آفة فساد السلطة
يعاني مجتمعنا اليمني جنوبه وشماله، والسلطة السياسية والمعارضة معا، من آفة الفساد، المستشري بشكل مخيف ومدمر للحياة العامة والاستقرار والتوافق على وطن محترم يستوعب كل أبنائه.
فالحرب بذاتها هي حرب فاسدة، وتعيد تموضع ادواتها الفاسدة، التي تقف اليوم معيق في وجه التغيير والتحول المنشود، نحو إرساء قواعد الحكم الرشيد.
الفساد هو سلوك مشين لسلطة فقدت بوصلة العمل للصالح العام والوطن، لتتجه نحو مصالحها الضيقة، كانت سياسية او اقتصادية، فهي تطلق أفكار فاسدة، لهدف إفساد فكرة الدولة الحقة، دولة النظام والقانون والمواطنة، دولة النزاهة، ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة في المجتمع التي تمكن من ممارسة الرقابة الفعالة والمحاسبة، وثقافة من أين لك هذا، للكبير قبل الصغير.
من مظاهر الفساد اليوم، ان لدينا جماعات متناحرة على السلطة، أول اتفاق يجمعها هو التقاسم، وتقاسم لا يخدم مصلحة الوطن والشعب، بل هو تقاسم استغلال تلك السلطة الممنوحة لتحقيق مصالح خاصة على حساب المصالح العامة المتفق عليها، فكل الاتفاقات تسقط من اول يوم لاستلام السلطة، والتي تستغل وبشكل متهور للعمل للمشاريع الضيقة، حزبية فئوية، فردية أسرية.
الفساد ظاهرة سياسية واجتماعية، برزت مع نشوء السلطة والدولة، وتعدى انتشارها الحدود الحواجز التي تحمي الحق العام والخاص، وتحدد الواجبات، وارتبطت بضعف القيم والاخلاقيات والوعي لدى النخب السلطة والمجتمع معا.
الفساد والارهاب وجهان لعملة واحدة، لتدمير بنية المجتمع وأسس بناء الدولة، لأضعاف البلد، واستغلاله من قبل القوى المستبدة الطاغية، او احتلاله من قبل الطامعين من الدول الاستعمارية وأذنابها.
فلا نستغرب ان يتحول الفساد والإرهاب معا كشماعة لضرب القوى الخيرة في البلد، قوى النزاهة والكفاءة، وأحيانا يتم تعطيل النظم والقوانين وأدوات العدالة لخدمة الفساد، الذي يقوض الديمقراطية والحريات، والتنوع الثقافي والتعدد السياسي، لغرض الاستئثار بالسلطة والبلد لفئة دون غيرها، تمارس الفساد والإرهاب معا، وتقمع كل من يطالب بتصحيح الوضع.
هذا القمع لهدف استسلام المواطن لواقع الفساد، و يتحمل تكلفته الباهظة، التي تعمل على تدمير سبل الحياة والمعيشة، وانتشار الفقر والجوع والمجاعة، ليتحول الناس لمجرد رعاع في طوابير التسول للإعانات المادية والنوعية.
الفاسدون في بلدي اليمن سيماهم في وجوههم واجسادهم وكروشهم وأحوالهم، كل من تحسنت أحواله، انتفخ كرشه وتورمت خدوده، في وقت جاع فيه الناس ونحلت أجسادهم وتحولوا لهياكل عظمية دون لحم.
الفاسدون هم المعيق الرئيسي لإيقاف الحرب، فهي تجارتهم وربحهم، وبالتالي هم العقبة الرئيسية أمام التنمية والازدهار والنهضة.
الوقاية من الفساد والإرهاب معا، هي الدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، هي دولة النظام والقانون، هو الانتقال من حالة الثورة الى حالة السلطة الدستورية، المبنية على توافق ديمقراطي، يعطي للشعب حقوقه المكفولة، وإرادته في تقرير حق المصير بعيدا عن الاستغلال والاستئثار.
سلطة تحتكر القوة والأمن، وتفرض حالة استقرار عام، ليحتكم الناس للنظام والقانون، والقضاء والنيابات، ويتم تفعيل أدوات العدالة ومكافحة الفساد بكل اشكاله، دولة ضامنة وضابطة، مع الحق العام والصالح العام، القادرة على ان تصون الفرد والمجتمع والسلطة من الفساد وتحميهم من الإرهاب.