غير مصنف

الرئيس بحاح.. وحيداً حين اسقطوه

كان بيان بحاح للناس، الثلاثاء الماضي، بيان يدعو به الناس لدعمه كقائد عصامي بلا حزب وبلا جند وبلا سلاح، لكن الناس صاروا بأنفسهم خارج دائرة الفعل والحسم، وإن استمع الكثير منهم لصوته الجريح المنكسر.

يمن مونيتور/ خاص/ من معاذ المقطري
يحتاج المهندس خالد محفوظ بحاح الى دعم شعبي يعادل الدعم الدولي الذي ناله في نوفمبر 2014 حين نجح في تشكيل حكومته تحت حراب الانقلابيين.
كان بيانه للناس الثلاثاء الماضي، بيان يدعو به الناس لدعمه كقائد عصامي بلا حزب وبلا جند وبلا سلاح، لكن الناس صاروا بأنفسهم خارج دائرة الفعل والحسم، وإن استمع الكثير منهم لصوته الجريح المنكسر.
يقارب هذا التحليل بين قصتين لخالد محفوظ بحاح الاولى: قصة خوضه للسباق بدعم وتأييد دولي لم تحض به حكومة ما في العالم الثالث، والاخرى قصته مع الصدمة!
 صدمة أن يطيح به الرئيس عبد ربه منصور هادي من موقعه كنائب له في رئاسة الدولة ومن موقعه كرئيس للحكومة في آن معا.. وكيف أن بيان رفضه لقرار عزله من المنصبين الرفيعين أراد من خلاله أن ينزف واقفا فحسب كما ينبغي لحصان أسود أمام جمهور شامت لا يرحم..
هادي نفسه لا يرحم. لقد عيّن الفريق الركن علي محسن الأحمر نائبا له بدلا عن بحاح، وأحل الدكتور أحمد عبيد بن دغر محل بحاح كرئيس للحكومة..
فوق ذلك أيّد قرار عزله ببيان رئاسي يُحمّل خالد بحاح الفشل الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية، وإخفاق في “دمج المقاومة وعلاج الجرحى ورعاية اسر الشهداء”، شكل منصات القدح والتخوين بالنسبة لمعسكر الشرعية المحتقن في حربه ضد معسكر الانقلاب.
 
منقذ السلاحف
قدم خالد بحاح من ساحل الديس الشرقية في المكلا، حيث أبناء بلدته المدنيين المسالمين العزل يشكلون اللجان الشعبية لإنقاذ السلاحف من الانقراض حيال الاصطياد الجائر في محمية شرمة البحرية الجميلة.
بوعيه الأخضر الذي تكاثرت بفضله سلاحف، خاض خالد بحاح غمار سباق محموم لا تحكمه قوانين بقدر ما هو مفتوح على المهالك، لكنه الحصان الأسود الذي لم يتقبل بعد فكرة أن يطاح به برمح سام ولئيم أتاه من نقطة النهاية التي أراد بلوغها وقد صار على وشك.
في رفضه لقرار إقالته اعتبر بحاح قبوله بهذه القرارات “تخليا صريحا عن كل المرجعيات الحاكمة للفترة الانتقالية، ومخالفة لأحكام الدستور”.
ذلك أنها أي القرارات “سوف توفر مبرراً للانقلابين، للتشكيك بشرعية الحكومة والمطالبة بالمساواة معها، كطرف ندي لها في كل الإجراءات والتدابير التي ستتخذ سواء لتنفيذ قرارات مجلس الأمن أم بقية الاستحقاقات اللاحقة”.
الحزبان الاشتراكي والناصري لم يوافقا على قرار عزل بحاح لجهة أنه لم يبنى على قاعدة الشراكة والتوافق وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية..
وبحاح نفسه يرى بأن “قبول القوى السياسية بهذا التعيين سيضعها في موقف متناقض مع تمسكها بالمرجعيات، على الأقل المبادرة الخليجية وآليتها ووثيقة الضمانات ومرجعية الدستور”.
الدستور المعطل والتسوية الخليجية على قاعدة الشراكة الوطنية، وتوافقات القوى السياسة “فضلا عن قرار مجلس الامن 2216″، كلها أشياء حشدها بحاح في بيانه بحثاً عن نهاية لائقة في مضمار النهايات القاسية بالنسبة لمن خاضه فردا تكنوقراطيا.
 
