تأخير إقرار القواعد المنظمة.. من يسعى لإفشال “الرئاسي اليمني”؟! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
انقضت قرابة ستة أشهر منذ تم الإعلان عن تشكيل مجلس قيادي رئاسي لليمن في السابع من أبريل/نيسان بتنازل الرئيس عبدربه منصور هادي بصلاحياته ومهامه لصالح المجلس، إلا أنه لم يقرر حتى اليوم قواعده المنظمة التي نص عليها بيان “نقل السلطة” أو الإعلان الرئاسي.
وحسب الإعلان الرئاسي فإن على “رئيس مجلس القيادة الرئاسي يعتمد القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة والفريق القانوني والفريق الاقتصادي المشكلين بموجب الإعلان خلال (15) يوماً من تاريخ رفع توصية الفريق القانوني بمسودة القواعد المنظمة وتصدر بقانون”. (المادة 1/م).
وتلقى رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي المسوّدة نهاية مايو/أيار الماضي، وتجاوز المجلس الفترة الممنوحة بموجب الإعلان بعدة أيام.
اقرأ أيضاً.. مهمة استعادة ثقة اليمنيين.. أربع أولويات وتحديات أمام مجلس القيادة الرئاسي (تحليل خاص |
القواعد المنظمة: مصدر للخلافات!
حسب مسؤول يمني كبير قريب من المجلس الرئاسي اليمني فإن معظم الخلافات بين أعضاء المجلس الرئاسي تأتي بسبب غياب القواعد المنظمة: يسيطر عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو المجلس على قرارات المجلس ويرفضها، فيما يبقى رئيس المجلس رشاد العليمي في وضع الإجبار بصفة أن عدن ما زالت تحت سيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي.
وأضاف المسؤول لـ”يمن مونيتور”: أن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات لا يريد إقرار القواعد المنظمة لأنه يتعارض مع مصالحهم ووجودهم.
وتحدث المسؤول شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام.
والمجلس مكون من عدة أطراف متباينة تقاتل الحوثيين، تصاعدت في أغسطس/آب الماضي عندما سيطرت قوات تابعة للمجلس الانتقالي وتمولها الإمارات على محافظة شبوة وطردت قوات الجيش والأمن اليمنيين. اجتمع المجلس للمرة الأولى منذ ذلك الحين في العاصمة السعودية الرياض نهاية سبتمبر/أيلول الماضي بحضور وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان -مسؤول ملف اليمن.
والقواعد المنظمة لا تنظم فقط عمل المجلس الرئاسي وآليات اتخاذ القرار فيه بل أيضاً هيئة التشاور والمصالحة والفريقين القانوني والاقتصادي، وهذه الهيئة والفريقين تتحرك ببطء وكأنها في حالة جمود.
ولم يفشل المجلس الرئاسي في إقرار قواعده المنظمة فقط، لكنه فشل حتى الآن في دمج القوات شبه العسكرية في وزارتي الدفاع والداخلية.
هوس السلطة وسلوك “الميليشيات”.. كيف يجرّ المجلس الانتقالي “الرئاسي اليمني” نحو الفشل؟!
تغييب مقصود
المتغيرات التي تشهدها اليمن منذ تشكيل المجلس الرئاسي في ابريل/نيسان الماضي، تزامن معها كذلك، تأخر إقرار قواعده المنظمة تجعل المحلل السياسي محمد الغابري يجزم بأنه لا مبرر موضوعي لتغييب القواعد تلك، مع أنها تعنى برئاسة الجمهورية الممثلة بالمجلس.
واعتبر في حديثه لـ”يمن مونيتور” أن تغييب القواعد من المعطيات التي تشير إلى أن المجلس يفتقد للحد الأدنى من النظام، مؤكدا أن “الإهمال الحاصل يترك مساحات واسعة للذين عندهم نزعة للفوضى، ليمارسوا هواياتهم في صنع العوائق أمام رئاسة الجمهورية، والعمل عكس اختصاصاتها وصلاحياتها.
