عربي ودولي

واشنطن بوست: انسحاب فرنسا من مالي ضربة قوية للغرب ومثال جديد عن فشل الحرب ضد الإسلاميين

يمن مونيتور/قسم الأخبار

رأى ويليام دورجياك، الزميل في مركز ويلسون الدولي للباحثين، أن انسحاب القوات الفرنسية من مالي هذا الشهر، كان بمثابة الضربة القاصمة لجهود الغرب العسكرية من أجل مواجهة انتشار التهديد الإسلامي الجهادي في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية.

وقال، في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، إن فشل المهمة الفرنسية التي بلغ عدد جنودها حوالي 5.000 جندي، في العملية التي عرفت باسم “برخان”، أظهر المصاعب المحيرة في شن حملة لمكافحة التمرد ضد بقايا تنظيم “القاعدة” و”الدولة الإسلامية” في المنطقة. وأثارت أسئلة حول الخطوات التي قد تتخذها روسيا والصين في الفراغ الجيوسياسي الذي خلفته الحكومات الغربية المحبطة والمتعجلة. وفي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة استخلاص الدروس من الحرب التي خاضتها على مدى عقدين ضد حركة “طالبان”، فإن فرنسا تعيد النظر في استراتيجيتها في التعامل مع انتشار الجماعات الإسلامية المتشددة في عدد من مستعمراتها السابقة في أفريقيا. وقال إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من وزير دفاعه ومستشاريه مراجعة العمل العسكري الفرنسي في منطقة الساحل والفشل المستمر في التخلص من التهديد الذي يمثله المتشددون الإسلاميون.

ويعلق الكاتب بأن رحيل الفرنسيين فتح المجال أمام المرتزقة الروس من شركة التعهدات الأمنية فاغنر والمرتبطة بالكرملين. ويقول حكام مالي إن قرار فرنسا لقطع العلاقات معهم لم يترك لهم أي مجال سوى البحث عن شركاء آخرين. ويقدر عدد المرتزقة الروس الذين وصلوا إلى مالي في الأشهر الماضية بحوالي ألف مقاتل. وتفكر الصين بتوسيع مشاركتها في المنطقة والاستفادة من مصادرها المعدنية. ويعتبر الساحل منطقة شبه قاحلة تفصل ما بين الصحراء في الشمال والسافانا الاستوائية في الجنوب، وبرز في السنوات الماضية كأرضية خصبة للجهاديين الذين استغلوا تظلمات السكان وفساد ووحشية القوات العسكرية والحكام في منطقة الساحل.

يعتمد 50 مليون نسمة على قوتهم اليوم من بحيرة تشاد، والتي يتوقع الخبراء أنها ستتبخّر في غضون عقد، وستجبر السكان على الانتقال، مما سيخلق المزيد من المعاناة في المنطقة.

مضيفا أن هذه المنطقة الأكثر نمواً سكانياً في العالم، وهي الأفقر، حيث تعيش نسبة 80% على دولارين في اليوم. وتضم المنطقة أربع دول تحد ببحيرة تشاد، وهي الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا إلى جانب بوركينا فاسو وغامبيا وغينيا ومالي وموريتانيا والسنغال.

وفرّ حوالي 4 ملايين من السكان بسبب المواجهات والحروب. وترافق يأس الناس مع الجفاف المستمر الناجم عن التغيرات المناخية وانتشار التصحر في المنطقة. ويعتمد 50 مليون نسمة على قوتهم اليوم من بحيرة تشاد، والتي يتوقع الخبراء أنها ستتبخّر في غضون عقد، وستجبر السكان على الانتقال، مما سيخلق المزيد من المعاناة في المنطقة.

وبدأت المهمة الفرنسية في مالي قبل تسعة أعوام بسلسلة من النجاحات التي أوقفت تقدم المتشددين الإسلاميين باتجاه  العاصمة باماكو. إلا أن العلاقات بين القوات الفرنسية وحكام مالي العسكريين تحطمت في النهاية، بعد سيطرة الجنرالات على السلطة قبل عامين. وحصل انقلاب ثان في العام الماضي، ورفضوا تسليم السلطة للمدنيين كما طلبت فرنسا. ويرى الكاتب أن انسحاب القوات الفرنسية من مالي قد يعرّض مصير قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المعروفة باسم “مينوسما”، والتي يشترك فيها 14.000 جندي يعملون في مالي. ومن المتوقع أن ترحل الكتائب البريطانية والألمانية من مالي كما فعلت فرنسا.

باحث: لن تحصل هزيمة الجهاديين إلا من خلال تقديم أمل بحياة أفضل للسكان المحليين، لا من خلال قضية للموت من أجلها.

ويقول الكاتب إن القوات الفرنسية حققت بعض الانتصارات أثناء حملتها الطويلة، والتي قتلت حسب تقديرات 2.700 من المتشددين. لكنها لم تلغ التهديد من الإسلاميين، بل وزاد عبر التجنيد من الشباب المتذمر. وتوسع التهديد من الجماعات المتشددة أبعد من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ووصل المناطق الساحلية في الغرب، مثل بينين وساحل العاج. وبعيدا عن الحماس الديني والسياسي، فقد استطاعت الجماعات المتشددة تحقيق انتصاراتها نتيجة للقوى الخبيثة من التغيرات المناخية والجفاف، وتراجع معدلات إنتاج الطعام، وفوق كل هذا زيادة معدلات الولادة. ومن الصعب رؤية الكيفية التي ستتعامل فيها هذه المجتمعات الفقيرة مع تضاعف عدد أفرادها أربعة أضعاف، كما تتوقع الأمم المتحدة في العقد المقبل.

وسيصل عدد سكان مالي بنهاية القرن الحالي إلى 85 مليون نسمة، وسيرتفع عدد سكان الدول الفقيرة مثل النيجر من 25 مليون نسمة إلى 165 مليون نسمة. وكما اكتشفت الولايات المتحدة في أفغانستان، فالجيوش المسلحة بأحسن الأسلحة لا تستطيع قتال التمرد الإسلامي بالسلاح وحده. وكما تتعلم فرنسا من تجربتها في أفريقيا، فلن تنتصر الحرب ضد إسلام العنف إلا من خلال الجمع بين القوة العسكرية والحكم المحلي المتين، والحد من الفساد وتحسين حياة المدنيين من خلال توفير المواد الحيوية. ولن تحصل هزيمة الجهاديين إلا من خلال تقديم أمل بحياة أفضل للسكان المحليين، لا قضية للموت من أجلها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى