اليمن والمشاريع الاستعمارية
مشكلتنا في بلدي اليمن، أننا ضمن العالم الثالث، الذي تنظر له القوى الاستعمارية على أنه حق لاحتكارها، هو ضمن دول جثم على صدرها المستعمر سنوات عجاف، وعندما قرار التحرر، قرر المستعمر أيضا تغيير سياسة استعماره لذلك العالم، بعطائه استقلالا زائفا لمعظم تلك الدول منها اليمن، ودعم قوي تحت السيطرة للوصول إلى مكامن السلطة ومصدر القرار، لتبقى تلك الدول تحت الاستعمار بوكلاء محليين، من مستعمر غاز لمستعمر محلي، وتقسيم ذلك العالم، مع غرس بؤر استعمارية، وحكام فاسدين اختارهم بعناية، وأتى بهم من قاع المجتمع، من قطاع الطرق، واللصوص والمتآمرين، وصنع منهم أسر حاكمة وسلطنات ومملكات وإمارات ، ووفر لهم الدعم المالي والاستخباراتي، لتشكيل حضارة زائفة، ومناطق اقتصادية مدسوسة في وسط عالمنا، تنفذ سياسته الاحتكارية ومحاربة مقومات نهضة الدول النامية، لتبقى نائمة، وتعطيل مرتكزاته الاقتصادية، وضرب أي قاعدة اقتصادية تنشان، وجعل ذلك عالمنا وبلدنا مجرد سوق للبضائع المقلدة والتالفة، ليبقى مجرد أرض تستوعب نفاياته، وشعب متسول جائع محروم من خيرات بلده، يعيش حالة من الشتات والتناحر والصراعات البينية المدمرة، التي تبقيه تحت السيطرة والحاجة للاستعمار، واستمرت عملية الإنهاك والانهيار والتآكل، الذي مكن المستعمر، من امتلاك قطيع من قوى عالمنا وبلدنا، وظفهم لأطماعه، هم اليوم يقدمون الطاعة لأسيادهم، وينفذون أجنداته، في عالم سقطت فيه القيم والمبادئ، وارتهنت قواه الضعيفة والهشة للمستعمر، تحت عناوين مختلفة، تنفذ سياسته الاستعمارية فرق تسد، وتضعف من معنويات الأمة، بأضعاف معيار الثقافة الوطنية والولاء للأمة والوطن، والتنكر للهوية، ونعاش روح مشاريع استعمارية عجز المستعمر وقتها من إرسائها، اليوم ترفع راياتها ومصطلحاتها وهويتها المزيفة كواقع يجب فرضه بالعنف، قطيعا سارا على ما هو سائر من المنهكين والمستسلمين والمنافقين والافاقين وما أكثرهم.
ومن عجائب الاستعمار بالوكالة أنه تمكن من إحياء مشاريع أسياده القديمة، وعادت لليمن الإمامة في الشمال، والجنوب العربي في الجنوب، وهما بؤرتان استعمارية انتفض ضدها الشعب وثار وقدم قوافل من الشهداء، ليتحرر ويستقل بذاته، ومن الصدمة أن نرى أحفاد الشهداء اليوم يحملون راية تلك المشاريع بكل سذاجة.
واليوم نحن بالنسبة للاحتكارات الاستعمارية، مجرد احتياطي للطاقة، يمكن اغتصاب ما لديه من نفط وغاز، احتياطيا في حربها ضد العالم الآخر (الشرقي).
العالم الآخر الرافض للاحتكار والاستعمار، الذي يتشكل اليوم بقوة، للتصدي للسياسة الاستعمارية البغيضة، لكسر شوكة الاحتكارات الدولية اقتصاديا وسياسيا، العالم الآخر الذي تقوده روسيا، وتدعمه الصين اقتصاديا، وتلوح به كوريا، وتشكلت أدواته في الشرق، لمواجهة الغرب الاستعماري العفن، وكلا حدد اليوم موقفه من هذا الصراع، إلا نحن لا زلنا تائهين بين أدوات الصراع، مرتهنين لأجندات، نصطف بغباء شديد ضد مصالحنا، وضد حريتنا واستقلالنا، البعض استمتع بالتوظيف، وذاق حلاوة المال المدنس، ووجد مصالحه الأنانية وأطماعه، فوق مصالح الأمة والوطن والهوية والأصالة، هو اليوم خنجر مسموم في صدر الوطن، ومشروع الأمة، ينفذ أجندات تصفية القوى الوطنية، وتدمير أعمدة الدولة الوطنية، وانتهاك السيادة والإرادة، ويحمل السلاح في مواجهة أي مشروع توحيد الأمة، وتعزيز الهوية الوطنية، أو حتى رفع الراية الوطنية.
يبقى الشرفاء يرهنون على مبادئهم وقيمهم، قد يجدون دعمها في سياسة العالم الآخر القادم من الشرق، ضد المستعمر الغربي العفن، حينما تنتصر الصين لمشروع طريق الحرير، وتكون اليمن مركزه الرئيسي، وتعود عدن لعهدها، حينما تنتصر الأمة لمشاريعها الوطنية، والدولة الوطنية، والهوية الوطنية، وتعود اليمن سعيدا، ويعود الوطن العربي موحدا، ويتم القضاء على تلك البؤر الاستعمارية لتعود لحضن الأمة ومشاريعها الوطنية العربية والإسلامية، وان غدا لناظره لقريب