نوال يافاجعة الرحيل؛ لم يحمل اليمنيون جزءاً من حبك لليمن ليتحاملوا على أوجاعهم وأحقادهم الشخصية، حفاظا على هذه الأرض الأم التي تدفع من وجع إلى وجع ومن رحيل إلى رحيل ومن بركة دم إلى بحار من الدماء.
عائدة لتوي من مراسم عزاء زميلتي وأمي نوال مصطفى، نوال سودانية الجنسية كانت من المؤسسين الأوائل لمؤسسة التأمينات الاجتماعية التي أنشأت في ثمانينيات القرن الماضي، نوال التي أحبت اليمن كثيرا وقررت العيش فيها وتربية أطفالها فيها، اليوم ترحل لتدفن في تراب اليمن..
حين زرتها آخر مرة وهي على سرير المرض والموت كانت تتحامل على أوجاعها على كثرتها، لكنها لم تتحامل على وجعها في اليمن الغارق في دوامة حروب وشلالات دماء، بلكنة سودانية كانت تردد( والله اليمن بلد جميل حرام إللي بيحصل ليها دا)..!!
نوال يافاجعة الرحيل؛ لم يحمل اليمنيون جزءاً من حبك لليمن ليتحاملوا على أوجاعهم وأحقادهم الشخصية، حفاظا على هذه الأرض الأم التي تدفع من وجع إلى وجع ومن رحيل إلى رحيل ومن بركة دم إلى بحار من الدماء.
نوال يا أمنا الراحلة، كانت اليمن وطنك الذي ساعدتي في بناء أهم مؤسسة إيرادية اقتصادية هي من تجعل اليمن واقفة حتى اللحظة أمام هذا التدهور الاقتصادي، ماذا لو كان عفاش ومراهق مران وأتباعهم يحملون ولو جزءاً من حبك لها..!!
أثار رحيلك يانوال كثيراً من الشجون والوجع في روحي وبدأت أحدث نفسي قائلة:
خلال 34 سنة عفاشية، عجز عفاش أن يربي جيشاً وطنياً، فقط هو ربى جيشاً عائلياً يعمل من أجله ويسبح بحمده، قطاع طرق ومرتزقة وخونة تتقاطع مصالحهم مع مصلحة الوطن، وتتعارض وتتضارب معها، لم يحب اليمن ولم يعلم أعوانه ومرتزقته حبها، ففاقد الشيء لا يعطيه ولا يعلمه..
أفكر أحياناً، ماذا لو كان عفاش ربى جيشاً وطنياً ولاؤه لليمن فقط، جيش يحمي الشعب لا يحمي مصالح عفاش وزمرته وعبيده وعصابته، أقسم لو كان فعل ذلك لما كانت اليمن وصلت إلى هذا الدمار الذي وصلت اليه، ولما كانت مليشيا الحوثي الإرهابية الخارجة عن القانون تعبث الآن بأمن اليمن واستقراره، لما كانت تريق دماء اليمنيين في كل مدينة، ولما صار القانون لعبة في يد مراهق مران يغتصب مواده وقرارته ليل نهار.
لو كان لدينا جيش يحب اليمن كما أحبتها نوال السودانية، لتصدى لمليشيا الحوثي يوم حاصرت أطفال دماج وقتلتهم في احضان امهاتهم، وهجرت الباقين وشردتهم في مدن وشوارع اليمن.
لو ربى عفاش جيشاً وطنياً لما تآمر مع مليشيا الحوثي الإرهابية على الشهيد القشيبي وقتله في جبهة الشرف الوطنية، ولما سمح لها باحتلال العاصمة، ولما سلمها لهذه العصابة التي انتهكت حرمات البيوت وقبلها حرمة وطن!
ليتهم تعلموا منك يا أمي نوال كيف يجب أن يحبوا اليمن وكيف أن عشقها جنة، لكنهم ليسوا بذكائك ولا بولائك، أحببت أنت ترابها وهواءها فأحببت كل ما فيها، وأحبوا هم ثرواتها وكرهوا كل ما فيها.
لينام جسدك الطاهر بسلام يا أمي، ولتحل اللعنة على كل من يغتصب سلام هذه الأرض الطيبة ويشوه بهائها.