الوطن والتعصب
التعصب هو أس مصائبنا، لو تركنا للبحث العلمي، ليعالج قضايانا بحيادية تامة، لاكتشف المتعصبون انهم يصبون الزيت على النار التي تصلينا.
وما أسهل إدارة المتعصب، فهو جاهز للسيطرة والارتهان لأي خطاب يدغدغ مشاعر تعصباته، عقله و وجدانه مرتهن لصورة ذهنية مبرمجة بغلو وتعصب، وعاجز على الرؤية خارج إطارها.
المتعصب يرى في المعارض له عدو لدود، ويسمح لنفسه ان يمارس في حقه كل الانتهاكات، ويوجه له كل الاتهامات الممكنة، يراه إرهابي، لمجرد انه يختلف عنه في الرأي والمشروع.
المتعصب أكثر عنفا، ويتسلح بأدوات العنف، ويتحالف مع الشيطان للوصول لمبتغاه، ولا يتوارى بالتعنيف والتنمر والبطش والإرهاب ,,تحالفات المتعصب تتجاوز القيم والمبادئ، لأنها هدف وليست وسيلة، فالوسيلة منضبطة بقيم ومبادئ وأخلاقيات إنسانية ووطنية، أم الهدف فالنتائج هي سيدة الموقف، تدوس على القيم والاخلاقيات والمبادئ للوصول لها .
المتعصبون اليوم في الجنوب يرون مشكلتهم الأساسية في الوحدة اليمنية، ومع الهوية اليمنية، ومع أي مشروع وطني يمني كبير مهما كانت محاسنه، يصابون بالجنون اذا ما شاهدوا راية الوحدة ( العلم الوطني ) وينقضون عليه بكل وحشية، ويمكن ان يسفكون الدماء من اجل اهانته واذلاله، من دون شعور ينحطون بسقوط أخلاقي، يرمون كل قيم ومبادئ قبول بالأخر خلف ظهورهم.
صدمت وانا اشاهد احدى قناة التعصب، و المذيعة المرتهنة للصورة الذهنية المتعصبة التي شوهت افكارها، وهي تقول ( خذوا رايتكم واذهبوا بها بعيدا عن أرضنا ) هل يوجد اقذر من هذا التعصب الذي يجرد الناس من هويتهم، ويستأثر بالأرض والحق، ويلغي حق الاخرين بالأرض والهوية، متجاوزا التاريخ والارث والاصالة، ويقدم نفسه دون جذور وعاري من التاريخ والإرث، و يمكن ان يسمح لمرجعياته ان تلتحف براية الغير، وترتدي بتفاخر زي الغير، في نشوة ارتهان وتبعية مقيته، جعلته مجرد أداة رخيصة لاستلاب وطن ..سيادة وهوية وعراقة.
ما يحدث اليوم من إعادة تموضع للأدوات المرتهنة، كدمى تحركها أصابع المخرج لسيناريو عبثي هزيل، تصب في اهانة واذلال وطن وأمة.
تحالفات اليوم في المشهد اليمني، تقدم صورة واضحة لدعم قوى الثورة المضادة، وامتداد للمؤامرة الدولية التي تستهدف العروبة والإسلام، تستهدف هويتنا وتاريخنا وارثنا الديني والثقافي والفكري والسياسي، في مهزلة انطلت على بعض الاغبياء، وهم يتحدثون عن السلام والالتئام، والحقيقة أنهم يصنعون استسلام لوطن ومشروعه الوطني، و يشتتون اواصره، من لي الذراع، الى تحطيم الأركان، وتكسير الاجنحة، لصالح أطماع ومصالح، في استثمار قذر لعصبيات وتعصب وغلو، وأدوات رثة، وعقول ارتهنت ثم استلبت، ونفوس باعت وتعفنت .
والحقيقة هي مجرد سيناريوهات عبثية، لا انتصارات حقيقية، لها مداها القصير، ستزول بزوال الأسباب والحيثيات، وسيبعث المشروع الوطني من بين ركام هذا العبث، ليعيد ترتيب أوراقه وادواته، ويلملم شتاته، والجماهير تنتظره بفارغ الصبر، سيبقى وطني اليمن عزيز كريم وراياته خفاقة في العلى، رافضا الوصاية والارتهان والتبعية، ولن ترى الدنيا على ارضي وصيا .