تراجم وتحليلاتغير مصنف

مفاوضات الكويت المرتقبة.. أين تمضي بـ”صالح”؟

تحليل

يبدو أن مختلف الخطوات التي تشهدها الساحة السياسية في اليمن تمهيداً للمفاوضات لا أثر كبير لصالح فيها، مثلما لا يبدو أنه معني بشكل أساسي بقرار التهدئة من عدمه.

يمن مونيتور/ خاص/ من أحمد العرامي
في حين تجري سلسلة متواصلة من الترتيبات بين كل من الشرعية والقوى الانقلابية لوقف شامل لإطلاق النار يبدأ في 10 إبريل الحالي، تعقبه محادثات سياسية تحتضنها الكويت في الـ18 من الشهر نفسه، يخفت حضور صالح تدريجياً، ليصبح أقل اللاعبين تأثيراً، بينما تقول بعض التحليلات إن التسوية السياسية قد تمضي صوب التضحية به.
واليوم، قال بيان سياسي لمكتب أنصار الله، إنه “وفي سياق التفاهمات الأولية التي تؤدي إلى وقف شامل للأعمال العسكرية، فقد تم التوافق على استمرار التهدئة على طول الشريط الحدودي بما في ذلك جبهة ميدي الحدودية ووقف الاعمال العسكرية في عدد من المحافظات، كخطوة أولى مع وقف التصعيد العسكري في بقية المحاور”.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد من تصريحات لكل من ولي ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، ووزير خارجية المملكة عادل الجبير، أفادت أن المفاوضات مع وفد الحوثيين المتواجد في الرياض حاليا، تمضي قدما، فيما قال وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي أن الحكومة قدمت اسماء ممثليها في المفاوضات المزمع عقدها في الكويت في منصف إبريل الحالي.
ويبدو أن مختلف الخطوات التي تشهدها الساحة السياسية في اليمن تمهيداً للمفاوضات لا أثر كبير لصالح فيها، مثلما لا يبدو أنه معني بشكل أساسي بقرار التهدئة من عدمه.
ويرى مراقبون أن صالح وحزبه سيذهبون إلى محادثات الكويت ولكن كظل للحوثي، وليس طرفاً رئيسياً فيها.
ومن المنتظر أن تناقش المحادثات، وفقاً لولد الشيخ، خمس نقاط أساسية هي: الانسحاب، وتسليم السلاح، والترتيبات الأمنية، والحل السياسي، وإنشاء لجنة لإطلاق سراح السجناء والأسرى.
ولا يعرف أي من هذه النقاط سيكون صالح معنياً به بدرجة أساسية، أو مشاركاً فيه بشكل فاعل، فبالرغم من اعتراف صالح بالتحالف مع الحوثيين والمشاركة في الأعمال القتالية، فإنه لا يعترف بشكل رسمي بوجود مليشاوي أو عسكري له ولحزبه في المدن والمؤسسات.
وما يعرف بـ”الحرس الجمهوري” التي ما زالت تحت سيطرته، والتي تقاتل إلى جانب الحوثيين، ليس ثمة إشارة من قريب أو من بعيد إلى إمكانية مناقشة وضعها في إطار المفاوضات المزمع عقدها. كما لا توجد أي إشارة إلى السلاح الذي يسيطر عليه صالح _عبر هذه القوات أو غيرها_ بما في ذلك مخازن الأسلحة من رصاص الكلاشينكوف إلى الصواريخ البالستية.
وقدم صالح الكثير من التسهيلات لجماعة الحوثي منذ معاركها في عمران، وساعد في تحييد الجيش وقوات الحرس الجمهوري التي تخضع له، من المواجهة معها، ومع ذلك فقد حرص على عدم إبداء أي اعتراف رسمي لمشاركته معها في الانقلاب، قبل أن يستفزه ما لقيه ممثلوه من تهميش خلال مفاوضات جنيف 2.
ومهد ذلك التهميش لاتساع الفجوة بين طرفي الانقلاب، الحوثي وصالح، أو لظهور عداوة بينهما كانت مؤجلةً، ولكن ذلك لم يثني الحوثيين عن المضي في اتخاذ خطوات منفردة، تأسست منذ الاعلان الدستوري الذي خيب آمال صالح في مشاركته للحوثيين في السلطة، ولم تنتهِ بمفاوضات مباشرة سعودية_حوثية، يبدو أنها ستفضي إلى تسوية سياسية، لا يعرف معها أين يضع صالح قدمه، لكنها بالتأكيد ليس في مركز الدائرة.
وتعترف جماعة الحوثي بصالح وحزبه كشركاء في الجبهات، ولكنها لا تعترف بهم كشركاء في سلطة “الامر الواقع”، ولا حتى كشركاء في تقرير مصير الحرب، أو إيقافها من عدمه.
وكان صالح قد دفع بعدد من مقاتلي والوية الحرس الجمهوري الخاضعة لسيطرته، للمشاركة في جبهات القتال، وكان على رأسها اللواء العاشر، واللواء 72، اللذين دفع بهما للقتال في الحدود.
ولا يبدو صالح معنياً بوقف إطلاق النار والتهدئة، كما لا يبدو أن لديه الجرأة الكافية على اعتراض أي خطوة يتخذها الحوثيون منفردين، حتى في تلك القضايا المصيرية بالنسبة لكليهما، فبالرغم من قلقه الواضح من المفاوضات المباشرة بين كل من السعودية والحوثيين، فقد خرج مكتبه ليعلن عن تأييده ودعمه لها.
ولكن صالح لم يستطع أن يخفي قلقه، أو على الأقل غيرته من الحوثيين، وفي حشد كبير من أنصاره في ذكرى عاصفة الحزم، خرج في منصة السبعين ليطالب السعودية بالتفاوض المباشر، وهو المطلب الذي ما فتأ يكرره في أكثر من مناسبة وظهور منذ جنيف 2، وكان حشد أنصاره في 26 مارس/ آذار الماضي، هو آخر أوراقه للفت الانتباه إليه، ولإيصال رسالة للسعودية مفادها: أنا هنا ويمكنكم التفاوض معي.
وفي جنيف 2 شارك ممثلون عن صالح في المحادثات لكنهم وجدوا أنفسهم مهمشين في مفاوضات طرفاها الحوثيون والحكومة الشرعية، والبنود المطروحة فيها لا صلة كبيرة لصالح بها، والتسريبات الإعلامية حينها قالت إن وفد صالح ظلوا منشغلين طوال الوقت بمناقشة مسألة مصير صالح وعائلته، بدلاً من المحاور الأساسية المطروحة للحوار.
وبحسب مصادر مطلعة على ما يدور في أروقة حزب صالح، فإن ثمة قلقاً من إقدام السعودية ومعسكر الشرعية، من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، بالوصول إلى اتفاق تسوية، يفضي إلى التضحية بصالح.
وقبل أكثر من عام من الآن، وأثناء ما كان الحوثيون يخوضون المعارك في عمران، فهمت تسهيلات صالح للحوثيين، ومن ثم تحالفه معهم، كتجسيد واضح لرغبته في استخدامهم لتصفية خصمه الأبرز (التجمع اليمني الإصلاح)، وقواه القبلية والعسكرية ممثلةً في الأحمر: الشيخ والجنرال.
وأمس الأول، أصدر الرئيس اليمني، قراراً بتعيين علي محسن الأحمر، نائباً لرئيس الجمهورية، فيما يبدو أن لهذا القرار علاقة واضحة بترتيبات ما قبل مفاوضات الكويت المرتقبة. إذ قال الرئيس هادي، إنها تأتي لتوحيد معسكر الشرعية الذي لم يعد يحتمل الانقسام والسير في طريقين مختلفين.
وبتواجد الحوثي في واجهة القوة الانقلابية، والأحمر في قمة هرم السلطة الشرعية، يصبح صالح لاعباً من الدرجة الثانية، أو طرفاً ثالثا في معركة بين خصمين لدودين: الحوثي، الأحمر، كل منهما لا يكن مشاعر سياسية “طيبة” لصالح، وإن اختلفت درجة ذلك وطبيعته. واحتمالات ما يمكن أن تؤول إليه.
وعلى أقل تقدير، سيظل صالح ظلاً للحوثي أو تابعاً له في حالة نجاح محادثات الكويت المرتقبة، إذ أن أي حل سياسي تتفق عليه الأطراف اليمنية ويكون للمكونات والأحزاب السياسية حضورها فيه، فإن حزب المؤتمر الشعبي العام، المنقسم على نفسه، سيكون لجناحه الذي يقف على رأسه عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية الشرعي، النصيب الأوفر منه.
وأما أن تفشل هذه المحادثات، فحينها ستكون قد اكتملت الأسباب الموضوعية ليدخل صالح في محادثات مباشرة مع التحالف العربي والشرعية، ليقلب بعدها الطاولة على الحوثيين، ويسهل معركة الحسم الأخيرة، باعتبارها الخيار الأوحد المطروح على طاولة الجميع في حالة فشل المحادثات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى