اليمنيون يرثون عازف السيمفونيات التراثية أحمد الشيبة بعد رحيلة المبكر
يمن مونيتور/ رصد خاص
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بخبر هز الوسط الفني اليمني والعربي، بوفاة العازف الكبير أحمد الشيبة إثر حادث سير في أمريكا.
وقالت مصادر يمنية مقيمة في أمريكا، “إن الفنان الموسيقي الشيبة توفي بحادث مروري في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية”.
ونعى أقارب وناشطون الرحيل المبكر للفنان الشيبة الذي برز مؤخرا في الجانب الفني، خصوصا العزف على السيمفونيات التراثية اليمنية.
وخاطب الموسيقار اليمني محمد سالم القحوم رفيقه أحمد الشيبة قائلاً: “أحمد مش اتفقنا إنك باترتبط وتنتقل إلى بدبي ونلتقي هناك ممكن على نهاية السنة.. والبومك الجديد اللي سمعتني إياه من أسبوع وقلت اسمعه ونجلس زوم ونتناقش فيه كيف بقدر اسمعه ذلحين ؟ والمقطوعة حقك اللي اتفقنا انه بشتغلها ؟ ولقاءنا في باريس على شان الحفلة ؟
وأضاف مخاطباً الراحل: “أحمد مئة شغلة وشغلة ومواقف بيننا تطلع بخيالي كل شوي ، أخلاقك الطيبة ، كلامك الداعم والمحفز ، مواقفك اللي تدل على نقاءك وصدقك وصفاء معدنك الله يرحمك يا أحمد”.
الناشط الإعلامي مشير محمد كتب قائلاً: ” لن أتحمل هذه اللحظات أنا أرى وأقراء خبر رحيل العازف اليمني أحمد الشيبة، أثر حادث مروري تناثرت اوتار عودهُ وحطام معزوفاته على الأرض ممزوجاً بدموعنا وما تبقي من دماء أحلامُنا”.
وتابع: “رحيل مفاجئ ومُبكر يا عازف السيمفونيات اليمنية، يا أيها المعجون بتاريخ وتراث وفن اليمن الأصيل، صحيح غادرت حياة الدنيا اليوم ، لكنكَ لم تغادر قلوبنا، دام أناملك ونبض وجدانك تركت لنا هذه الأيقونات السيمفونية التي ستظل خالدة مدى الازمان، وسيرددها كل من تذوق الفن، ويسمع صداها في ربوع هذا الوطن الكبير بجهاتهِ الأربع، الذي تغنيت به وبتراثه وعزفت لأجله نبض قلبك”.
ومضى قائلاً: “لن ننسى هذا الكوكتيل الذي تغنيت به وعزفتهُ علي أوتار قلبك قبل أوتار عودك المتفرد والمتميز”.
الروائي اليمني فارس البيل كتب أيضا عن رحيل أحمد الشيبة، قائلا: ” مات أحمد الشيبة ولم يقل شيئاً بعد .. لكن أوتاره قالت الكثير”.
وأضاف “ربما كان اليمني الوحيد الذي قرر أن يصل للعالمية دون ضجيج ودونما احتشاد، وسرعان ما اقترب منها بسهولة واختصار ، فقط لأنه آمن بعبقرية الفن في لجم كل التقاطعات، وإخراص كل الأيدولوجيات والمواقف وقرر أن يعزف .. يعزف وفقط، لكن عزفه أيضا لم يكن كغيره.. مجرد رنين فتّان .. كان يرتل التاريخ والثقافة، كما لو أنه يلقي محاضرة أكاديمية في الأنثروبولوجيا”.
وتابع في مقال مطول: “لقد أراد للموسيقى أن تعيد توحيد الثقافات وتلتقي في المشترك ..وتتحدث عن تلاقيها نغماً، إذ يدرك أن الموسيقى طريق السلام.. ورأينا كيف وحد العرب وجمع تاريخهم في معزوفة واحدة، ومثلها مع باقي الحضارات والشعوب”.
وأردف “لم يكن أحمد مجرد عازف.. كان صاحب مشروع حضاري ..مضى به برصانة دون أن يأبه لأحد .. ولم تكن موسيقاه مجرد طبقات، بل كانت حديثاً إنسانياً طروباً.. وأظنه كان سيكون صاحب منهجية جديدة في الموسيقى ومدرسة مختلفة، ستغير من واقع الموسيقى وأدوارها، ربما يتفوق على الكبار وأساطين الموسيقى في الشرق.. أقلها أنه سيخلط ألوان المجتمعات الموسيقية ويدمجها بقوالب جديدة، ليخلق منها عوالم واقعية جديدة”.
وواصل حديثه قائلاً: “لكنه الآن قد مات.. مات وطبول الحرب هي الأعلى، وأوتار الموسيقى تتمزق في صنعاء .. وسنبقى عقوداً طويلة قبل أن نحصل على عازف فيلسوف، ومهموم موسيقي، استنطق الموسيقى لتقول سياسة وثقافة وإنسانية، لا مجرد وتريات راقصة.. رحيل مبكر يا أحمد”.
الباحث والكاتب اليمني نبيل البكيري كتب قائلاِ: ” صباح حزين أن يختطف الموت فيه شابا ممتلئ بالحياة والابداع والحب كأحمد الشيبة، رجل نحت صغيرا في صخرة الابداع ليعيد تجديد الفن والموسيقى مكسرا لكل القوالب القديمة والمكررة والرتيبة ليخلق منها إبداعًا آسرا.. وداعا يا أحمد ورحمة الله تغشاك وفي رحاب الخالدين”.
وحقّق الراحل انتشاراً واسعاً على الإنترنت، خاصةً عبر “يوتيوب”، بفضل تمرّسه في إعادة توزيع أغان لفنانين عالميين مثل “هيلو” لأديل، و”تشايب أوف يو” لإد شيران، و”ديسباسيتو” للويس فونسي. إضافةً إلى إعادة توزيع أغان لفنانين عرب مثل الجزائري الشاب خالد والمصري عمرو دياب.
وُلد الشيبة في 16 يونيو/حزيران عام 1990 وترعرع في اليمن، حيث تعلّم عزف العود بالسماع بدل قراءة النوتة، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتّحدة بشكلٍ نهائي في عام 2012 “ليُظهر للعالم جمال آلته القديمة”، بحسب ما كتبه في صفحته على “فيسبوك”.
بالفعل، تمكّن الشيبة من جذب المستمعين إلى مقطوعاته، واختبر بنجاحٍ قدرة العود على الاندماج مع أنواعٍ مختلفةٍ من الموسيقى، تتنوّع من البوب إلى الموسيقى الكلاسيكية.
وكان الراحل قد أطلق ألبوماً جديداً في 8 أغسطس/آب الماضي، ضمّ 10 مقطوعات على العود، وحمل اسم “مالاهايد”.