المواطن أكبر المتضررين.. تداعيات اقتصادية خطيرة لهجوم الحوثيين على موانئ تصدير النفط -تحليل خاص
يمن مونيتور/ خاص:
شن الحوثيون ثلاث هجمات خلال الأيام الماضية منها هجومين على ميناء يوم الجمعة، حسب ما أفاد مسؤولون في الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المسلحة، وهي هجمات تهدد بشكل كبير صناعة النفط والغاز والملاحة في البلاد التي تعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وقالت وزارة النفط والمعادن -التابعة للحكومة اليمنية- إن الحوثيين شنوا هجوماً على “ميناء رضوم لتصدير النفط” والثاني على ميناء الضبة.
وقال المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات إن هجومين على ميناء “النشيمة” أو “رضوم” شنه الحوثيون يومي الثلاثاء والأربعاء.
فيما قالت وزارة النفط إنه رصد تحليق طائرات الحوثيين في محيط ميناء الضبة لتصدير النفط، فيما الهجوم استهدف الباخرة من قبل طائرة مسيرة. وبعد ذلك بنحو 15 دقيقة حصل هجوم على محيط الباخرة ومنصة التحميل.
وأضافت أنه لم ينجم على الهجمات أي أضرار بشرية أو مادية.
لكن الأضرار الاقتصادية على اليمن وصناعة النفط والغاز والملاحة في بحر العرب والبحر الأحمر وخليج عدن كبيرة وعميقة ومؤثرة.
أولاً، النقد الأجنبي وعدم تصدير النفط والغاز
من صعب أن تقبل شركات الشحن أن ترسل ناقلاتها إلى الموانئ اليمنية لتحمل النفط والغاز في ظل تهديد بقصفها. كان التهديد المباشر الذي واجهته الناقلة اليونانية بإسقاط الطائرة المسيّرة بجوارها تأكيد أن من الصعب قبول درجة عالية من المخاطر ليس فقط شركات الشحن الدولية ولكن حتى على مستوى البحارة.
إن فقدان الثقة سهل للغاية بإمكان تهديد بسيط أن يطرد الناقلات، لكن من الصعب استعادة ثقة شركات الشحن من جديد، خاصة بعد أزمة النقل التي حدثت بعد كورونا. وإن كان هناك قدرة للشركات على المخاطرة فإن التأمين سيكون عالي للغاية ما يمكن أن يفوق قيمة النفط.
وهذا ما سينعكس سلباً على الاقتصاد والعملة الوطنية في اليمن، إذ لا تملك الحكومة مصادر دخل أخرى للحصول على النقد الأجنبي، يمثل تصدير النفط والغاز من مناطق الحكومة اليمنية مصدر الدخل الأول المباشر للنقد الأجنبي الذي يغذي البنك المركزي اليمني ويمنحه قدره جزئية في التحكم بقيمة العملة الوطنية.
عدم حصول الحكومة اليمنية على النقد الأجنبي يمنعها من تقديم مزادات بيع العملة الوطنية لدعم شراء المواد الغذائية الأساسية والتي كانت الوديعة السعودية 2 مليار دولار ومبيعات النفط تساهم في تعزيز عملية الشراء؛ سيرفع ذلك قيمة السلع الأساسية لمستوى قياسية ما يزيد من الجوع في البلاد.
كما تمنح العملة الأجنبية تعافي للريال اليمني، الذي ينهار بشكل دائم مع ضعف الاحتياطات. في 2016، بعد عامين من سيطرة الحوثيين على صنعاء تبين سحبهم من البنك المركزي 4.8 مليار دولار من احتياطي البنك المركزي مسبباً أزمة كارثية. على أثره نقل البنك المركزي إلى عدن ومنذ ذلك الحين رفض الحوثيون تسليم مرتبات الموظفين.
ثانياً، ارتفاع تكاليف التأمين
تدفع الهجمات على الموانئ اليمنية في بحر العرب إلى أن تقوم شركات التأمين برفع أسعار التغطية للسفن التجارية التي تبحر إلى بحر العرب وخليج عدن.
خلال سنوات الحرب ارتفعت تكاليف التأمين للسفن العابرة في البحر الأحمر بعد سلسلة هجمات على السفن قُرب المياه السعودية، والألغام المنتشرة، والهجمات الحوثيين على السفن بما في ذلك القرصنة على سفينة إماراتية مطلع 2022م.
ويتزايد التهديد بشن مزيد من الهجمات على السفن التي تحمل النفط والسلع مع الهجمات على موانئ النفط غربي اليمن.
وسنشهد زيارة في تكاليف الإبحار للسفن التجارية المتجهة إلى الموانئ اليمنية خشية أن يوسع الحوثيون من هجماتهم، ما يزيد من ارتفاع تكاليف الأدوية والمواد الغذائية وكل السلع الأخرى التي تمر إلى الموانئ اليمنية بما في ذلك الموانئ التي ليست خاضعة للحوثيين. مما يعني عشرات الآلاف من الدولارات لرحلة تستغرق عدة أيام.
إن قصف الحوثيين للموانئ اليمنية هو تهديد يشمل موانئ ومحطات النفط في السعودية والإمارات، والتهديد للملاحة في اليمن هو تهديد للملاحة الدولية العابرة عبر المياه القريبة من اليمن. ويعد البحر الأحمر أحد أكثر الممرات الملاحية ازدحامًا في العالم المؤدية إلى قناة السويس، حيث يتم إجراء آلاف عمليات العبور سنويًا عبر مضيق باب المندب.
ثالثاً، في تجديد الهدنة
فتحت الهدنة التي استمرت ستة أشهر، وفشل تجديدها مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الطريق أمام انتعاش اقتصادي محدود في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وتشجيع للاقتصاد المحلي على البقاء. لا تعقد هجمات الحوثيين الديناميكيات المحلية والصراع في البلاد فقط بل يدفع إلى عودة الحرب من جديد.
كان الحوثيون قد اشترطوا أن تدفع الحكومة المعترف بها دولياً رواتب الموظفين والجنود في مناطق سيطرتهم من عائدات النفط والغاز والإيرادات التي تتحصل عليها، فيما مجموع العائدات والإيرادات التي يتحصلون عليها يرفضون أي نقاش حولها. اعتبرت الحكومة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي شروط الحوثيين لتجديد الهدنة غير منطقية.
تهدد هجمات الحوثيين بوقف أي تقدم للنقاش حول رواتب الموظفين. كان الحكومة المعترف بها دوليا قد أعلنت إعادة تشكيل وفدها التفاوضي مع الحوثيين قبل أيام من الهجمات الجديدة.