نقترب كل يوم أكثر من اللحظة الأهم في العالم منذ ظهور جائحة كورونا، والأبرز في المنطقة منذ عقود. لحظة انطلاق فعاليات كأس العالم التي تتأهب قطر لاحتضانها، وإدارتها بأفضل شكل، وأبهى صورة ممكنة.
على مدار الأعوام الماضية تحولت قطر إلى ورشة عمل ضخمة في إطار استعداداتها لاستضافة هذا الحدث المهم، والآن مع كل ما نشاهده من تجهيزات نستطيع القول إننا بإزاء معايشة النسخة الأفضل تاريخيا لهذه البطولة.
على أن جوهر فخرنا، ومبعث اعتزازنا الحقيقي هو أن هذا الماراثون العالمي سيجري على أرض عربية لأول مرة؛ فعلى مدار عقود ظلت هذه الفكرة حلما بعيد المنال بالنسبة لنا كعرب؛ بالنظر إلى حجم التعقيدات في ربح مسألة كهذه.
فالفوز بإقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم بالقدرة على الاستجابة لمتطلبات وإمكانات استضافة حدث رياضي بهذا الحجم ليس أمرا سهلا على الإطلاق.
منذ اللحظة الأولى لتقديم ملف استضافة البطولة قبل أكثر من عقد من الزمن، شرعت قطر في الاستعداد والتجهيز لهذا الحدث بوتيرة عالية، وحماس أثار دهشة الجميع، لا سيما المؤسسات الرياضية الدولية التي باتت اليوم تتحدث بوضوح عن نسخة استثنائية من هذه البطولة ذات الشعبية الأوسع في العالم.
في زحام هذا الحدث تتغير تدريجيا الصورة النمطية عن العرب في أذهان العالم. يشع الان من هذه المنطقة التي لطالما وصمت بأرض النزاع، والصراع، والتوتر، وجه آخر عنوانه السلام، والتعايش، وتبادل الأفكار والثقافات.
إن كأس العالم في تعريف آخر هو جسر للتعارف بين الشعوب والأمم، وتقريبها من بعضها أكثر، ولقد أثار إعجابي سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وهو يوضح ذات يوم هذه النقطة بقوله إن الأمر يتجاوز متعة كرة القدم نحو مراحل أسمى تصل بنا إلى التقارب والتعارف بين شعوب العالم.
إنني أشفق على أولئك الذين يعتقدون أن الأمر محض خسارة؛ ذلك أن استحضار المقاييس المادية وإغفال الجوانب المشرقة لاستضافة هذا الحدث هو مجرد تهويم ناتج عن قصر نظر شديد لدى من يتبنون هذه الفكرة، وهم قلة قليلة على أي حال.
أيام قليلة إذن تفصلنا عن هذا الحدث الاستثنائي الذي سيحول قطر إلى مركز لاهتمام العالم، وملاذ لملايين البشر من كل أرجاء المعمورة، وما علينا كعرب إلا أن نحضر أنفسنا جيدا لنكون الأسياد لهذه الحفلة العملاقة، والحلم الذي تحول إلى حقيقة بعد طول انتظار.
راجح بادي سفير اليمن لدى قطر.. نقلاً عن صحيفة “الشرق” القطرية