أزمة قمح عالمية تلوح في الأفق مع انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب
يمن مونيتور/ رويترز-الفرنسية- اسوشيتد برس- الشرق- الحرة
غادرت سفن شحن محملة بالحبوب ومنتجات زراعية أخرى الموانئ الأوكرانية، الاثنين، رغم قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الذي كان يهدف إلى تخفيف أزمة الغذاء العالمية، فيما طالبت موسكو بضمانات أوكرانية بعدم استخدام ممر الحبوب لأغراض عسكرية.
وقال اثنان من التجار في سنغافورة إن مئات آلاف الأطنان من القمح المحجوزة للشحن إلى أفريقيا والشرق الأوسط في خطر، بعد أن انسحبت روسيا، بينما ستنقل صادرات الذرة الأوكرانية إلى أوروبا.
وعلقت روسيا يوم السبت مشاركتها في اتفاق الحبوب الذي ترعاه الأمم المتحدة “لأجل غير مسمى” بعد أن تحدثت عن هجوم أوكراني كبير بطائرات مسيرة على أسطولها في البحر الأسود عند شبه جزيرة القرم.
وباعتبارها أحد الوسطاء في هذا الاتفاق الذي يتيح إعادة تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية، كثّفت تركيا مساعيها الدبلوماسية مع كل من روسيا وأوكرانيا في محاولة لإنقاذه، فيما حذّرت موسكو من أن الاستمرار في تنفيذ الاتفاق دون مشاركتها سيكون “خطيراً”.
فيما اعتبرت الولايات المتحدة الاثنين أن مطالبة موسكو كييف بعدم استخدام ممر تصدير الحبوب لأغراض عسكرية “ابتزاز جماعي”.
وقال برايس، في مؤتمر صحفي، إن “عدم تراجع روسيا عن تعليقها لمشاركتها في اتفاق الحبوب سيكون ضربة للعالم كله”.
بعد أن غادرت سفن شحن محملة بالحبوب ومنتجات زراعية أخرى الموانئ الأوكرانية الاثنين، بمساعدة تركيا، أحد أطراف الاتفاق، حذّرت روسيا من أن الاستمرار في تنفيذ الاتفاق دون مشاركتها سيكون خطيرا.
وقال الجيش الروسي الاثنين إنه يريد “التزامات” من أوكرانيا بعدم استخدام ممر تصدير الحبوب لأغراض عسكرية، وطالب الأمم المتحدة، الضامنة للاتفاق بالتدخل للحصول على هذه “الضمانات”.
ومن بين السفن المغادرة “إيكاريا إينجل” التي استأجرها برنامج الأغذية العالمي والمحمّلة 30 ألف طن من القمح المخصصة للاستجابة لحالات الطوارئ في القرن الإفريقي، بحسب موقع “مارين ترافيك” المتخصص.
وكتب منسق الأمم المتحدة لمبادرة الحبوب الأوكرانية أمير عبد الله صباح الاثنين على تويتر “لا ينبغي أن تصبح أي شحنة مدنية هدفاً عسكرياً أو أن تُحتجز رهينة. الطعام يجب أن يمر”.
وفي المجموع، كان من المقرر أن تغادر 12 سفينة الموانئ الأوكرانية الاثنين، ويفترض أن تتجه 4 سفن أخرى إلى البلاد، وفقاً لمركز التنسيق المشترك الذي يشرف على الاتفاق الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة.
وقالت روسيا، الاثنين، إن الاتفاق لم يعد قابلاً للتنفيذ تقريباً، نظراً لاستحالة ضمان سلامة الشحن، لكن مشاركين آخرين استمروا في تنفيذ الاتفاق، وقالت فرنسا إنها تجري محادثات مع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية تعزيز صادرات الحبوب الأوكرانية عبر طرق برية.
وأعلن متحدث باسم الإدارة العسكرية في أوديسا أنه تم نقل كميات قياسية بلغت 354 ألفاً و500 طن من المنتجات الزراعية، على متن السفن التي غادرت الموانئ الأوكرانية، الاثنين.
