أسرة يمنية من 13 طفلاً تحول غرفة صف إلى منزل
تلتجئ الأسر التي هجرها النزاع في اليمن لأي مكان يوفر لها المأوى، ويقتاتون بما يجدونه، ويعيشون في خوف دائم من العنف المميت المستمر كل يوم.
يمن مونيتور/ إب/ متابعات خاصة
تلتجئ الأسر التي هجرها النزاع في اليمن لأي مكان يوفر لها المأوى، ويقتاتون بما يجدونه، ويعيشون في خوف دائم من العنف المميت المستمر كل يوم.
ونشرت منظمة يونيسف التابعة للأمم المتحدة تقريراً من إعداد رجاء مدهوك وتهاني سعيد عن عائلة يمنية من 13 طفل و والدتهم تعيش في فصل دراسي بمحافظة إب وسط اليمن.
بالنسبة لمريم، ذات 37 عاما، يمثل البقاء على قيد الحياة تحديا يوميا، فالأيام تمر بطيئة، ولكن الألم والهلع يصيبها المساء؛ فأطفالها الثلاثة عشر ينظرون إليها، متأملين أن يجدوا لديها ما يأكلونه، ولكن ليس لديها ما تسد به جوعهم. يتمكن زوجها من إحضار بعض بقايا الطعام من المطعم، ولكنها ليست كافية لإطعام 13 طفلا في سن النمو. تختفي الوجبة في أقل من دقيقة، فيما يزدرد الأطفال بسرعة كلما تقع أيديهم عليه، ولا يسع مريم وزوجها سوى أن يراقبوا أطفالهم بأسى.
هربت مريم مع أطفالها من تعز، المدينة التي شهدت المعارك الأشد دموية منذ تصاعد النزاع في آذار الماضي. ولم يكن أمامها خيار سوى الفرار، آخذوا ما استطاعوا حمله من ممتلكات. وبعد بضعة أيام، وجدت مأوى في غرفة صف في مدينة إب، وهي مدينة تبعد ساعتين عن تعز، وبالرغم من مرور سبعة شهور على نزوحهم، إلا أن حدة الاقتتال لم تخف، ولم يطرأ أي تغيير على وضعهم كنازحين. فمريم، لا تزال تتشارك هي وأطفالها صفا في مدرسة مع 4 أسر أخرى، أي مع 20 امرأة وطفلا آخر. تقول والدموع تملأ عينيها: “أتمنى لو أننا نستطيع العودة، ولكنني أخشى على أطفالي من الإصابة والاقتتال”، وتشير بإصبعها إلى زاوية في الغرفة قامت بترتيب ممتلكاتهم القليلة فيها، وتقول: “أُفضِّل البقاء هنا في هذه الزاوية الصغيرة على العودة إلى تعز”.
تعيش أسرة مريم مع 19 أسرة أخرى في صفوف مدرسة صنعاء مهيدلي، وسط مدينة إب. فلقد هجَّر النزاع أكثر من 2.5 مليون شخص في مختلف أنحاء البلاد، التجأ كثير منهم إلى مدارس كهذه المدرسة. لا يوجد لدى مريم مكان تذهب إليه، ولم يعد بوسع أطفالها أن يحيو حياة طبيعية.
“ليس لدينا مال ننفقه في المحلات. وبفضل اليونيسف، تلقينا هذه المواد”، هذا ما تقوله وهي تشير إلى حقيبة لمواد النظافة العامة تم توزيعها عليها وعلى آلاف الأشخاص غيرها. تتضمن الحقيبة غسول الشعر، وقطع الصابون، والقوارير البلاستيكية، ووعاء صغيرا لغسل الملابس، وفوطا صحية وموادا أساسية أخرى ضرورية للحياة اليومية.
وتضيف: “نحتاج دعما أكثر بكثير، نحتاج لمراحيض أفضل، وحصص غذائية أكثر، ومساحة مناسبة لنعيش فيها”.
احتياجات متزايدة
وتقول المنظمة إنها عملت على توفير إمدادات الإغاثة في حالات الطوارئ في تعز والمناطق الأخرى المتأثرة بالنزاع.
وفي هذا الصدد، يقول خرم جافيد، الذي يرأس استجابة اليونيسف في تعز وإب: “عملنا حتى الآن على تزويد الأسر النازحة بالمياه المأمونة، وحبوب الكلورين، وخزانات المياه، والمراحيض المؤقتة، واللقاحات للأطفال، بما فيها لقاح شلل الأطفال والحصبة، واللوازم الأساسية كحقائب النظافة العامة والأدوية والوقود اللازم لتشغيل مرافق المستشفيات وضخ المياه في شبكات المدينة”. ويضيف: “ولكن يبدو أن الاحتياجات في هذه الأزمة تتزايد يوما بعد يوم”.
وفي بلدة القاعدة التي تبعد 20 كم عن تعز، تلتجئ الأسر لأي مكان يجدونه. التقينا هناك بوجيدة، وهي امرأة في الحادية والعشرين من عمرها، هربت من تعز مع اثنين من أبناء أخيها. تقول وجيدة: “رمى المقاتلون بقنبلة بجانب منزلنا، أصيب على إثرها أحد إخوتي بجراح، ولكنه تعافى بعد وقت قصير”. وتضيف وهي تحضن ابنة أخيها: “في الأسبوع التالي، سقطت قنبلة أخرى وانفجرت قرب منزلنا، متسببة بشق جسم جارنا إلى شطرين. رأى أخي الكبير هذا المنظر، وأصابته حالة من الذهول، لم يتمكن من التعافي منها، وتوفي بعدها لبرهة قصيرة”.
وكما كانت حال مريم، تعيش وجيدة مع 16 شخصا آخر في غرفة صف في مدرسة أساسية في بلدة القاعدة، يدرس أبناء أخيها في خيمة وفرتها اليونيسف، والتي تُستخدم كغرفة صف مؤقتة. وهي تخشى أن يتسبب انفجار بإصابة ابنة أخيها، وتفضل لو أنهم يستطيعون الدراسة في الداخل، ولكن لا توجد مساحة كافية لذلك، حيث احتلت الأسر النازحة جميع الغرف المتوفرة.
وعندما سألناها إن كانت ترغب بالعودة إلى تعز، أجابت وجيدة: “تدمر منزلي بسبب الاقتتال، ولذا فإنني لا أستطيع العودة أبدا. نستطيع إعادة بناء المنزل، ولكن من يعيد لي أخي؟ لقد خسرته للأبد”.