محبط جداً أن تجهل امور كثيرة من حولك.. تشعر أنك اصم في احتفال كبير لكن الأكثر احباطاً بلا شك أن تجهل الكثير -أو حتى القليل- عن نفسك..
محبط جداً أن تجهل امور كثيرة من حولك.. تشعر أنك اصم في احتفال كبير لكن الأكثر احباطاً بلا شك أن تجهل الكثير -أو حتى القليل- عن نفسك..
أن تعدم الوسيلة لفهم سبب انهيارك أمام هذا الموقف أو لتأثرك الشديد من كلمة ما قد تبدو عابرة.
أن لا تدرك سبب تعلقك الشديد بشخص معين أو نفورك الغامض من آخر.
وعبثاً تسأل نفسك عن ما تخافه هنا و ما يحزنك هناك، وكم تشعر بالعجز المرير عندما تناضل للعودة للحياة بعد عثرة مؤلمة دون جدوى.. تظل محبوساً داخل كهف من ذكريات وأفكار تطبق عليك الآفاق.
ما الذي تريده نفسك منك وكيف ترتب الأولويات في حساباتها هي بعيداً عن إرادتك؟
تتسأل دوما بلا إجابات ممنوحة..
أغلب الناس يستسلم لإحباطه ويهرب من مواجهة نفسه لآخر عمره، ويظل ينقل ذاته بين الطوارئ والأعمال والمسؤوليات ويحشو حياته بالعلاقات والضجيج حتى لا يدع موضع إصبع للخلوة بنفسه أو الحديث معها.
كأنه يعاقبها!!
وما أدرك أن يعاقب المرء نفسه ويحبسها خلف جدران لا فكاك منها ولا خير فيها، لا لها ولا له…!!!
إنها حياة تعيسة مهما بدت طبيعية أو حتى ناجحة..
لا يصح أن نستسلم كما لا يصح أن نتعامل بجهل وعشوائية لذا علينا أن نتعلم كيف نسوسها كما نتعلم كل حلول اشكالياتنا المادية، ومما يساعدنا أن نفهمها ونراقبها بوعي، دراسة طرق تفكير النفس البشرية ورغباتها واولوياتها ومحاولة اسقاط ما ندرسه على أفعال أنفسنا وهذرماتها المنفلتة من وقت آخر.
هنا سنأخذ إحدى تلك الدراسات التي تستعرض المستويات المنطقية للتفكير والوعي الانساني.
وقبل الخوض بالتفاصيل علينا التنويه أن هكذا نظريات ودراسات بالتأكيد لن تكون مطلقة الصحة والمناسبة لنا.. أحياناً قد تبالغ فوق الموجود وأحيانا تتحجر دون سعة النفس الخيالية، لذا من الجيد الاستضاءة بها دون التسليم الكامل بتفاصيلها.. ويظل الخط الفاصل هو تقديرنا المجتهد لمناسبة المعلومة لنا أو عدم مناسبتها.
في هذه الدراسة تم ترتيب إدراك الإنسان في طبقات هي أشبه بالأغلفة التي تحيط بجوهره.. أغلفة تبدأ من الخارج ثم تتعمق إلى الداخل حتى تصل إلى اللب.. وبالطبع تشكيلة الطبقات غير عشوائية وهي من تتحكم بحجم تأثره بأي شيء يحدث معه.
بمعنى أن مقدار ما يصيب الإنسان لا يقاس في ذات الحدث بل في مكان اصابته منه.. فلو أنه أصاب الغلاف الخارجي فسيكون مختلف مما لو أصاب إحدى الطبقات الأعمق …فالأعمق أكثر حساسية وتداعيات على الفرد..
تلك الطبقات من الخارج الى الداخل كالتالي:
1- البيئة: المقصود ما يحيط بك كمسكنه.. ملابسه.. سيارته.. وطنه.. إنها امور حوله وتخصه لكنها مش ذاته.
2- السلوك: تصرفات الفرد.. افعاله.. عاداته.. ماي قوم به وخياراته التي يمارسها..
3.القدرات: وهي تلك الامور المهارية التي يجيد فعلها مثل لباقة كلامه.. جمال خط يده.. قوة تسديده.. سرعة بديهته.
4- المعتقدات: كل فكرة يعتنقها الفرد سواء بوعي منه أو عدم وعي هي بمثابة معتقد خاص به مثل أن يرى أن العلم شيء هامشي، او يؤكد أن المال أهم من حياة البشر.. أو يؤمن انه من اسوأ ما خلق الله…
5- الهوية: أو يمكن أن نسميها لون الفرد ونكهته وكيوننته الخاصة به دون غيره وهي فريدة لكل انسان ولا تتكرر البتة ﻷنها توليفة مركبة تكونت من القيم العليا له وصفاته الاكثر رسوخا مع اتجاهاته ورسالته في حياته.
6- الصلة: هنا نجد حقيقة مدهشة ان صلات الانسان وعلاقاته أعمق عنده و اغلى من هويته نفسها…هذه الصلات كأسرته أو قدواته أو اصحابه المقربين هم النقطة الاهم عنده، فهم اختياره كمستقر لمشاعره و بؤرة اهتماماته …
في المقالة القادمة سنطبق احدى الضرورات التربوية على الطبقات وليكن (التوجيه الكريم وتفادي مساوئه النقد الجارح).
وسنحاول الوصول لفهم أكبر عن المستويات والطبقات مع ترسيخ توصيات للتوجيه الكريم..
القاكم.