في يوم عيدهم.. معلمو اليمن كفاحٌ مستمر للحصول على لقمة العيش!
يمن مونيتور/إفتخار عبده
يصادف الخامس من أكتوبر يوم عيد المعلم، وفي هذا اليوم وغيره من أيام الحرب معلمو اليمن يكافحون لأجل الحصول على لقمة العيش فلا عيد لهم إلا يوم حصولهم على ما يسد رمق حياتهم.
وترك الكثير من المعلمين عملهم في مجال التدريس وذهبوا للبحث عن أعمال أخرى يقدرون من خلالها أن يعيلوا أسرهم التي تعيش أوضاعًا معيشية صعبة في ظل الغلاء المعيشي الحاصل.
وتمسك البعض بعمله؛ لأنه يؤدي رسالته السامية في إخراج جيلٍ يحمل القيم الوطنية الدينية الصحيحة في الوقت الذي تسعى فيه مليشيا الحوثي إلى نشر الجهل والتخلف وجعلها من العملية التعليمية مسخرة كبيرة.
يقول عبد الرحمن مجاهد (معلمٌ في القطاع الحكومي لأكثر من عشرين عامًا)” لم نشعر أن هناك عيد للمعلم لكننا نقوم بعملنا بحب ونشاط، نحن نستشعر بأنها رسالة مقدسة في ظل الحرب المفروضة على وطننا وشعبنا”.
وأضاف مجاهد لـ”يمن مونيتور” المردود من العمل في التعليم ضئيل جدًا لا يكفي لإعالة أسرة، لكنا ما نزال نعمل في التعليم لأننا نرى ما يقوم به الحوثي الإمامي من سياسة التجهيل المتعمد للجيل القادم”.
وتابع” لهذا نستشعر عظمة المسؤلية الملقاة على عاتقنا ونعمل بقدر الجهد وبحسب الإمكانيات المتاحة لخلق بيئة تعليمية مناسبة ونشر الوعي وحراسة الفضيلة وغرس القيم والمبادئ الإسلامية والوطنية العظيمة التي نؤمن بأن فيها الخلاص لوطننا من براثين الاستبداد والظلم الكهنوتي”.
وواصل “كان الراتب قبل الحرب يكفي للعيش بكرامة فقد كان راتبي الشهري يعادل1500ريال سعودي، أما اليوم فهو لايكفي لاستمرار الحياة في حدها الأدنى فراتبي اليوم يعادل 250 ريال سعودي”.
في السياق ذاته يقول نبيل قاسم، ( معلم في القطاع الحكومي منذ ثلاثين عامًا)” تخصيص يوم كعيد للمعلم يعد تكريما وتشريفا له واحتفاء به ولفت لأهمية دوره في الحياة والارتقاء به فلا خير في مجتمع لايقدره فبدونه يخيم الجهل على المجتمعات”.
وأضاف قاسم لـ” يمن مونيتور” أصبحت حال المعلم في اليمن أسوأ حال على الإطلاق فحياته اليوم كلها جهاد في جهاد على كل المستويات ولاسيما المستوى المعيشي”.
وتابع ” تردى الوضع المعيشي في اليمن بالنسبة للجميع وهذا ماعاد سلبًا على القطاع التعليمي وعلى المعلم بالتحديد، خصوصًا في ظل غياب المرتبات من ناحية والغلاء المعيشي من ناحية أخرى”.
ووضح” أحيانا يتبادر لأذهاننا أن نترك التعليم لأن المردود منه أصبح ضعيفًا للغاية بسبب الحرب وما فرضته من معاناة على المجتمع عامة والمعلمين خاصة”.
وأشار إلى أن” هناك الكثير من العملمين من ترك مجال التعليم وسلك مجالًا آخرًا يقدر من خلاله أن يحصل على لقمة العيش لكنا ما نزال مصرين على البقاء في العملية التعليمية لأن ثقتنا بالله لاتزال كبيرة”.
