في يومها العالمي… المرأة اليمنية في مواجهة عنف الحرب وانتهاكات الجماعات المسلحة
يمن مونيتور/ من إفتخار عبده
صادف أمس الجمعة الـ 25 من نوفمبر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، بالتزامن مع تعرض المرأة اليمنية للعنف بأنواعه المختلفة في زمن الحرب؛ بسبب تزايد مسؤولياتها وتطور أدوارها داخل المجتمع.
وتتعدد أنواع العنف الذي تتعرض له النساء في اليمن بين العنف الجسدي والعنف الجنسي واللفظي، وحرمانهن من مستحقاتهن كالتعليم والميراث واختيار شريك الحياة.
ويقع عدد كبير من النساء في اليمن ضحايا الحرب إما في القتل عن طريق القنص المباشر أو بالقذائف، وإما عن طريق انفجار الألغام الأرضية التي يزرعها الحوثيون والتي تؤدي إلى الموت أو الإعاقة الدائمة.
ويقول عبد الرحمن برمان (رئيس المركز الأمريكي للعدالة): إن” المرأة اليمنية بشكل عام تعاني من العنف سواء كان قبل الحرب أو بعد الحرب، لكن الذي يفرق هو أنه قبل الحرب كانت هناك مؤسسات لحماية المرأة سواء كانت مؤسسات رسمية أو مجتمع مدني كاتحاد نساء اليمن الذي كان نشيطا بهذا الجانب ومنظمات المجتمع المدني بشكل عام”.
ويضيف برمان لـ ” يمن مونيتور” قبل الحرب كان هناك وجود للقضاء والمؤسسات الأمنية ووجود لمؤسسات الدولة، التي كانت تشكل نوعا من الحماية إلى حد ما وليست حماية كاملة لكن المرأة كانت تستطيع أن تلجأ لهذه المؤسسات لحمايتها”.
وأردف” لكن اليوم، أثناء الحرب، هذه المؤسسات تكاد أن تكون قد تلاشت أو ضعف دورها بشكل كبير جدًا؛ الأمر الذي ضاعف هذه الانتهاكات وأدى إلى إفلات من يمارس هذه الانتهاكات من العقاب”.
وتابع” تبنت الجماعات المسلحة الخطاب العنيف ضد المرأة وممارسات العنف ضدها كالذي أصدرته جماعة الحوثي من منع النساء من السفر بدون محرم؛ هذا أدى إلى أن كثير من النساء تعرضن للمضايقات والمنع من السفر والحجز في نقاط التفتيش”.
نساء رهن الاعتقال
وأشار عبد الرحمن برمان في حديثه لـ “يمن مونيتور” إلى أن” عمليات الاعتقال التي تمت للنساء في زمن الحرب كانت على نطاق واسع، فلم يسبق وأن شهد اليمن عمليات اعتقالات للنساء لأسباب سياسية إلا في زمن الحرب وخصوصًا لدى جماعة الحوثي التي مارست هذا العمل على نطاق واسع”.
وبيَّن أن العنف الذي تتعرض له المرأة إما عنف جسدي، كالضرب الذي يوصل إلى الموت، أو يسبب عاهات، وكذلك العنف اللفظي كالكلمات التي تحط كرامة المرأة وتذلها، والمنع والحرمان من كثير من حقوقها التي يمارس العنف ضدها لمطالبتها بهذه الحقوق، كحقها التعليمي وحقها في الميراث وحقها في اختيار شريك الحياة”.
وأوضح ” نحن لا نستطيع أن نرصد قضايا العنف التي تتعرض لها المرأة اليمنية؛ بسبب غياب المؤسسات وأدوات الرصد الإحصائية فالكثير من النساء لا تلجأ لمراكز الشرطة في كثير من المناطق وذلك خوفًا منها أن تكون الشرطة تابعة لهذه الجهة التي مارست العنف ضدها”.
وواصل” لهذا نحن لا نستطع أن نوجد إحصائيات لنوع أو حجم العنف الذي تتعرض له المرأة بسبب أن أقسام الشرطة لا ترصد، وبسبب عدم قدرة النساء الوصول إليها، والمحاكم أيضا لا تصلها هذه القضايا؛ ولذلك يصعب التنبؤ بإحصائيات هذه القضايا ولكننا نستطيع أن نقول: إن العنف ضد النساء في اليمن تضاعف بسبب الحرب”.
ارتفاع نسبة ضحايا الحرب من النساء
وأكد برمان أنه” في فترة الحرب ارتفعت نسبة الضحايا من النساء بشكل كبير، فاليوم يتم استهداف المدنيين بشكل كبير جدا والنساء يتعرضن لكثير من المخاطر كالقتل أو الإصابة وخصوصا في مناطق التماس كمحافظة تعز التي سقط فيها عدد كبير من النساء”.
واختتم قائلًا” الألغام الأرضية التي زرعتها جماعة الحوثي في المناطق المدنية أدت إلى مقتل وإصابة عدد كبير من النساء فالنساء تشكل عددًا كبيرًا من ضحايا الألغام وهذه المأساة ستستمر إلى المستقبل حتى بعد صناعة السلام واستعاد الدولة وسيكون ضحاياها من المدنيين بشكل كبير ومن ضمنهم النساء”.
في السياق ذاته تقول لبنى القدسي” مدافعة عن حقوق الإنسان”: إن” حملة الـ 16 يوم للقضاء على العنف ضد المرأة، هذه الحملة العالمية تعني للنساء في اليمن الكثير؛
فهي التي يتم من خلالها التوعية بحقوق النساء وبأشكال العنف الممارس ضدهن وآثار ذلك عليهن بشكل خاص والمجتمع بشكل عام”.
