مخاطر حصول الحوثيين على عائدات النفط.. وما الذي يمكن عمله لمواجهة تهديداتهم؟
يمن مونيتور/ ترجمة خاصة:
نشر معهد الشرق الأوسط الأمريكي تحليلاً جديداً، حول الأوضاع في اليمن، واستمرار الحوثيين في تهديد الموانئ وشركات النفط اليمنية.
وخلصت الكاتبة فاطمة أبو الأسرار، وهي باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط، إلى أن استمرار الحوثيين بالمطالبة بعائدات النفط والغاز وتهديد الموانئ جنوبي اليمن يزيد من مخاوف تصاعد النزعة الانفصالية بأن العائدات يتقاسمها النخب في المحافظات الشمالية ما يفتح الباب لحرب أهلية في المستقبل على أساس شمالي/جنوبي.
وأشارت إلى أنه أصبح من المحبط بشكل متزايد بالنسبة للعديد من اليمنيين أن “ميليشيا الحوثي حرة في فرض إرادتها السياسية والعسكرية على جزء كبير من البلاد، في حين أن المجتمع الدولي ليس لديه رد فعال”.
وقالت إن الحوثيين يريدون الحصول على عائدات النفط والغاز لزيادة جهود الحرب. ولفتت إلى أنه يجب الضمان أن “تستخدم الموارد الوطنية لليمن للتنمية الاقتصادية والاحتياجات الإنسانية بدلا من تحويلها نحو الحرب”.
وأضافت: موارد النفط والغاز ليست سلعة يجب تقسيمها بين النخب السياسية. يجب توزيع الفوائد المستمدة من هذه الموارد وغيرها من الموارد الوطنية القيمة بشكل عادل ومنصف بين الشعب اليمني، مع مساءلة الحكومة عن استخدامها وصرفها على المواطنين. ويجب ألا يسمح للميليشيات بلعب دور في هذه العملية.
ثانيا، تقول فاطمة أبو الأسرار: تحتاج الأمم المتحدة إلى التأكد من أن قدرة الحوثيين على شن ضربات المواجهة – سواء بالصواريخ أو الطائرات بدون طيار – لا تترك دون رادع. هناك حاجة إلى رد حاسم من قبل مجلس الأمن الدولي إذ استخدام الحوثيين في الماضي لمثل هذه التكتيكات المزعزعة للاستقرار.
وينشر “يمن مونيتور” ترجمة خاصة للتحليل..
حظر يفرضه الحوثيون على صادرات النفط اليمنية
في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، شن الحوثيون المدعومون من إيران هجوما بطائرة مسيرة على ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت اليمنية. كان هذا هو الهجوم الثاني الذي شنوه على هذه المنشأة بالذات والثالث من نوعه على موانئ النفط اليمنية في الشهرين الماضيين. ويأتي التصعيد بعد انتهاء هدنة اليمن مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي رفض الحوثيون تجديدها. لا يزال خطر شن المزيد من الهجمات على الموانئ النفطية والأهداف العسكرية مرتفعا حيث تختبر الجماعة المسلحة تسامح وردة فعل الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي مع زيادة مطالبها.
استند رفض الحوثيين للهدنة مع الحكومة اليمنية إلى ثلاثة عوامل أساسية. الأول هو عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق رفع الحصار عن مدينة تعز لأن سيطرتهم على المدينة تبقي الضغط على خصومهم وتمنحهم نفوذا متزايدا في أي مفاوضات سلام. والثاني هو عدم الاهتمام بعملية السلام نفسها حيث أن الوضع الراهن يمنح الحوثيين إمكانية الوصول إلى الموارد اليمنية دون الالتزام باتفاق لتقاسم السلطة يهدد احتكارهم السيطرة على المحافظات الشمالية. والثالث هو الرغبة في العودة إلى العنف في أسرع وقت ممكن لأن هذا التكتيك أثبت أنه يمنحهم اليد العليا في المفاوضات. في غضون 48 ساعة من انتهاء الهدنة، حذر المتحدث العسكري للحوثيين عمال النفط في السعودية والإمارات وشدد على مغادرتهم البلاد إذ تستعد الجماعة المسلحة لشن هجماتها.