لكن الشحنات يمكن أن تتوقف مرة أخرى، على الأقل إذا توقفت شركات التأمين عن تأمينها. وقالت شركة أسكوت للتأمين التابعة لمجموعة لويدز أوف لندن الاثنين، إنها أوقفت إصدار وثائق التأمين للشحنات الجديدة باستخدام ممر الحبوب الأوكرانية.
جدل وانسحابات
وذكر كريس ماكجيل رئيس قسم الشحن بشركة أسكوت لوكالة رويترز “من اليوم (الاثنين) نتوقف مؤقتاً عن إصدار الوثائق لشحنات جديدة حتى نفهم الموقف بشكل أفضل.. (وثائق) التأمين التي صدرت بالفعل لا تزال قائمة”.
من جانبه، أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاثنين خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أن أوكرانيا عازمة على “البقاء ضامناً للأمن الغذائي العالمي” ومواصلة صادراتها من الحبوب.
وكتب زيلينسكي على تويتر: “تحدثت مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. أكّدت التزام أوكرانيا باتفاق الحبوب”.
وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة مارتن جريفيث، الاثنين، إنه لم تكن هناك سفن تبحر في ممر الحبوب في البحر الأسود ليلة 29 أكتوبر، وهو اليوم الذي قالت روسيا إن سفنها تعرضت فيه لهجوم في خليج سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم.
فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس الاثنين إن وقف روسيا لمشاركتها في مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، والتي توسطت فيها الأمم المتحدة، له “آثار ضارة فورية” على الأمن الغذائي العالمي وإن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بسبب حالة عدم اليقين المتعلقة بالاتفاق.
وتأتي حركة الملاحة البحرية بعد يومين من إخطار روسيا الأمم المتحدة وتركيا بتعليق مشاركتها في اتفاق نقل الحبوب، بعدما اتهمت موسكو أوكرانيا بشن هجوم “كبير” بمسيّرات على أسطولها في البحر الأسود في شبه جزيرة القرم. لكنّ أوكرانيا اعتبرت الاتهامات الروسية بأنها “ذريعة كاذبة”.
وانسحبت موسكو أيضاً من عمليات تفتيش السفن التي كانت إلزامية بموجب الاتفاق. وبعد أن علقت روسيا مشاركتها في برنامج شحن الحبوب، اتهمت الولايات المتحدة روسيا باستخدام الغذاء كسلاح، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن موسكو “تبتز العالم بالجوع”.
ونفت روسيا هذه الاتهامات. لكن استئناف شحنات الحبوب الأوكرانية الاثنين، يشير إلى أن موسكو لم تحاول فرض حصار جديد.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، أن تركيا “عازمة على مواصلة الجهود”، والدفاع عن اتفاق صادرات الحبوب الأوكرانية “رغم التردد الروسي”.
وقال الرئيس التركي أحد رعاة الاتفاق الذي وقع في 19 يوليو في إسطنبول “مع أن روسيا تبدي ترددها لأنها لا تحصل على التسهيلات نفسها (مثل أوكرانيا)، نحن عازمون على مواصلة الجهود خدمة للبشرية”.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لنظيره الروسي سيرجي شويجو، الاثنين، إن على موسكو إعادة تقييم تعليق مشاركتها في اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لاستئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع التركية بشأن فحوى مكالمة هاتفية بين الوزيرين، أن أكار أخبر شويجو بأنه من المهم للغاية أن يستمر اتفاق الحبوب وأن يستمر تطبيقه بشكل منفصل عن الصراع في أوكرانيا.
وكان أكار قال قبل المكالمة الهاتفية “هذا (الاتفاق) يجب أن يستمر. تعليق هذه المبادرة لن يفيد روسيا ولا أوكرانيا ولا أي جهة أخرى”، وحضّ الأطراف على “مراجعة قراراتهم”.
وتم الاتفاق على جدول الشحن ليوم الاثنين من قبل أوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، مع إبلاغ روسيا بالتحركات، على ما قال مركز التنسيق المشترك في بيان مساء الأحد.
وأفاد مصدر مطّلع على الموضوع “بصفتهم إحدى الجهات الموقّعة للاتفاق، طُلب منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة السفن”.