صديقي الحاخام اليهودي” سليمان يحي الحلي”:
– كيف حالك في إسرائيل ؟..
أأنت كما تبدو في الصورة؟ صديقي الحاخام اليهودي” سليمان يحي الحلي”:
– كيف حالك في إسرائيل ؟..
أأنت كما تبدو في الصورة؟
أعني الصورة التي جمعتك ورئيس وزراء إسرائيل “بنيامين نتنياهو” فيما أنتما تتصفحان مخطوطا يمنيا قديما لسفر التوراة.. في الصورة المثيرة تلك لم تكن في أحسن حالاتك، ولا حتى أحسن حالا من المرة الأولى والأخيرة التي زرتك بها في ريدة (خارف) بمحافظة عمران، نهاية ديسمبر 2012.
كان زهو المنتصرين ينتاب بنيامين نتنياهو ويبديه كقوس قزح، أما أنت فقد توارى بريقك تحت جبتك السوداء التي طوتك يهوديا يمنيا لم تبارح وجهه “مرقانة” القات بعد.
كانت لحيتك السوداء الكثة نسبياً تفشل في إخفاء دوامة الصراع المحتدم لمشاعرك المتضاربة بما حشدت خلفها من أفكار وأنكت فيك من جراح.
لقد كانت هي اللحظة التي اعتبرها نتنياهوا فارقة في تاريخ اسرائيل.. أما أنت فقد كانت بالنسبة لك ولنا هي اللحظة التي ألقيت فيها بكتاب أجدادك وأجدادي يهود حمير، في غير اليدين اللتين ألقى فيهما نبي الله سليمان بكتابه العظيم.
لا عليك يا صديقي.. فأنا أعلم الكثير من العذاب الذي جابهته وأهل بيتك، فضلاً عن آخر أربع عائلات يهودية صمدت معك في عمران حتى هذه اللحظة.
لم تكن يومها تنوي السفر إلى إسرائيل أو هكذا قلت لنا بوصفها بلدا علمانيا يلهيك عن طقوس عبادتك الصارمة وفقاً لتعاليم الدين اليهودي، وهي طقوس قلت إن يهود اليمن لا زالوا محافظين عليها تماماً كما هي مكتوبة بمخطوط التوراة الذي أجبرت على حمله إلى إسرائيل.
كان المنقلبون على تاريخي وتاريخك.. إرثي وإرثك قد اقتلعوك من روحي وروحك وألقوا بي وبك مخطوطاً حميرياً طيعاً في يد رئيس وزراء اسرائيل، وهي الدولة الشريرة التي طالما هتف المنقلبون بموتها، فيما هم يهدونها وشعبها إكسيراً للحياة.
إن تلك الجراح التي آلمتك هي جرحنا أيضا؛ لكن جرحك كان بعمق مخطوطك الحميري الممتد عمره لنحو ألف عام، وهو مخطوط مسروق منك في كل الأحوال !..
على أن ثمة فارق في مبيتك بمخطوطك في متحف لص يفهم أي مخطوط تحمل، وبين مبيتك في متحف لص لا يفهم ولا يرحم.
حين زرتك والزميلان عبدالرحمن شملان ومنصور الأصبحي قبل ثلاثة أعوام في مهمة صحفية عرجت معك على ذكر هذا المخطوط الذي كان حينها في يد الحوثيين الذين عثروا عليه حين داهموا مكتبة ليهود “آل سالم” ونهبوا محتوياتها وأجبروا ملاكها على مغادرة قراهم في صعده.
يومها ومن باب النكتة والحقيقة معا اتفقنا بأن المخطوط مخطوطك ” لزم” أي من أب وأم، ومخطوطنا “شطر” أي من الأب فقط، من حيث أنت يهودي وحميري، ونحن الثلاثة حميريون، إنما ليسوا يهوداً، ولا شأن لنتنياهو في الأمر.
كنت تقارب معنا الأمور بدهاء حاخام يهودي ملوي فوق جهاز ” لآبتبه” الصغير ومستعجل في مضغ قاته المدفوس تحت مدكاه.
كان عليّ أن أحاورك من حيث أنا ليد مسلم وأنت ليد يهودي، فكلانا وسع انخراطه في المهن والحرف ذاتها حتى نافس أحدنا الآخر مع تسليمي بأن حرفيتك أعلى وأعرق، بالنسبة لصياغة الذهب والفنون المقدسة، فما من معلم يمني عريق إلا ولك فيه روح وبصمة.
لا زلت أتذكر بأنك وافقتني الرأي بشأن عوامل هجرة اليهود الكلية من “تعز” و”عدن” ضمن عملية البساط السحري وتأخرهم في “صعدة “و”عمران” حتى هذا اللحظة..
كان لانخراط الليد المسلم في كل الحرف والمهن التي ظل يحتكرها الليد اليهودي منذ زمن طويل يشكل أحد عوامل هجرة اليهود من تعز والمناطق الوسطى إلى جانب العامل الرئيسي المتمثل بقيام دولة اسرائيل.
في الحوار الذي سنعيد تحليله معك بمقاربات، أعتقد كان ذهنك حاضراً بنفس القوة التي وصلت بها تل أبيب، الأحد الماضي..
وقفت أمام مراسلي الوكالات فيما أنت حاملاً لمخطوطك وواضع أصبعك على فقرة منه، كانت تتحدث عن خروج اليهود من مصر!! ..
ابنك يعقوب، و15 يهودياً بينهم زوجتك أم يعقوب وأباك النجار يحي كانوا ينظرون إليك بفخر، فيما أنت تتحدث لمراسلي الوكالات عن تاريخ هذا المخطوط الذي صاغه حبر يمني على جلد الماشية قبل 800 عام.. لقد كنت تتحدث كيهودي حميري خبير بأطوار التاريخ.
يتبع..