يوم أنقذ هادي  
“أقول لكم ولأبناء شعبنا: يا جبل ما يهزك ريح”، هكذا وقف هادي وحكومة خالد بحاح في وجه العاصفة التي ظلت تهدد تشكيلته بالانهيار في نوفمبر 2014.
نسب هادي حكومة بحاح إلى الشعب حين قال إنها “لا تمثل أي حزب أو مكونات أو مذاهب وإنما تمثل اليمن بكل تنوعه شماله وجنوبه شرقه وغربه”.
في ١ نوفمبر نال “هادي وبحاح” تفويضا من المكونات السياسية لتشكيل حكومة كفاءات تبنى على اتفاق السلم والشراكة الذي وقع في ٢١ سبتمبر/ أيلول 2014.
لقد شدد هذا التفويض على دعم أطرافه للتشكيل الحكومي التي سينتهي إليه الرئيس هادي ورئيس حكومته المكلف خالد بحاح، بما في ذلك الدعم الإعلامي، مع عدم الطعن في هذا التشكيل الذي سيعتمد معايير الكفاءة والنزاهة الواردة في اتفاق السلم والشراكة الوطنية شروطا مرجعية له.
  وفر هذا التفويض خيارات واسعة لبحث “هادي وبحاح” المضنى عن كفاءات وطنية تتجاوز الانقسامات القائمة، وتضع اليمن على سكة المستقبل الذي تعثرت خطاه.
مساء الجمعة، صوب العالم أنظاره في اتجاهين بشأن اليمن: عين على “صنعاء” ترصد قرار الرئيس هادي في تشكيل حكومته وتداعيات هذا القرار، وعين على نيويورك ترصد قرار مجلس الأمن الدولي الذي فرض عقوبات على معرقلي العملية الانتقالية في اليمن، وتداعيات هذا القرار.
وكان الاسبوع الأول من نوفمبر قد شكل الزمن الفعلي الذي أستغرقه رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته المكلف خالد بحاح في تشكيل الحكومة الجديدة التي أعلن عنها مساء الجمعة.
وتصاحب تحركات المؤتمر الشعبي العام والحوثيين الرافضة لـ “قرار العقوبات والحكومة الجديدة” في آن فعاليات شعبية بمظاهر مسلحة تلقى رواجا إعلاميا واسعا، في ظل فراغ أمني يصعب معه خروج مؤيدي قرار العقوبات أو الحكومة الجديدة أو كلاهما معا في مسيرات سلمية تعبر عن هذا التأييد.
خلال يومي الجمعة والسبت في الاسبوع الاول من نوفمبر 2014 استنفد صالح وحزبه “المؤتمر الشعبي العام ” معظم أوراقه لهدم التشكيلة الحكومية المقاتلة يومها، ولم يؤدي ذلك الى انهيار الحكومية التي أدت اليمين صباح الأحد.
مساء السبت، كانت مساعي تقويض الحكومة قد بلغت ذروتها وخلف هذا مشهدا ملتبسا لدى الرأي العام حتى أن مجلس الأمن الدولي سارع إلى إصدار بيان دعا فيه القوى السياسية في اليمن إلى” الاتحاد” مؤكدا دعمه للرئيس هادي ورئيس الحكومة الجديد خالد بحاح.
لم يبق لدى صالح سوى ورقة واحدة جد خطيرة كان عليه أن يلعبها اعتمادا على غالبية حزبه في البرلمان الذي توجهت إليه الحكومة لنيل الثقة.
من جانب آخر أصر الحوثيون يومها على تعديل حكومي يطيح بأربعة وزراء لا يروقون لهم، إذ كانت الجماعة تفرض نفسها كسلطة أعلى من سلطة الرئيس هادي.
المساعي “المؤتمرية الحوثية” للإطاحة بحكومة بحاح صاحبها تحركات شعبية بمظاهر مسلحة منددة بـ”قرار العقوبات وحكومة بحاح ” في آن.
صباح الأحد وقفت حكومة المهندس خالد بحاح في دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء لأداء يمينها الدستوري أمام الرئيس هادي.
 كانت الأنباء تتحدث عن تشكيلة حكومية تعرضت لانهيار كبير خلفه اعتذار عدد من الوزراء المستقلين عن المشاركة وانسحاب آخرين من حزب المؤتمر الشعبي العام.
من قوام التشكيلة الوزارية التي تألفت من ٣٦ وزيرا اعتذر ثلاثة وزراء فقط عن المشاركة وثلاثة غابوا لدواعي سفرهم خارج البلاد، فيما وقف٣٠ وزيرا لأداء يمينهم الدستوري أمام الرئيس هادي الذي بدا صامدا للشعب.
لقد ضم هذا التشكيل ٢٦ وزيرا جديدا يصعد لأول مرة وبينهم أربع نساء ومثلهم شباب، فيما يقدم ٦٠ % من الوزراء الجدد أنفسهم كوزراء مستقلين وغير منتمين لأي تيار سياسي.
فيما كان قرار العقوبات الصادر من مجلس الامن بشأن المهددين لسلام واستقرار اليمن والمعرقلين لعمليته السياسة يمضي بوتيرة عالية.
بالتزامن مع تشكيل الحكومة صدر قرار مجلس الأمن الذي فرض عقوبات على الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح واثنين من قادة جماعة الحوثي هما عبد الخالق الحوثي وعبد الله الحاكم.
قضت هذه العقوبات بتجميد اصول الأشخاص الثلاثة ومنعهم من السفر لـ”تهديدهم سلام واستقرار اليمن وعرقلتهم للعملية السياسية”.
اصطدم التأييد الدولي الواسع لتشكيلة بحاح الحكومية بمواقف الرفض والصمت التي أبداها اللاعبون الرئيسون في الداخل حيال هذا التشكيل الذي جاء إعلانه متزامنا مع قرار العقوبات الصادر عن مجلس الأمن.
بعد ساعات من قرار العقوبات سارع صالح وحزبه إلى عقد اجتماع استثنائي للجنة الحزب الدائمة، معلنا من خلاله عده قرارات أهمها عدم المشاركة في الحكومة الجديدة والاطاحة بالرئيس عبدربه منصور هادي من منصبه كأمين عام للحزب، إلى جانب الراحل عبد الكريم الإرياني، كنائب ثان له في قيادة الحزب.
كان الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي عينه هادي رئيسا للحكومة خلفا لخالد بحاح ممن يقودون بحماس معسكر الإطاحة بـ”هادي” من المؤتمر بقدر ما كان صديقا مقربا لعبد الملك الحوثي قائد جماعة الحوثيين.
 يومها أعيد بث قناة “اليمن اليوم” التي اوقفها الحرس الرئاسي التابع للرئيس هادي قبل ذلك بأشهر.
وشدد بيان الجماعة على “ضرورة تعديل هذه التشكيلة وإزاحة من لم تنطبق عليه المعايير المنصوص عليها وفي مقدمتها معايير الكفاءة والنزاهة والحيادية” الواردة في اتفاق السلم والشراكة.
وتحدث الحوثيون في بيانهم عن إعادة إنتاج “هادي وبحاح” لبعض الوجوه والدفع بأخرى”، على الرغم من تورطها في ملفات فساد البعض لدى الأجهزة الرقابية”.
 