وتضيف القدسي لـ” يمن مونيتور” من خلال هذه الحملة يتم التوعية في المفاهيم والثقافات، وتنفيذ أنشطة وبرامج تهدف للتصدي لكافة أشكال العنف واتخاذ اجراءات وقائية لعدم تكرار تلك الممارسات ..بما يضمن احترام حقوق النساء وكرامتهن وحماية ضحايا العنف وتحديد الخدمات التي يجب أن تقدم لمساعدتهن لتجاوز ما تعرضن له من أذى ومخاطر”.
وأردفت” للأسف الشديد اليوم الكثير من النساء فقدت الامتيازات التي كانت قد تحققت لها في الفترة التي سبقت اندلاع الحرب، ومن خلال متابعة شخصية لوحظ ارتفاع معدلات التهديد والتخويف والاغتصاب والتحرش والاستغلال والضرب، وغيره من أشكال العنف الذي يمارس ضد النساء”.
وتابعت “للأسف الشديد لا توجد إحصائيات دقيقة ونسب معينة عن أنواع العنف الممارس ضد النساء والفتيات في اليمن؛ لأنه لا يتم رصد حالات العنف وتوثيقها رسمياً”.
وبيَّنت أنه” من واقع الحال يظهر لنا وجود حالات كثيرة تعرضت للعنف بشتى أشكاله سواء في الإطار الأسري أو على المستوى العام، وأشكال العنف الممارس ضد النساء يتنوع بين العنف الجسدي والعنف الجنسي والعنف النفسي والحرمان من الحقوق والخدمات الأساسية”.
وأشارت القدسي في حديثها لـ” يمن مونيتور ” إلى أن” المرأة في اليمن تعد أول ضحايا الحرب وهي من تحملت تبعاتها على كاهلها؛ بل إن الحرب أضافت لها المزيد من المعاناة والأوجاع”.
تحمل مسؤولية كبيرة
وأكدت أن” النساء في اليمن تحملن مسؤولية الأسر بالكامل نتيجة غياب الرجل لأسباب عديدة، فقد ارتفعت نسبة العنف الممارس ضدها خلال هذه الفترة؛ لأسباب عديدة منها: استمرار إطلاق النار والنزوح والتهجير والتشرد وقصف المنازل وفقدان الرواتب ومصادر الدخل وترك العمل لأسباب مختلفة”.
وواصلت” تسببت الحرب أيضاً في حرمان المرأة من الخدمات الأساسية وفقدان الأمن والاستقرار والتمييز بينها وبين الرجل والنظرة الدونية للمرأة والاستخدام الخاطئ للدين، كما أن التنشئة الخاطئة التي تعطي للرجل كل شيء وأنه صاحب القرار.. وتقدم المرأة باعتبارها مخلوقا ضعيفًا يسير وفق ما يراه الطرف الأقوى.. بالإضافة إلى أن تدهور الحالة الاقتصادية للأسر جعل الكثير من النساء عرضه للعنف”.
وأوضحت” عدم وجود قانون خاص بمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، والتصدي لأشكال العنف؛ كل هذه الأسباب جعلت من النساء عرضه للقتل المباشر وللإصابات المباشرة بالرصاص والمقذوفات والألغام، كما جعلتها عرضة للأمراض المختلفة، كالتعرض للإجهاض والصدمات النفسية وفقدان الأمان والاستقرار، وأيضا فقدان الممتلكات والتعرض للنزوح وترك منازلها والتشرد، وحرمان البعض من ميراثها ومن أطفالها ومن حقوقها الأساسية”.
واختتمت قائلة: إن” الصراع وما ترتب عليه من نزوح وتدهور في المستوى المعيشي جعل الكثير من الأسر تجبر الفتيات على ترك التعليم، كما اتسعت ظاهرة الزواج المبكر والإجباري”.
بدورها تقول نجلاء فاضل” مدافعة عن حقوق الإنسان”، ” يمثل هذا اليوم منطلقا للمطالبة بحقوق المرأة وتمكينها من حقوقها الإنسانية والقانونية، كما أنه مناسبة هامة للتذكير بأن هذه الفئة من المجتمع هي الأشد احتياجا للدعم والمساندة في ظل حرمان كبير من حقوقهن المدنية وتغييبهن عن صناعة القرار ووضع السياسات والبرامج”.
وتضيف فاضل” بلغت الانتهاكات الموجهة ضد المرأة في فترة النزاع الحالي مستوىً لم تشهده اليمن من قبل حيث تلاشت قيم الحماية للنساء، ومورست ضدهن أشكال العنف الجسيمة من اعتقال تعسفي وتعذيب وعنف جسدي ونفسي”.
وتابعت” وجدت المرأة نفسها الضحية الأكثر وجعا في هذه الحرب فهي إما نازحة وشريدة في مخيمات النزوح التي تفتقر لأدنى مقومات المعيشة، وإما هي مكلومة بفقد ابن أو زوج في جبهات قتال لا ناقة لها فيها ولا جمل، وإما معتقلة أو قريبة لمعتقل تقضي السنين وهي تقف على أبواب السجون تطالب بالإفراج عنه”.
وواصلت” التدهور المريع في مستوى الخدمات المعيشية والصحية والتعليمية التي تعاني منه البلاد منذ بداية الحرب جعل المرأة تعيش حياتها في مرارة كبيرة تتمثل في الجهاد الكبير لتأمين حياتها وأسرتها”.