مفاوضات الكويت.. نهاية حرب أم استراحة محارب؟
مسيرتان سلميتان منفصلتان في اليمن، الأولى في تعز، وسط البلاد، التي تشهد حصاراً وقصفاً عشوائياً على الرغم من التوقيع على هدنة، إلا إنها هشة كما يقول مراقبون، وتؤسس لمفاوضات لا يثقون بها؛ ومستعدون للعودة للزناد إذا لم يلتزم “الانقلابيون” كما عبروا عن رفضهم لأية تسوية سياسية تستثني مدينتهم المنكوبة والأخرى التي طالتها آلة الحوثي وصالح التدميرية. يمن مونتيور/ خاص/ من عمار زعبل
مسيرتان سلميتان منفصلتان في اليمن، الأولى في تعز، وسط البلاد، التي تشهد حصاراً وقصفاً عشوائياً على الرغم من التوقيع على هدنة، إلا إنها هشة كما يقول مراقبون، وتؤسس لمفاوضات لا يثقون بها؛ ومستعدون للعودة للزناد إذا لم يلتزم “الانقلابيون” كما عبروا عن رفضهم لأية تسوية سياسية تستثني مدينتهم المنكوبة والأخرى التي طالتها آلة الحوثي وصالح التدميرية.
مسيرة أخرى في عدن، جنوب البلاد، العاصمة التي تتنازعها قوى الحراك الجنوبي؛ وتعدها عاصمة دائمة لما يصطلح بالجنوب العربي، والحكومة الشرعية، التي تعدها عاصمة مؤقتة، في انتظار العودة إلى صنعاء، حيث وقف الجيش الموالي لها على مقربة منها، في انتظار مؤتمر الكويت، الذي يُعد جولة رابعة بعد مفاوضات تمت في العاصمة السويسرية، وفي جولتين، لم يتم تحقيق أي تقدم سياسي يذكر.
سياسيون وصناع القرار في اليمن لم يتعاطوا مع الحدث كثيراً، حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الهدوء، الذي قد يسبق العاصفة السياسية، فكل الطرق كما يبدو لا توصل إلى الكويت، أو حتى صنعاء، التي تطمح الحكومة اليمنية وأطراف تابعة لها إلى استعادتها سلمياً، فهناك طرق أخرى ربما هو طريق الدبابة والزحف لاستعادة مؤسسات الدولة من يد الحوثيين والقوات الموالية لـ”صالح”، إذ لن يسلمونها كما ينص القرار الأممي 2216، بسهولة، فقد عهد منهم الهروب إلى الاتفاقات السياسية عقب أي هزيمة عسكرية، أو اقتراب الأمر من الهزيمة كما يرى متابعون.
مصدر في المقاومة الشعبية في تعز أوضح لـ”يمن مونيتور” أن “رضوخ الانقلابيين في توقيع اتفاق آخر في تعز، يدل على هزيمتهم عسكرياً وعلى الأرض، لكن هناك من يرتب لأن تكون كلمة المقاومة هي السفلى”، معتقداً أن “ترتيبات تجري بعيداً عن الكويت وفي أماكن أخرى، ليكون للحوثيين مكانتهم في مستقبل اليمن، وهو ما ترفضه تعز، والمحافظات الأخرى ممن نالها نصيب كبير من حرب الحوثيين وصالح”.
الصحفي “عمر محمد حسن”، من محافظة عدن، يقول “إن الشارع الجنوبي ما زال قلقاً، تتناوشه الأحداث الأمنية، لا مشروع واضح إلى اليوم؛ فبعد أن ضحى الجنوبيون، وخصوصاً العدنيين، هناك من يريد ركوب الموجة، وعودة العجلة إلى الوراء، فما يحدث اليوم في عدن يخدم الانقلابيين في صنعاء، حد تعبيره، فهم لا يمثلون القضية، ولا احتياجات المواطن البسيط، في الأمن والاستقرار”.
