مجلس الأمن يناقش الاتفاق النووي الإيراني.. ما آلية “سناب باك”؟
يمن مونيتور/ الشرق:
يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الاثنين، لمناقشة قراره رقم 2231 لعام 2015 بشأن الاتفاق النووي الإيراني، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة “JCPOA”، لبحث إمكانية إعادة فرض عقوبات على إيران وفق آلية “سناب باك”.
وتقول الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إن روسيا وإيران تنتهكان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، بسبب إرسال طهران طائرات مُسيرة عسكرية إلى موسكو، ما يبرر عودة العقوبات وفقاً للآلية المشار إليها.
وعلى الرغم من تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، في مؤتمر صحافي عُقد الجمعة الماضية، بأنه “لن يستبق المداولات الداخلية للأمم المتحدة”، ظهرت منذ شهور أحاديث بأن الولايات المتحدة تُريد إعادة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران بموجب آلية “سناب باك”، فماذا نعرف عن تلك الآلية؟.
ما آلية “سناب باك”؟
بحسب تقرير نشره موقع “إيران إنترناشيونال”، تنص خطة العمل الشاملة المشتركة على رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل فرض قيود صارمة على برنامجها النووي. ويُمكن “إعادة فرض” العقوبات إذا انتهكت إيران الاتفاق، بموجب الآلية التي تُعرف باسم “سناب باك – snapback”.
وبدأت إيران في انتهاك القيود المُحددة بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة من خلال القيام بعدد من الإجراءات، منها تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% بدلاً من النسبة المُحددة في الاتفاق عند 3.67% في عام 2019، وذلك بعد عام من انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق المُبرم في عام 2015، وإطلاقه حملة عقوبات عُرفت باسم “الضغط الأقصى”.
لماذا الحديث عن “سناب باك” الآن؟
يأتي الحديث عن آلية “سناب باك” في الوقت الحالي لأن فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا أخبرت الأمم المتحدة بأن توريد إيران للطائرات المُسيرة العسكرية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا يُمثل انتهاكاً لأحد بنود القرار رقم (2231)، والذي ينص على ضرورة الحصول على موافقة مُسبقة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (حتى أكتوبر 2023) لنقل بعض المعدات والأسلحة العسكرية من وإلى إيران.
وقالت هذه الدول إن إرسال إيران للطائرات المُسيرة يُمثل انتهاكاً لهذا البند، ما أثار احتمالية استخدام آلية “سناب باك”، والتي يُعاد بموجبها فرض عقوبات متعددة الأطراف على طهران.
هل مسيرات إيران تنتهك القرار 2231؟
هذا الأمر لم يُبت فيه بعد. وقد ينتج عن اجتماع الاثنين تصور من الأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن ما إذا كانت روسيا وإيران تنتهكان القرار رقم 2231، وذلك بعد إرسال الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا خطاباً في أكتوبر الماضي للمطالبة بإجراء تحقيق في الأمر.
ويرتبط تنفيذ آلية “سناب باك” بالانتهاكات الكبيرة للالتزامات. ويُعد القرار رقم 2231 وثيقة مكونة من 79 صفحة قدمتها الولايات المتحدة في عام 2015، وتضم فئات الأسلحة التي يحتاج نقلها إلى موافقة مسبقة من مجلس الأمن.
وتشير الوثيقة “S/2015/546” إلى الطائرات المُسيرة القادرة على نقل حمولة لا تقل عن 50 كيلوجراماً لمدى لا يقل عن 300 كيلومتر. وعلى الرغم من أن الطائرات المُسيرة الإيرانية يصل مداها إلى ألف كيلومتر، إلا إنها تنقل حمولات أخف قليلاً. وسيمثل نقل صواريخ “فاتح 110″ و”ذو الفقار” انتهاكاً أوضح للاتفاق.
كيف يتم العمل بآلية “سناب باك”؟
يُمكن لأي طرف في الاتفاق تحريك آلية “سناب باك” من خلال اللجنة المشتركة في حالة حدوث مشكلة، وإذا لم تُحل المشكلة بعد 30 يوماً من حدوثها، تعود عقوبات الأمم المتحدة إلى حيز التنفيذ.
وفي حالة حل المشكلة، يتعين على أحد أعضاء مجلس الأمن التحرك لوقف تنفيذ العقوبات، ويجوز للدول الأعضاء الأخرى استخدام حق النقض ضد هذا الإجراء. وكان ذلك يمثل الأساس الذي تستند إليه تأكيدات الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزير الخارجية في هذا الوقت، جون كيري، بأن روسيا أو الصين لا يمكنها وقف تنفيذ آلية “سناب باك”.
هل تستطيع واشنطن تحريك “سناب باك”؟
عندما حاولت إدارة ترمب تفعيل آلية “سناب باك” في عام 2020، قالت الدول الأخرى الأطراف في خطة العمل الشاملة المشتركة، بما فيها الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا)، إنه لا يستطيع القيام بذلك بسبب انسحابه من الاتفاق.
وعارض جابرييل نورونها، المستشار السابق لشؤون إيران في إدارة ترمب في الفترة بين عامي 2019 و2021، هذا التفسير، وكتب في نوفمبر الماضي على حسابه في موقع “تويتر” أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على تحريك الآلية.
ما التأثير المادي لآلية “سناب باك”؟
لن تُحدث إعادة فرض العقوبات فرقاً كبيراً بالنسبة لأوروبا، لأن تجارتها تقلصت بشكل كبير في ظل سياسة “الضغط الأقصى” الأميركية، والتي تسمح الولايات المتحدة من خلالها بفرض عقوبات على أي طرف ثالث يجري تعاملات تجارية مع إيران، وجعلت طهران غير قادرة على الوصول إلى المليارات من أصولها المجمدة في الخارج.
وبالنسبة لروسية والصين، ستقول الدولتان إن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق، وأنها ليست في وضع يسمح لها للاستشهاد به أو تبرير أي أفعال.
ما نوايا الولايات المتحدة؟
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس كان غير مهتم عند سؤاله عن آلية “سناب باك”، وذلك رغم انتقاد جابرييل نورونها للتصريحات التي أدلى بها في نوفمبر الماضي وأشار فيها إلى استخدام روسي محتمل لحق النقض.
وأشار المسؤولون الأميركيون إلى وسائل أخرى مختلفة لتقييد الروابط بين إيران وروسيا، من بينها فرض العقوبات على شركات الدفاع والضباط الإيرانيين.
وقد يكون اهتمام واشنطن بشأن الطائرات المُسيرة الإيرانية، المفيدة لروسيا لكنها أقل فعالية في الصراع، أقل من قلقها من احتمال نقل الصواريخ، حيث تتمثل الاستراتيجية الأميركية في تقويض القدرات العسكرية الروسية.
وقد يتمثل أحد أسباب عدم تحرك الولايات المتحدة لتفعيل آلية “سناب باك” في المنطق القائل إن الملف النووي يجب أن يبقى منفصلاً إلى حد كبير عن القضايا الأخرى.
وبينما يرى منتقدو الاتفاق أن تحقيق هذا الفصل صعباً، تقول إدارة بايدن إنها يمكن أن تتخذ إجراءات صارمة ضد إيران بشأن الصواريخ أو التعامل مع الاحتجاجات، مع البقاء على استعداد لإحياء الاتفاق النووي.