ولتنفيذ تهديداتهم، فرض الحوثيون حظرا على صادرات النفط من خلال مهاجمة الموانئ اليمنية. كان هذا جزءا من عملية أوسع للضغط على الحكومة الوطنية لتقاسم الموارد الاستخراجية في المناطق التي لا تسيطر عليها قوات الحوثيين. كما ذكر الهجوم دول الخليج، التي أبدت استعدادا للانخراط في عملية السلام، بأن الحوثيين يمكنهم شن هجمات بطائرات بدون طيار على أهداف ضعيفة دون أي خطر من الانتقام. في حين أن غارة الطائرات بدون طيار على الضبة لم تسبب أضرارا مادية كبيرة للبنية التحتية لمحطة النفط، إلا أنها أجبرت ناقلة على مغادرة الميناء دون أن تحمل شحنتها من صادرات النفط من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة.
يطالب الحوثيون الحكومة اليمنية بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بمن فيهم أعضاء ميليشياتهم الذين يقاتلون التحالف. هذا الطلب غير المعقول يعكس سلوك جماعة الحوثيين في مسائل أخرى ويعكس وجهة نظرها بأن لها الحق في الحصول على موارد الدولة. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن معظم النفط المصدر من المحطات الجنوبية في اليمن يتم ضخه من الحقول في الجزء الجنوبي من البلاد، فإن هجمات الحوثيين يمكن أن تعيد إشعال المظالم التاريخية بشأن توزيع الموارد. وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الصراع بين الشمال والجنوب – لا سيما بالنظر إلى التصور العام الموجود مسبقا من قبل الجنوبيين بأن مواردهم تتعرض بالفعل للنهب من قبل النخب الشمالية.
وفي الوقت نفسه، يعتبر الحوثيون أنفسهم فوق المساءلة عن الموارد المالية والطبيعية في المناطق التي يسيطرون عليها. إنهم يجمعون ملايين الدولارات من الإيرادات التي يحققها ميناء الحديدة على البحر الأحمر. كما احتجزوا ناقلة النفط المتحللة صافر في البحر الأحمر رهينة، ولم يسمحوا لمسؤولي الأمم المتحدة بتفتيشها، كشكل من أشكال الضغط لتعزيز موقفهم التفاوضي. في الآونة الأخيرة، توصلت الأمم المتحدة إلى اتفاق مع الحوثيين لنقل النفط إلى ناقلة أخرى لتجنب أزمة وشيكة. لكن لا يزال من غير الواضح كيف سيتم حل مسألة تقاسم الموارد من هذه الناقلة.
يسيطر الحوثيون على موارد تجارية كبيرة في ظل ظروف احتكارية، تسمح لهم بجمع الإيرادات الوطنية من الأراضي والكهرباء والمياه ومرافق الإنترنت والشركات وشركات الاتصالات الموجودة في الأراضي الخاضعة لسيطرتهم. يتم تحويل تدفقات الإيرادات هذه لتمويل المجهود الحربي للحوثيين، مما يحرم بقية السكان من الخدمات الحيوية، بما في ذلك الصحة والتعليم. ونتيجة لذلك، تعتمد المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين على المساعدات الإنسانية لأداء وظائف الدولة العادية. إن تركيز الحوثيين على موارد النفط والغاز الطبيعي مدفوع بالرغبة في تمويل قوتهم وقدراتهم، خاصة في الوقت الذي يتصارع فيه ممولهم الأجنبي التقليدي، إيران، مع الاضطرابات الداخلية.
الحوثيون ينددون بالمخاوف الغربية
أدانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الهجوم الإرهابي الأخير بطائرة بدون طيار للحوثيين، وحثت الجماعة المسلحة على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي. سخرت قناة “المسيرة” الإخبارية التي يسيطر عليها الحوثيون من موقف المجتمع الدولي من خلال الرد قائلا: “الضجيج الذي أحدثته الدول الغربية وسفراؤها بعد العملية لن يغير شيئا”. وأكد العضو الحوثي البارز في الوفد المفاوض، عبد الملك العجري، أن “التصريحات الغربية حول العمليات [الحوثيين] تفتقر إلى أي قيمة سياسية”، مضيفا أن “الوقت الذي يحدد فيه الغرب خطوطه الحمراء في المنطقة والعالم قد ولى منذ زمن طويل”.
لسوء الحظ، تفسر قيادة الحوثيين جهود أي جهة فاعلة أخرى نحو السلام على أنها مؤشر على النفور من المواجهة العسكرية. ويعزز هذا الرأي حقيقة أن الحوثيين، مرارا وتكرارا، قادرون على شن هجمات غير مبررة دون التعرض لأي أعمال انتقامية، عسكرية أو غير ذلك، بسبب الالتزام الدولي الساحق تجاه السلام الذي يركز على تقييد الإجراءات السعودية في اليمن. علاوة على ذلك، بينما يلاحظ الحوثيون رد العالم الفاتر إلى حد كبير تجاه إيران لتزويد روسيا بطائرات قتالية بدون طيار في صراعها مع أوكرانيا، تفترض الجماعة اليمنية بشكل متزايد أنه لا توجد سياسات أو آليات دولية يمكنها إيقاف أو الحد من استخدامها لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار الهجومية.