مؤيدوه في السباق  
الأهم في مسيرة خالد بحاح قصة تشكيله العسير لحكومته التي أنقذ بها سلطة الرئيس هادي حين كان هذا الأخير لا يأتمر بأمره حزب ولا قبيله بما في ذلك عشيرته الاقربين..
يومها لاح خالد بحاح قمرا في ليلة ظلماء رزح تحتها هادي ورجاله الخائفين الشاردين حوله، وتحت كتلة تاريخية ملتهبة يدحرجها الانقلابيون لسحقه في صنعاء.
ما من ترحيب دولي نالته حكومة ما في العالم الثالث أسرع وأقوى من التأييد الذي نالته حكومة خالد بحاح بل أنها جاءت برعاية دولية.
فإلى جانب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بن عمر كان سفراء مجموعة الدول العشر “الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الاوربي”، كانوا يعملون جنبا إلى جنب مع ممثلي المكونات السياسية اليمنية لبلوغ التشكيلة الحكومية التي رفضتها بعض الأطراف اليمنية فيما أيدها العالم تباعا.
  وقال بن عمر في تصريح لـ”سبأ” لدى مغادرته صنعاء إن “زيارته الأخيرة التي استغرقت ١٥يوما، ركز فيها مع المكونات اليمنية على التسريع في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية بما فيها توافق الأطراف السياسية على آلية تشكيل الحكومة”.
يقول بن عمر إن الأطراف السياسية جميعها عملت أثناء زيارته هذه بجدية وبروح بنائه للتوصل إلى صيغة مرضية للجميع بخصوص تشكيل حكومة كفاءات وطنية.
 في الوقت نفسه دعا كافة الأطراف إلى تنفيذ التزامهم بتقديم كافة أشكال الدعم الضروري لمساعدة حكومة السلم والشراكة الوطنية على تنفيذ المهام المناطة بها واستكمال استحقاقات المرحلة وصولا للتحضير للاستفتاء على الدستور الجديد والانتخابات القادمة.
 
