قرية يمنية في حجة تشكو الجفاف وانعدام مياه الشرب
يمن مونيتور/ الوطن المصرية
يعاني سكان مديرية كحلان الشرف بمحافظة حجة، من جفاف غير مسبوق منذ سنوات، ولم يعد أمام الأهالي سوى مياه الحواجز أو السدود المكشوفة بعد تخزين مياه الأمطار بها، يعتمدون عليها في الطهي والشرب، ودفع الكثير منهم إلى بيع الماشية، بفعل شح المياه نتيجة المتغيرات الطارئة والمفاجئة في الطقس والمناخ.
ونقلت صحيفة “الوطن” المصرية، عن المواطن «عمر صالح»، الذي عاش طفولة بسيطة في كنف أسرته الصغيرة بمنزلهم المتواضع في محافظة حجة اليمنية، بالشمال الغربي من العاصمة صنعاء، حتى اتخذت حياته منحى آخر بفعل المتغيرات الطارئة والمفاجئة في الطقس والمناخ وما يحدث من سيول ومواسم جفاف تكبد بلاده خسائر وأضراراً جسيمة، دفعته إلى ترك منزله وذكريات الطفولة والشباب بحثا عن ماء نظيف وحياة أفضل له ولأطفاله الصغار.
منذ نهايات عام 2019، يواجه الشاب اليمني عمر صالح، وأسرته، معاناة من التغيرات المناخية التي تعرضت للتقلبات المناخية من جفاف وسيول بمحافظة حجة، وبحسب روايته، شهد اليمن موجة جفاف واسعة مع تأخر هطول الأمطار، الأمر الذي شكّل مصدر قلق للسكان والمزارعين، وفاقم معاناتهم بسبب تأخر موسم الزراعة، ودفع الكثير منهم إلى بيع الماشية بأسعار زهيدة بعدما عجزوا عن شراء الأعلاف لمواشيهم، وتضررت المحاصيل جراء تلك التغيرات المناخية.
لم يمرّ على اليمن جفاف وقحط كالذي مر عليها في المواسم الماضية، يروي الشاب اليمني الثلاثيني لـ«الوطن»، كيف بدأت معاناة أهل «حجة» حيث كان يأتي هذا التوقيت وقد دخل موسم الحصاد والأمطار، لكن الأمر اختلف هذا العام، الجفاف بات هو سيد الموقف ولم يعد أمام الأهالي سوى مياه الحواجز أو السدود المكشوفة بعد تخزين مياه الأمطار بها، يعتمدون عليها في الطهي والشرب وكل أمور الحياة حيث لا يوجد لديهم مياه مخصصة للشرب، بحسب قوله.
قرار الرحيل بسبب التغير المناخي
مسافة لا تقل عن ثلاث ساعات، يقطعها أهل «حجة»، سيرا على الأقدام في أرض غير ممهدة، للحصول على الماء المخزن في السدود بالمناطق المحيطة بهم، الفتيات والنساء أيضا، لهن نصيبا كبيرا من تلك المعاناة، يخرجن باكرا يحملن فوق رؤوسهن الأواني، «مدينتنا أصبحت مهددة بالعطش بعد الجفاف الحاصل بسبب تغير المناخ، كان لابد من البحث عن مكان جديد لحياة أفضل»، بلهجته اليمنية يروي «عمر» ما آلت إليه الأمور.
في صباح يوم بارد في أكتوبر عام 2019، كانت اللحظات الأخيرة للشاب اليمني وزوجته وطفليه حين قرر أن يغادر من القرية إلى العاصمة صنعاء، هربا من الجفاف ومعاناة الحصول على كوب ماء نظيف، وبحثا عن الاستقرار وتعليم أفضل لأولاده، تاركا خلفه ذكريات الطفولة والصبا مضطرا لذلك.
معاناة يوم الرحيل إلى العاصمة
في تفاصيل يوم الرحيل إلى العاصمة صنعاء بحسب رواية «عمر»، كان الوقت يشير إلى الساعة الخامسة صباحا عندما استيقظ هو وزوجته وحملا طفليهما إلى داخل السيارة وهم يبكون ويشكون من شدة البرد وقبل الصعود إلى داخل السيارة استلم صاحبها مبلغ المشوار الذي يبلغ عشرون ألف ريال يمني، خرجا من كحلان الشرف، القرية الجبلية التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة بحثا عن الحياة.
ثلاث ساعات مضت في طرق وعرة غير ممهدة، حتى وصلوا من القرية إلى المدينة حجة ومن الأخيرة استقل الشاب الثلاثيني وزوجته وطفليه سيارة أجرة لمدة ساعة كاملة، انتظروا حتى امتلأت بالركاب وانطلقوا إلى وجهتهم الجديدة بالعاصمة، بحسب وصفه.
أكثر من 20 مليون شخص لاجئ بيئي سنويا
ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يضطر أكثر من 20 مليون شخص إلى الانتقال داخليًا أو اللجوء عبر الحدود كل عام بسبب تغير المناخ، ويعرف المهاجرون البيئيون أو لاجئو المناخ بأنهم أشخاص يضطرون إلى مغادرة منطقتهم الأصلية بسبب تغييرات مفاجئة أو طويلة الأجل في بيئتهم المحلية أو الإقليمية.
بعد ساعات طويلة، وصل «عمر»، أخيرا إلى العاصمة صنعاء في طرق سهلة لتنسيهم جبال حجة الشاهقة وطرقها المخيفة، كانت عقارب الساعة تشير إلى الساعة الرابعة عصرا بعد رحلة طويلة مليئة بالتعب والسهر، «هناك دخلنا فندق في منفذها الشمالي وبعد يومين بدأنا رحلة البحث عن سكن للإيجار وشراء الأثاث وغيرها من احتياجات المنزل»، يقول الشاب اليمني الذي صار لاجئا بيئيا هربا من الجفاف الذي ضرب محافظة حجة.
الحياة في العاصمة صنعاء
الآن وبعد مرور ثلاث سنوات، تحسنت حياة عمر وطفليه، أنجب مولوده الثالث، والتحق الأولاد بالمدارس ونالوا حقهم في الماء النظيف دون مشقة، ولكن لكل شيء ثمن، «عايشين في معيشة أفضل من حيث الماء والتعليم ولكن نكافح من أجل رسوم الدراسة ومتطلبات الحياة ومتاعبها وايجار الشقة الذي وصل إلى 80 ألف ريال في الشهر الواحد»، بحسب قوله.