، عدا عن هدايا نقدية للمتعاقدين مع المستشفيات وتوفير حافلات نقل لموظفي بعض القطاعات، وغير ذلك.
وإذا كان هذا ما يقدمه التنظيم للمدينة من عائدات الدولة الخاضعة لسيطرته، فإن ما سيدخره قد يفوق تلك المبالغ بكثير، لإدراكه أن هذا الوضع مؤقت وعليه استغلاله، وأن حاجته للمال ستتضاعف مستقبلاً.
وحرصا على استمرار هذه المكاسب أطول مدة ممكنة، من المتوقع أن يعمل تنظيم القاعدة على تأجيل أية عملية عسكرية تستهدف إخراجه من مدينة المكلا وغيرها من مدن حضرموت الساحل، وقد يراهن على معوقات جغرافية تتعلق ببعد مدينة المكلا، وعلى معوقات عسكرية، حيث يصعب على قوات الجيش والأمن، في ظل إمكاناتها الحالية، أن تجمع بين حفظ الأمن في المناطق الخاضعة لسيطرتها وبين القيام بعملية عسكرية لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم في حضرموت.
غير أن أي اتفاق سياسي بين أطراف الصراع في اليمن سيدفع التنظيم إلى الانسحاب السريع، كون الحرب عليه ستصبح أولوية لمرحلة ما بعد الاتفاق، بالإضافة إلى إن إمكانات كل أطراف الصراع ستوجه لدعم هذه الحرب، كما حدث بعد اتفاق عام 2012م، وكان له تأثير واضح على مسار العمليات العسكرية.
تحدٍ صعب
وتعتبر مرحلة ما بعد انسحاب تنظيم القاعدة من مدينة المكلا حساسة للغاية، وتتطلب تعاملا مسئولا من قبل السلطات، حيث سيحصد التنظيم ثمار أي تراجع أو تقصير على مستوى الخدمات.
وإذا لم تتعامل السلطات مع قضية الخدمات كجانب من جوانب الحرب على الإرهاب، فسيكون ما تخسره بعد دخولها مدينة المكلا أكبر بكثير مما خسرته حين كانت المدينة خارج سيطرتها.
كما إن اهتمامها بهذا الجانب سيحصر معركتها مع تنظيم القاعدة بمدينة المكلا في جانبها الأمني، وسيدفع المواطنين إلى التجاوب معها، وتجاوب المواطنين مع السلطات في هذه الحرب يعتبر أهم عوامل حسمها.