وعلى هذا النحو، فإن خصوم الحوثيين في وضع غير موات – غير قادرين على مواجهة سلوك المسلحين في الحرب اليمنية أو الحد منه أو التأثير عليهم. تمثل الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية فرصة حوثية خالية من مخاطر للتصعيد، ويرى الحوثيون أن هذا أحد أعظم إنجازاتهم في مجال الردع. وعلى سبيل التوضيح، أعاد الحوثيون نشر مقال نشرته مجلة ثقافية يهودية على موقع محطتهم التلفزيونية على الإنترنت درس فيه قيود الحرب التقليدية ردا على الطائرات بدون طيار التي زودتها بها الجماعة من إيران. وقد فسر الحوثيون عنوان المقال الموحي، “Overmatch”، بشكل خلاق على أنه شهادة أوسع على قوتهم التي يزعم أنه لا يمكن ردعها. لقد أصبح من المحبط بشكل متزايد بالنسبة للعديد من اليمنيين أن ميليشيا الحوثي حرة في فرض إرادتها السياسية والعسكرية على جزء كبير من البلاد، في حين أن المجتمع الدولي ليس لديه رد فعال.
أشار المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ إلى آثار هجمات الحوثيين على الاقتصاد اليمني في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني. ومع ذلك، على الرغم من اعتراف الأمم المتحدة بتعنت الحوثيين، إلا أنه يمكن فعل الكثير للضغط عليهم للتخلي عن مطالبهم المتطرفة. الأول هو ضمان استخدام الموارد الوطنية لليمن للتنمية الاقتصادية والاحتياجات الإنسانية بدلا من تحويلها نحو الحرب. موارد النفط والغاز ليست سلعة يجب تقسيمها بين النخب السياسية. يجب توزيع الفوائد المستمدة من هذه الموارد وغيرها من الموارد الوطنية القيمة بشكل عادل ومنصف بين الشعب اليمني، مع مساءلة الحكومة عن استخدامها وصرفها على المواطنين. ويجب ألا يسمح للميليشيات بلعب دور في هذه العملية. ثانيا، تحتاج الأمم المتحدة إلى التأكد من أن قدرة الحوثيين على شن ضربات المواجهة – سواء بالصواريخ أو الطائرات بدون طيار – لا تترك دون رادع. هناك حاجة إلى رد حاسم من قبل مجلس الأمن الدولي إذ استخدام الحوثيين في الماضي لمثل هذه التكتيكات المزعزعة للاستقرار لتعزيز أهدافهم التفاوضية قد أخرج عملية السلام مرارا وتكرارا عن مسارها.
ما الذي يمكن عمله؟
وبالنظر إلى نفور المجتمع الدولي من التدخل العسكري في الصراع اليمني والدفع العام لتحقيق السلام، يعتقد الحوثيون أن استئناف الحرب يمكن أن يكون بمثابة الوسيلة الأساسية لتنفيذ مطالبهم. وبالنسبة للمجتمع الدولي، فإن فهم أن هذا التكتيك الحوثي لن يتوقف يتطلب صياغة استراتيجية ردع أكثر قوة.
وفي الوقت نفسه، يجب على صانعي السياسات الانتباه إلى الترابط بين الصراع في اليمن من جهة وقضاياه العديدة الموجودة مسبقا والناشئة من جهة أخرى، والتي تشمل حملة انفصالية يغذيها إهمال الخدمة العامة في الجنوب إلى جانب التناقضات في المساعدات الإنسانية من قبل المجتمع الدولي الذي يولي اهتماما أكبر للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون أكثر من بقية اليمن. إن مطالبات الحوثيين الجريئة بالأراضي التي لم يحكموها في الماضي ولا يتمتعون بأي حقوق قانونية أو تاريخية يمكن أن تؤجج بسهولة صراعا وطنيا متجددا بين شمال اليمن وجنوبه. إن السيناريو الذي ترضخ فيه الحكومة اليمنية للضغوط لدفع أموال للحوثيين سيمكن الميليشيا من التخلي عن مسؤولياتها على الجبهة الإنسانية وتعزيز التصور بأن الجنوب مهمل، وبالتالي إشعال حرب أهلية جديدة وأكثر حدة في بلد أنهكه بالفعل ما يقرب من عقد من الصراع والعنف.
المصدر الرئيس
The Houthis’ embargo on Yemen’s oil exports