يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من إيناس السبئي
إهمال مستمر يعاني منه الآلاف من أبناء مدينة تعز اليمنية، الذي أصيبوا بفعل الحرب الدائرة في البلاد، سواء أولئك الذين يتلقون العلاج في مستشفيات الداخل أو من تم إرسالهم لتقلي العلاج في الخارج، ما جعلهم يعيشون وجع الإصابة وألم الإهمال الرسمي معاً.
ولا تزال قضية جرحى تعز، واحدة من أكثر القضايا الشائكة في البلاد، التي عجزت السلطة المحلية بالمحافظة والحكومات اليمنية الشرعية المتعاقبة عن إيجاد حلٍ حقيقي لمعاناتهم، إذ يتهم هؤلاء الجهات الحكومية بعدم انتظام صرف معاشاتهم لإعانتهم على ظروف الحياة القاسية رغم مرور ثمانية أعوام على مرور الحرب التي أصيبوا فيها، فيما لم تشفع المُطالبات المتواصلة، أو المُشاركة الدائمة في الوقفات الاحتجاجية لهم لإنهاء تلك المعاناة التي يوجهونها.
“جرحى تعز إهمال متعمد وموت سريري”، بهذه العبارة، اختصر أحد جرحى الحرب في تعز عماد عبد الكريم محمد مهيوب معاناة مئات الجرحى في تصريح له لـ”يمن مونيتور”، مؤكدا على أن معاناتهم لا نهاية لها في ظل استمرار تجاهل وإهمال السلطة المحلية والحكومة الشرعية، وهو ما ضاعف من معاناتهم.
وأضاف عماد: “فيما يخص العناية الصحية نواجه إهمالا كبيراً لحالتنا الصحية، ولا يوجد طبيب مختص لمتابعة حالات الجرحى مما يؤدي إلى تدهور حالات الكثير منا ومضاعفة معاناتنا”.
وبشأن المستلزمات الطبية غير المنتظمة، يقول عماد، إن “العشرات من الجرحى يضطرون في كثير من الأحيان لتوفيرها على نفقة اهاليهم”، متهماً اللجنة الطبية الحكومية المعنية بمتابعة حالاتهم بالإهمال والتقصير الشديد”.
يضيف الجريح عماد، إلى أن أجبر مؤخراً على إيقاف العلاج الطبيعي كون مستحقاته تتعرض للإيقاف والتأخير المستمر يقابلها، صمت مطبق من قبل المجلس المحلي الذي وحتى اللحظة لم يتمكن من توفير مخصصات الجرحى بشكل منتظم”
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت اللجنة الطبية المعنية بجرحى تعز توقفها عن تقديم خدمات العلاج للجرحى لأسباب مالية بالغة الصعوبة، في ظل عدم إعتماد موازنة من جانب السلطة المحلية
وناشدت اللجنة، “الجهات المعنية وصولا إلى الحكومة ورئاسة المجلس الرئاسي بسرعة وضع حلول مالية جذرية للجنة الطبية وقضية جرحى تعز قبل أن تضطر إلى إيقاف عملها خلال الأسبوع القادم في حال لم تتجاوب الحكومة مع مطالبها.”
وتبلغ تكلفة مخصصات جرحى الحرب في الداخل اليمني 100 ألف ريال يمني شهريا لكل جريح (الدولار=1150)، ومن شأن إيقاف اللجنة الطبية أن سيؤدي بآلاف الجرحى إلى معاناة مضاعفة وشديدة.
وتقول اللجنة الطبية، إن “مئات الجرحى ما زالوا بحاجة ماسة لتلقي العلاجات وإجراءات طبية دورية في مراكز متخصصة خارج الوطن إلا أن عدم توفر إمكانيَّات مالية للجنة حال دون سفرهم وعلاجهم، وفي المقابل فقد توقف علاج جرحى الخارج الحاليين، ليقاسوا مرارة العجز والتخلي معًا”.
ثلاثة آلاف جريح يواجهون معاناة مضاعفة
يعد مركز الأطراف الصناعية في مدينة تعز (جنوب غربي اليمن)، مصدرًا لتخفيف آلام الجرحى عامة والنفسية بشكل خاص، لكن التداعيات الأخيرة تنبئ بإغلاق هذا المركز نتيجة العجز المالي والخدمي الذي يواجه في ظل تنصل الجهات الرسمية من تنفيذ التزاماتها بدعم مثل هذه المراكز، فضلاً عن غياب دعم المنظمات الدولية والمحلية لمثل هذه المنشئات الطبية الهامة.
وكانت السلطة المحلية في لمحافظة، قد التزمت في توقيع عقد رسمي بالتكفل بدفع إيجار المركز، لكنه اليوم عجزت وتنصلت من تنفيذ الاتفاقية ودفع ايجار المركز، معرضه آلاف الجرحى الذين يولدون يوميًا من رحم القنابل والمدافع الحوثية للخطر والمعاناة القاسية.
وفي هذا الشأن، قال رئيس رابطة جرحى تعز، “فهد هزبر في تصريح لـ””يمن مونيتور” حول الوضع الراهن والمعاناة التي يقاسيها الجرحى بالقول: “إن مركز الأطراف الصناعية مهدد بالإغلاق وحرمان آلاف الجرحى من خدماته وذلك بعد تقاعس السلطة المحلية عن العقد الذي وقعته بإلتزامها بدفع إيجار المركز لكنها تتهاون في دفع إيجار المركز الذي أصبح المواساة الوحيدة لجرحى تعز”.
وأشار إلى أن “جرحى تعز في الخارج عالقون ومحكوم عليهم بإيقاف علاجهم ناهيك عن أنَّ اللجنة الطبية تعاني من عجز مالي شديد في ظل عدم اعتماد ميزانية حقيقية لها من قبل السلطة المحلية الأمر الذي يهدد بتوقفها عن تقديم خدماتها العلاجية”.
وتخضع مدينة تعز، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، لسيطرة القوات الحكومية، لكن الحوثيين يفرضون عليها حصارا خانقا من معظم مداخلها منذ نحو 8 سنوات؛ ما تسبب بتدهور الوضع الإنساني والصحي فيها، وعلى الرغم من توقيع هدنة أممية بين الطرفين لا تزال المدينة محاصر ويرفض الحوثيون فتح الطرقات.
وتشير تقديرات غير رسمية، إلى أن عدد جرحى الحرب في اليمن يقدر بأكثر من مليون جريح، تفتك الآلام بأجسادهم وتتفاقم كل يوم معاناتهم في ظل استمرار تهميشهم وعدم الاهتمام بهم من جميع أطراف الصراع في البلد.
