لم تكن النهاية منطقية، مشهد تسليمه للعلم ليست نهايته اللائقة، لا يحظَ الطغاة والمجرمون بنهايات فيها شبهة شرف. الرجل الذي جل إنجازه يتمثل في تشويه الدولة مفهوما وتطبيقا ستكون له وبلا شك، تكملة أكثر اتساقا، ومن زرع الفساد حصد الاندثار.
لم تكن النهاية منطقية، مشهد تسليمه للعلم ليست نهايته اللائقة، لا يحظَ الطغاة والمجرمون بنهايات فيها شبهة شرف. الرجل الذي جل إنجازه يتمثل في تشويه الدولة مفهوما وتطبيقا ستكون له وبلا شك، تكملة أكثر اتساقا، ومن زرع الفساد حصد الاندثار.
على الضفة الثانية، لم يكن مشهد استلام الآخر للعلم مطمنا، الرجل الذي عاش طيلة حياته يقتات في الظل من مائدة الحكم مع أنه الرجل الثاني، لن يكون ذات يوم الرجل الأول مهما كانت في صفه المعجزات. اعتاد أن يسبح بحمد الأول، ويعد له الاحتفالات، ثم صدفة بحتة كان عليه أن يكون مسؤولا عن بلد أحد مواطنيها سيده الأول!! من لحظة استلامه العلم وهو يدير البلاد كمهرجان، ويدير جهاز الدولة وكأنه لجنة احتفالات!
ندور في فلك المعتاد، وبانتظار غريب لنتائج مختلفة؛ يبدو التفكير الطفولي مسيطرا على الدوام، مرة وحيدة كان لنا شأن جد مغاير وخارج وكبير.. وفيه بالمناسبة تخلصنا من مظاهر كثيرة لا تنتمي إلى الفعل الحقيقي، خرج الفبرايريون بشعار واضح وجذري وشجاع، كانوا مؤمنين بفكرتهم تماما، مصرين، ومبتكرين، ومتنوعين؛ بلا حدود كانوا متنوعين. تجاوزوا الماضي المثخن بادعاءات الحكمة، وواجهوا مشكلتهم الأصل بلا مواربة؛ الشعب يريد إسقاط النظام… جملة تحكي المشكلة والحل، وتعيد ترتيب مكونات الجملة الفعلية؛ جملة السلطة والشعب، بالطريقة الأدق والأصح.
تسليم العلم من السابق للاحق كان بئيسا؛ الخروج الفبرايري الكبير أدركه بعض رهق الماضي ورهق المحيط فكان أن تواضعت نتائجه، أصبح المخلوع سابقا، ومحصنا؛ وشريكا أيضا. والمخلوع ما كان في شيء إلا شانه. وغدى -في أغرب صدفة أرضية- متعهد حفلاته هو واجهة الخروج الكبير. فبراير سقط في وهدة بلا قاع؛ يطلق عليها: هادي… بين فبراير وواجهته مسافة مقدارها الماضي، وبتصرف رديء!
أقصر تاريخ يمكن روايته لظهور المسيخ الحوثي هي: التأسيس والنشوء كان صالحيا، والانتشار والتمكن كان هاديويا، منحه الأول الماضي، وهيأ له بالثاني المستقبل، وهل أبشع لهاتين الشخصيتين من هكذا تاريخ!!
الآن، نعاود اهتراءنا بعد أن خذلنا الثورة السلمية، وها نحن نخذل ثورة السلاح.. المجنون والتافه هما واجهة الحل؛ وبعد كل هذه الخسارات البشرية والخراب المخيف سنعاود تجريب المجرب.
هذه ليست قراءة جديدة، ولا هي قراءة حتى، هذه محاولة لإعادة التذكير بفرسان الدمار الكبير الذي نالته اليمن، علها تذكر الحالم بأن وهم تسليم العلم كان بروفة لحرب.. وأن أي خطوة مستقبلية فيها هذين الطرفين لن تكون مختلفة عن سابقاتها. ولست أدري ما الذي يدفعنا لإعادة تدوير النفايات في حياتنا على هذا المستوى فحسب؟!