( ترك التعليم والبحث عن مصدر دخل آخر)
من جهته يقول محمد النهاري ( معلم) “لا يمكن بطبيعة الحال أن نوفي المعلم حقه بتسمية يوم للمعلم، ولكن يعتبر ذلك خطوة جيدة نحو إعطاء المعلم حقه من التقدير والتبجيل”.
وأضاف النهاري لـ” يمن مونيتور” حال المعلم في بلادنا حالة مزرية بئيسة خاصة بعد انقطاع الرواتب، تحولت حياة المعلم إلى كفاح مستمر”.
وتابع” قبل الحرب كان المعلم يعان على الرغم من وجود الراتب لكنه لم يك يلبي متطلبات العيش الكريم الذي يليق بالمعلم”.
ووضح النهاري” لقد تدنى تقدير المعلم سواء من جانب التلاميذ أو من المجتمع نفسه.. فقد أصبحت مهنة التعليم مهنة غير مرغوبة لتدني مستوى الأجور فيها”.
وأكد” في زمن الحرب بالتحديد أصبح الحال بالنسبة للمعلم أسوأ بمئات المرات خاصة بعد انقطاع المرتبات وتوجه المعلمون للبحث عن أعمال أخرى لتوفير لقمة العيش”.
وبين” انقطعتُ عن مهنة التعليم مدة ست سنوات، ذهبت أبحث عن فرص بديلة لتغطية النفقات وإعالة أسرتي،وهذا الانقطاع أحدث انفصال شخصي ما بيني وبين مهنة التعليم”.
(ديون متراكمة)
تقول نجلاء القصيص، معلمة متعاقدة في ريف تعز” عيد المعلم هو مجرد يوم عابر يمر دون أن يشعر به المعلم ولا الطلاب”.
وأضافت القصيص” عندما كنت طالبةً على مقاعد الدراسة كان الوضع مختلفًا تمامافقد كانت تقام الفعاليات والبرامج المختلفة التى تحتفي بهذا العملاق صانع الأجيال”.
وتابعت”أما اليوم فالطالب لا يعرف متى يحتفل بعيد المعلم ولا لماذا يجب أن يحتفي به، والمجتمع أصبح مشغولًا بنفسه عن الاهتمام بمثل هذه المناسبة”.
وواصلت” أنا معلمة متعاقدة منذ خمس سنوات أعمل نظرا لحبي لمهنة التعليم كوني أجد نفسي فيها رغم أن العائد المادي منها ضئيل للغاية”.
وبينت” أول عامين لي في التدريس كنت أتقاضى مرتب قدره عشرون ألف ريال بالعملة الجديدة و في العامين التاليين ثلاثين ألفًا وهذا العام حسب قولهم إن منظمة اليونسيف ستتولى مهمة دفع المرتبات لستة أشهر فقط ولكن إلى الان لم نرَ شيئًا من هذا”.
وأشارت إلى أن” الوضع الاقتصادي المتردي أثر كثيرًا علينا نحن المعلمات، هناك من تترك هذه المهنة النبيلة وتركض إلى سوق العمل مضطرة حتى تنقذ أسرتها”.
وتابعت” الكثير من المعلمات لجأن إلى الحرف اليدوية كالخياطة والتطريز وصناعة العطور ونحوها من الأعمال التي تدر دخلًا لهن وهذا كله هروبًا من العمل في المدرسة الذي دخله ما عاد يكفي لشراء كيسٍ من الدقيق “.
وأردفت” للأسف الشديد المعلم في بلادنا يموت وجعا وقهرًا فمرتبه ضئيل للغاية ليس ذلك فحسب وإنما هناك من لم يحصل على هذا المرتب الضئيل نهائيًا”.
وتوضح القصيص في حديثها لـ”يمن مونيتور” اليوم الديون تحاصر ورثة الأنبياء فالحرب قد جعلت من المعلم سلعة قابلة للبيع والشراء
فعندما يكاد الجوع يلتهمه يبحث عن حلول وطرق اخرى تسنده في الحياة وقد لا يجد”.