بلا أكسجين.. هكذا يقضي نازح يمني أيامه في قاع البحر للإنفاق على أسرته (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ محي الدين فضيل
وجد النازح اليمني محمد قعموس (50 عاما) من أبناء مدينة الحديدة الساحلية، في بلدة راس العارة شمال محافظة لحج (جنوبي اليمن)، من صيد خيار البحر (حيوانات بحرية) فرصة بسيطة تمكنه من العيش في المنطقة التي قدم إليها قبل أربع سنوات هربا من الحرب الدائرة في محافظته.
ورغم مشقة وصعوبة اصطياد حيوان “خيار البحر”، إلا أن النازح الخمسيني وجدها وظيفة أجبرته ظروف البلاد على القبول بها، من أجل الإنفاق على أسرته، وذلك من خلال شراء وصيد خيار البحر ومن ثم توريده وتجهيزه وبيعه خارج البلاد.
يقول “قعموس” وقد أنهكته الظروف ومعاناة الحياة، في حديث لـ”يمن مونيتور”، إن “عملية اصطياد خيار البحر عملية صعبة وشاقة وقد تكلف الإنسان حياته، حيث يتم الغوص لها في قاع البحر من دون أكسجين، يواجه الصياد فيها مخاطر ومصاعب “كثيرة” ناهيك عن صعوبة استخراج الصيادين بكمية تناسب الجهد الذي يتم بذله ومغامرة الغوص بدون أي وسائل غوص وقائية”.
يضيف حديثه إلينا، بالقول: “إن عملية صيد خيار البحر لا تكتمل عند اصطياده، بل إنه بعد خروجه من البحر يقوم بعملية تقطيع وتنظيف الأمعاء، ومن ثم القيام بطبخة وتجفيفه لنحو يومين ثم طبخة مرة أخرى وإخراجه ثم إعادته وطبة لمرة ثالثة”.
كما أن الصيادين يواجهون صعوبة إضافية، تتمثل في غياب الشركات في المنطقة لشرائه حيث يضطر الصياد إلى تحمل عملية جمعه وتجهيزه ونقله إلى مكان البيع، على نفقته الخاصة، وهو ما يضاعف من مرود هذا الصيد المكلف والمتعب”.
وتتفاوت أسعار خيار البحر، بتفاوت أنواعه، فهناك عدة أنواع منها ما يسمى “الشلك، والأبيض والبلدي”، والأخير هول الأفضل لدى تجار خيار البحر إذ يتم بيعه بعد طباخته وتجفيفه وإرساله إلى محافظات عدن وحضرموت والمهرة حيث يقوم التجار هناك بنقله للخارج بغرض بيعه”.
ويتفاوت سعر خيار البحر اليمني (أفضل الأنواع بالسوق) بين 2000-3000 آلاف ريال يمني (الدولار+1150 دولار) وهناك السفاري الذي يبلغ سعره 1200 والشلك وهو أكثر الأنواع تواجدا في السوق وسعره 300 ريال”.
لا تخلو هذه المهنة من مصاعب ومتاعب فطباختها تتم عبر ساحل البحر مباشرة فور خروجها، وعند طباختها في المساء يعرض الصيد للتلف وعدم الاستفادة منه حيث تتم الطباخة وسط الشمس الحارة وفي وضح النهار وتأخذ وقتٍ أطول حتى يتم تجفيفها وتجهيزها قبل بيعها.
وبالرغم من ذلك، يفضل النازح ذو الخمسين من عمره قعموس العمل في هذه المهنة، لأسباب كثيرة لعل أبرزها عدم وجود بدائل أخرى، وإمكانات أكبر لديه في الفترة الحالية للاصطياد، فهي بلا شك “غير مربحة” لكنها تحقق له استقرار لا بأس به في ظل النزوح وموجة الغلاء والأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاج.
ويطالب الصياد قعموس والكثير من أمثاله من الصيادين، من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، بتقديم دعم للنازحين والصيادين لهذا النوع من السمك في المنطقة من أجل تحسين وضعهم المعيشي في ظل الأزمة والحرب التي تعصف في البلاد منذ ثمان سنوات.
وتعد منطقة رأس العارة الساحلية في محافظة لحج شمالي اليمن، من أكبر المصائد السمكية في البلاد، حيث يوجد بها أكثر من 4 آلاف صياد يمني، كما يقدر الشريط الساحلي في لحج بأكثر من 90 كيلو مترا، وهو شريط يمتد بين سواحل خليج عدن (جنوبا) وباب المندب (غربا).