ويواصل حسن حديثه لـ”يمن مونتيور” أن “محادثات الكويت ما هي إلا استراحة محارب فقط، فلن ينتهي الانقلاب إلا بعد أن تحقق المقاومة الشعبية، والجيش الوطني الأهداف التي خرجوا من أجلها، أما الرضوخ لإملاءات الخصم والعدو؛ ممن سام اليمنيين العذاب، فهو يعد خيانة للتضحيات وللدماء التي سالت في كل المحافظات اليمنية، التي عاشت حسب تعبيره أقذر حرب أهلية في اليمن”.
ويرى “حسن” أن “أطراف المقاومة لم تمثل خير التمثيل بل إن الحكومة ما زالت تعمل بنية بسيطة، ليس لديها المكر والدهاء، الذي يتحرك وفقه الانقلابيون، فمن نواجههم اليوم في ساحات القتال، أو أؤلئك من هم في المفاوضات وحتى في وسائل الإعلام، هم أتباع الدولة العميقة من أصحاب المصالح، ممن رأوا أن أي مشروع تغييري هو يتقاطع مع مشاريعهم لذا يسعوا إلى إفشاله، بل وحمل السلاح ومحاربته، وهو ما يحصل اليوم للأسف الشديد، فهم يرون في الكويت فرصة سانحة لاسترداد الأنفاس فقط وكسب الوقت، واللعب بأوراق أخرى هنا وهناك”.
فريق من المتابعين يرى عكس ذلك.. ولديه تفاؤل بأن مفاوضات الكويت هي على المسار الصحيح؛ وفقاً لمعطيات الأرض. فمباحثات الكويت تأتي في أوضاع مختلفة عن سابقاتها في ظل تراجع عسكري وسياسي واقتصادي، فضلاً عن اتساع هوة الخلاف بين طرفي الانقلاب، لا سيما بعد أن ذهب وفد الحوثي للتفاوض مع السعودية، وبالفعل تم وقف إطلاق النار عدا بعض الخروقات المحدودة، مع تبادل الأسرى بين الجانبين، وهذا بالفعل ما يدفع نحو حلحلة الأزمة اليمنية.
وهذا يؤكد أن نية التحالف العربي باتت واضحة، خصوصاً السعوديين في تسوية الأزمة اليمنية، وإيجاد واقع آخر يرضخ للحوار والتفاوض وفق مشتركات ستحددها الكويت في الساعات القادمة، ربما ستنتهي حالة الصراع وتؤسس لشراكة، قد تجد رفضاً واسعاً من قبل المقاومة الشعبية، وبعض القوى السياسية، التي ترى أن الحوثيين وحليفهم صالح يسعون فقط لتمرير مشروعهم الانقلابي بأي شكل كان، وإن كان عن طريق التنازل للدول الإقليمية على حساب اليمنيين في الداخل.
يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة عدن “علي العقربي” إلى أن اليمن برمتها تحتاج إلى تدخل سياسي سريع لإنقاذها من أبنائها وهو الأمل في مفاوضات الكويت. فالكويت حسب تعبير العقربي؛ “محط أمل لليمنيين في كل المنعطفات السياسية في تاريخنا المعاصر، وهو ما نؤمله اليوم، بأن يتنازل الفرقاء، من أجل أن يحيا الكل وفق عقد اجتماعي جديد، يحفظ كرامة اليمنيين وحريتهم في الشمال والجنوب”.
ويضيف في حديث لـ”يمن مونتيور” أن “السلاح في الأخير سيتوقف وسنجنح للسلم وللحكمة، وإن أتت متأخرة، فالشعب بطبيعته ينشد السلام والاستقرار، وكفى عاما كاملا من الدماء والقتل والتدمير، فهي فرصة لإيقاف مشاريع التمزيق والتدمير التي نالت من لحمة اليمنيين ومزقت أواصرهم، التي اكتسبوها منذ آلاف السنين”.
ومن المقرر أن تنطلق، غداً الاثنين، في العاصمة الكويتية، جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المسلحة برعاية أممية، من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وايجاد حل للحرب المشتعلة منذ أشهر؛ أثر سيطرة الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق “علي عبدالله صالح” على العاصمة صنعاء وبعض المدن اليمنية.