دعم خارجي لا محدود
حظيت حكومة بحاح بمباركة الأطراف الدولية بلا استثناء، إذ رحب بها سفراء مجموعة الدول العشر بعد ساعات قليلة من ذلك الإعلان، واعتبروا ذلك “خطوة هامة لتحقيق تطلعات الشعب اليمني عبر حكومة من الكفاءات التي ستعمل على مواجهة التحديات الاقتصادية والانسانية والامنية المتعددة التي تواجه اليمن”.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) إعلان تشكيل حكومة بحاح خطوة إيجابية نحو الاستقرار السياسي والسلام في البلاد، فيما أكد الناطق الرسمي باسم المجلس القومي في البيت الأبيض (برناديت ميهان)، في بلاغ صحفي التزام بلاده بمواصلة دعم كل اليمنيين، قائلاً إنه “ينبغي على الحكومة أن تعكس قوة ووحدة الصف اليمني وليس المصالح الفردية والحزبية”.
 ورحب الاتحاد الاوربي بإعلان حكومة بحاح، وأعتبر في بيان لممثلته العليا للشؤون الخارجية والسياسية (فدريكا موغيريني) ونشر على الموقع الرسمي للاتحاد أن تشكيل الحكومة “خطوة حاسمة لتقديم الكثير من الاحتياجات الاقتصادية والاصلاحية السياسية باتجاه نجاح ختام فترة الانتقال”، وكذا دعت المملكة المتحدة كافة الأحزاب والجماعات السياسية في اليمن إلى العمل مع الحكومة الجديدة وتجنب تقويضها.
 
وحيدا حين اسقطوه
ما من صورة واضحة لحالة بحاح أوضح من الصورة التي كثف بها المحامي خالد سلام توصيفه للحالة حين قال: “يبقى أن خالد بحاح التكنوقراطي المفتقد لأي دعم حزبي السياسي أو قبلي بدا في (بيانه للناس) مشوشا شريدا مذعورا وتائها مثل أي مستقل يجد نفسه فجأة بلا حماية ولا سند في تقاطع قطارات السياسة لحظة اشتداد الصراع ومن هذه الزاوية تحديدا يغدوا الرجل جديرا بكل التعاطف”.
الامور كلها خارج دائرة الدستور والقانون بما في ذلك رئاسة هادي نفسها يقول هائل سلام، على أن “ما يسعف هادي هو الاستفتاء الشعبي الذي اشترطه في لحظة الهام قدري على ما يبدو كأساس لقبوله الترشيح التوافقي للرئاسة..
يرى سلام في مقال له نشره في صفحته على (فيسبوك) أن منصب نائب الرئيس لا أصل له في الدستور بالنسبة للرئيس الانتقالي ولا في المبادرة الخليجية ولا حتى في اتفاق السلم والشراكة..
كما لا معنى لسبق تعيين خالد بحاح إلا في كونه مهد لتقبل تعيين علي محسن ذهنيا ونفسيا وليس دستوريا وقانونيا لدى كثير من الناس.
أما تعيينه كرئيس للحكومة في الأصل فقد جاء استناداً إلى اتفاق السلم والشراكة الإكراهي وبالمخالفة للدستور والمبادرة الخليجية كذلك.
ضمن سبعين منشورا تم رصدها في صفحة المشاركة العامة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، الاثنين الماضي، فأن 13منشورا يشمت بـ”بحاح” ويضمه لمعسكر الانقلابين، فيما ٣٤ منشورا يؤيده بالمطلق وباقي المنشورات اتجهت إلى تأييد الفريق على محسن الأحمر بعصبية حزبية..
تتوزع باقي المنشورات على آراء لا تؤيد ولا تعارض قرار هادي بقدر ما تبدي تعاطفها مع بحاح وتعرب عن مشاعرها ومخاوفها من القادم.
ومساء الثلاثاء، تم رصد خمسين منشورا بشأن القرار وأيضا على “فيسبوك”، وكان 70 % منها تؤيد رفض خالد بحاح لقرارات عزلة.
لا يمكن الاعتماد على هذا النوع من القياس على (فيسبوك) لكن التعاطف مع بحاح أصبح شأناً شعبياً يتكرر سماعه في مجالس “المقيل” والمقاهي والمطاعم الشعبية، خصوصا في الأوساط الشابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى