تأثير احتجاجات إيران على الحوثيين في اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
تستمر الاحتجاجات الشعبية في إيران للأسبوع الرابع على التوالي، وعلى عكس المتوقع تزداد قوة وتأثيراً في النظام. فيما يأمل اليمنيون أن تسبب هذه التظاهرات انكفاء للنظام الإيراني على نفسه ووقف دعم المسلحين الحوثيين في بلادهم.
وتوسعت التظاهرات التي تقودها النساء ضد النظام الحاكم وسُجلت تظاهرات عديدة في 25 مدينة و19 محافظة. وهي احتجاجات تأتي على وفاة الكردية أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس الإسلامي. وقتل “185 على الأقل، بينهم ما لا يقل عن 19 طفلا، قتلوا في الاحتجاجات على مستوى البلاد في أنحاء إيران” -حسب منظمة “هنجاو” الإيرانية لحقوق الإنسان ومقرها النرويج.
ولا يعرف تماما تأثير التظاهرات على وجود النظام الإيراني، لكن خبراء عدة يقولون إنها ستؤثر في بنية النظام الأيدلوجية أو تخلق له تحديات طويلة في العقد المقبل إن نجح في السيطرة عليها أو احتوائها، خاصة بعد التغيرات المناخية التي ضربت المزارعين، وفشل الحكومة في مواجهة تحديات الجفاف والمناخ.
حجم التأثير الإيراني ونوعه في المنطقة
وتعد إيران قوة رئيسة في المنطقة، لها نفوذ متعاظم نما خلال العقود الأربعة بقوة وعنف في دول منها اليمن والعراق وسوريا، وقبلها لبنان، عبر حركات مسلحة من المجموعات الشيعية تتبع الحرس الثوري الإيراني، وتعمل وفقا لمبادئ تصدير الثورة المنصوص عليها في الدستور.
وتدعم إيران جماعة الحوثي في اليمن بالأسلحة والمال، بينها الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار التي تستخدمها كسلاح تفوق ضد القوات اليمنية وضرب العمق السعودي والإماراتي.
ويقول الباحث اللبناني رئيس تحرير موقع جاده الإيراني علي هاشم “إن تداعيات أي حدث إيراني كبير لن تكون معزولة عن المنطقة بشكل عام”. ويضيف في مقال له بعنوان له دلالته “تظاهرات إيران: حبس أنفاس إقليمي”
ويضيف هاشم عن تأثيرات ما يجري في إيران بالقول: “تدحرُجِ الأحداث نحو توتر أمني أو عسكري، أو تراجع النظام عن قرار فرض الحجاب وما سيليه من تداعيات، أو حتى تطوّر التظاهرات إلى مستوى تصبح فيه مصدر خطر على أصل وجود النظام، كل هذه السيناريوهات سيكون لها انعكاسها الإقليمي الذي سيعاد تشكيل المنطقة على أساسه، سياسيًّا، أمنيًّا وعسكريًّا.”.
ويحمل هاشم إيران ووكلاءها مسؤولية انهيار ما يسميه جدران الحماية التي كانت تحيط بالمصالح الإيرانية في الدول العربية، مشيرا إلى أن إيران ووكلاءها استبدلت القوة الخشنة والمواجهة المباشرة بالأدوات الناعمة، وصارت المواجهة أمام القلب الإيراني وأي طعنة تصيبه تؤثر فيه وفي الوكلاء. ويعزو هاشم ذلك إلى أن إيران لم تترك أي أثر لها في العراق بعد عقدين تقريباً من نفوذها القوي في ذلك البلد، ولا في الدول الأخرى خاصة بعد اعتبار مشاركتها في الحرب منذ 2011 حربا وجودية.
تأخير إقرار القواعد المنظمة.. من يسعى لإفشال “الرئاسي اليمني”؟! (تقرير خاص)
تأثير الاحتجاجات الإيرانية على جماعة الحوثي
تختلف التوقعات عن انعكاس التأثيرات التي تشهدها إيران على الأوضاع في اليمن، لكن الدلائل تشير إلى أن انعكاس الاحتجاجات قد أرخى ظلاله بالفعل من خلال رفض الحوثي في اللحظات الأخيرة تمديد الهدنة التي انتهت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول. ويقول تيموثي ليندركينغ المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إن الدور الإيراني سلبي في اليمن رغم إعلان طهران عدة مرات الهدنة الأممية التي ابتدأت في الثاني من أبريل/نيسان الماضي ومددت مرتين حتى انتهت في مطلع أكتوبر الجاري.
وفي خطاب عبدالملك الحوثي، يوم السبت، لم يتطرق إلى الهدنة ولا إلى الأوضاع الداخلية، باستثناء فقرة قصيرة بعد خطبة طويلة يدعو فيها إلى مواصلة القتال مادام التحالف (أو ما يصفه العدوان) قائما، ويدعو التحالف في الوقت نفسه إلى إنهاء الحرب وفك الحصار.
ويفسر ذلك على أنه ربما غموض ينبع من طبيعة الموقف الإيراني الذي يحصر دوما هذه القرارات بيد الحرس الثوري الإيراني، وليس بيد الحوثي.
لكن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يقول إن هناك احتمال لأن تقوم إيران بشن هجمات خارجية للفت الأنظار عن الاحتجاجات لا تقتصر ضد الأكراد بل تشمل السعودية عبر الحوثي أو بغيره ولكنها ستكون هجمات ذات طبيعة استعراضية.
ويؤكد مثل هذا التوجه في الهجمات تصريحات قادة الحوثي العسكريين الموجهة أساسا ضد الإمارات والسعودية ، والشركات الاقتصادية فيهما.
ومع ذلك يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود الدكتور خالد الدخيل لـ”يمن مونيتور” إن السعودية قادرة على الرد على إيران بشكل موجع في اليمن إن قررت مهاجمة الرياض بالحوثي.
بينما قالت فاطمة الأسرار الباحثة الأولى في معهد واشنطن للدراسات اليمنية في تصريح لـ”يمن مونيتور” إن “النظام الإيراني يسعى جاهدا لاحتواء الاحتجاجات في إيران بقوة، لكن قوة وكلائه تنخفض أيضا بفعلها، وأشارت إلى أن تأثير إيران يلوح في الأفق فوق رؤوس الحوثي”.
ويعتقد الباحث العراقي فراس الياس في تقرير له عن المعضلة الإيرانية في العراق إلى أن طهران قد تلجأ أيضاً إلى الفوضى السياسية في العراق في مواجهة الولايات المتحدة، بما يؤدي إلى وقف التدفق النفطي قبيل الانتخابات النصفية الأمريكية.
انتهاء الهدنة في اليمن يترك المدنيين خائفين عودة الأيام السوداء
الموقف الأمريكي
ودعمت الولايات المتحدة بقوة الهدنة الأممية ومددت مرتين ويذكرها بايدن باعتبارها أهم منجزاته الانتخابية في معظم خطبه، لكن قرار السعودية -ضمن مجموعة أوبك+- خفض إنتاج النفط ابتداء من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل فسره البيت الأبيض على أنه عملا عدائيا ضد واشنطن من قبل السعودية، وقال بايدن في خطاب له السبت الماضي “للسعودية لم أنته منكم”.
ونشرت مجلة واشنطن اكسمينور في غلافها صورة واضحة لدعم أمريكي لأي هجوم صاروخي إيراني يستهدف السعودية، وعنونته بأن على بايدن أن يمد حبل النجاة لنظام الملالي الإيراني وأن يخون المتظاهرين ضده.
وأثناء المؤتمر الصحفي في ليما، كرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين التزام الولايات المتحدة بـ “العمل عن كثب” مع السعودية في “محاولة لتمديد الهدنة” في اليمن.
ويتوقع على نحو واسع أن أي تأثيرات للاحتجاجات الإيرانية على الوضع في اليمن يمكن أن يبدأ بعد انتهاء فعاليات المهرجان الحوثي باسم المولد النبوي.
لكن مراقبين بما فيهم أعضاء في جماعة الحوثي مثل محمد المقالح يقولون إن الحرب في الداخل اليمني قد توقفت. بشكل أدق يعبر القيادي السابق في الجماعة إلى أن قدرة الجماعة على التحشيد والدفع بعناصر بشرية كبيرة نحو الحرب صارت أقل بكثير عما كانت عليه في السنوات الأخيرة.