يُذكر أن رئيس المجلس القيادي رشاد العليمي، وحكومته، لم يتمكنوا حتى اليوم من الاضطلاع بمهامهم من العاصمة المؤقتة عدن، التي تخضع لسيطرة قوات تابعة لما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”.
غادر “رشاد العليمي” العاصمة المؤقتة عدن في منتصف أغسطس/آب بعد طرد قوات الجيش والأمن من محافظة شبوة وفرض القوات الموالية للإمارات سيطرتها على المحافظة الغنية بالنفط. يدير رئيس الحكومة معين عبدالملك ومسؤولين آخرين شؤونهم من القصر الرئاسي في معاشيق غير قادرين على الخروج إلى مدينة عدن أو المحافظات الأخرى الخاضعة فعلياً لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي.
في وقت يتحرك المجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على محافظتي حضرموت والمهرة شرقي البلاد، بعد أن احكم سيطرته على محافظة أبين المجاورة لحضرموت، ووادي حضرموت غني بالنفط. في الوقت الذي تستمر جماعة الحوثي بالقتال في بعض الجبهات في مناطق سيطرتها والتصعيد، بخاصة بعد فشل جهود تمديد الهدنة.
وسبق أن تحدث الرئيس رشاد العليمي عن وجود خلافات بين أعضاء المجلس، الذين يحاول بعضهم سحب البعض الآخر إلى مربع الصراع، حسب تعبيره.
ذلك السيناريو كان متوقعا منذ أن تم إعلان تشكيل القيادي، يرجع السبب في ذلك إلى التباين بالمواقف بين أعضاء المجلس، الذين تختلف انتماءاتهم السياسية، فضلا عن دعم بعضهم من قِبل قوى بالتحالف العربي كالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يترأسه عيدروس الزبيدي الذي هو أيضا عضوا في القيادي الرئاسي.
هوس السلطة وسلوك “الميليشيات”.. كيف يجرّ المجلس الانتقالي “الرئاسي اليمني” نحو الفشل؟!
إضعاف المجلس الرئاسي
يتفق مع وجهة نظر الغابري، أستاذ إدارة الأزمات نبيل الشرجبي، الذي يقول إن تجربة قيام المجلس جاءت معكوسة أو مقلوبة، فأصبحت قاعدة المثلث في الأعلى وقمة الهرم في الأسفل، وهي الوضعية التي لن يستقر معها القيادي، وسيظل في حاجة دائمة إلى من يمسكه ويتحكم بوضعيته.
وأوضح لـ”يمن مونيتور” وضعية مجلس القيادة وجعله بهذا الحال دون قواعد حاكمة لعمله وقانون، يجعله بصورة مستمرة في يد التحالف العربي، حتى يستطيع التحكم بالقرارات أو بمخرجات العملية السياسية.
ويشير الشرجبي إلى أن هناك بعض الاطراف بالتحالف، تنظر لتركيبة المجلس العددية، بأنها تصب في مصلحة طرف، وهو ما يجعل تلك التركيبة تنقلب على الطرف الآخر، وتتخذ قرارات ليست في الآخر.
موضحا: “أقصد هنا بالتركيبة العددية، هو أن هناك أعضاء في المجلس، يصطفون مع بعض تجاه قضايا معينة، أكثر من البعض الآخر”.
ويعود المحلل السياسي الشرجبي ليؤكد أن بقاء الأمر كما هو عليه، هو مطلب أساس من دول التحالف، مع عدم وجود أي فاعلية أو معارضة أو رفض لذلك المسلك، من قبل كل أعضاء مجلس الرئاسة.
يستعد الحوثيون لعودة الحرب مع رفضهم تجديد الهدنة التي بدأت في ابريل/نيسان الماضي مهددين أي فرصة للسلام مستغلين وضع خصومهم والتباينات داخل المجلس الرئاسي لتحقيق مكاسب، وبدون أي توحد للمجلس الرئاسي كقيادة موحدة لمواجهة الحوثيين فإن الأخير سيستمر في الاستثمار في خلافات معسكر الحكومة/التحالف لكسب الحرب.
هوس السلطة وسلوك “الميليشيات”.. كيف يجرّ المجلس الانتقالي “الرئاسي اليمني” نحو الفشل؟!