حيُّ كلابه.. جرحٌ غائرٌ صنعه الحوثيون في مدينة تعز!
وأنتَ تتابعُ أخبارَ اليمن، أخبار الهدنة التي تدخل شوطها الثالث، تلك التي لم يستفد منها المواطن اليمني بشيءٍ سوى مزيد من الوجع، هنا تستوقفك أخبارُ مدينة تعز ابتداءً من حصارها المميت الذي وصل عامه الثامن ولم يحن بعد قطافه، وضحايا هذا الحصار من المدنيين الذين ضاقوا بالوضع ذرعًا.
هناك في الناحية الأخرى قتلى وجرحى من المدنيين الذين يستهدفهم قناص الحوثيين، ذلك العدد الكبير من الشهداء الذين يذهبون ضحايا قناص وضعته المليشيات الحوثية على إحدى التباب وخصصت له عملًا معينًا وهو قتل المدنيين الأبرياء بين حين وآخر.
في زمن الهدنة يكثر أن تسمع سقوط ضحايا قناص في مدينة تعز المحاصرة ولكن الملفت هو أن منطقة كلابة في هذه المدينة هي التى تتلقى الضربات الموجعة من قبل قناص الحوثيين أكثر من غيرها من الأحياء، هي التي تودع بين فترة وأخرى شهيدًا أو أكثر من ذلك، جرحاها كثيرون للغاية، فهناك من بُترت أحد أطرافه وبات حزينًا يخبر نفسه كيف لي أن أعيش بقية عمري هكذا، وهناك من أقعده جرحه على الفراش لا يستطيع مغادرته، يتمنى أن يخرج إلى خارج غرفته دون مساعدة أحد، يبكي كثيرًا؛ لأنه بين لحظة وضحاها تحول من عائل لأسرته إلى عالة عليها.
هنا في حي كلابة وجعٌ كبير لا يتسع المجال لشرحه، كأن الحرب قد قطعت عهدًا ألا تدع أحدًا فيه إلا وتأخذ منه شيئًا ثمينًا فإذا لم تكن الأرواح فالأجساد بدلًا من ذلك ويظل الفزع هو الصديق الذي يرافق الجميع في هذا الحي الموجوع.
هنا تجد الموت يحيط بالسكان من كل جهة، القناص يراقب كل داخل وخارج، يلتهم الصغار والكبار ولم يعقب، وكيف له أن يفعل ذلك وهو الذي لا يعترف بأي شيء، لا بهدنة تم الاتفاق عليها من قبل قاداته ولا حتى بالدين الذي يحرم قتل الأبرياء.
قناصةُ الحوثي قد أخذت الكثير من أرواح المدنيين في حي كلابة حتى أن الحزن لم يترك منزلًا إلا وغطاه بسحائبه الكثيفة التي تعمي الأبصار وتبكي القلوب التي في الصدور.
جرحٌ غائر صنعه الحوثيون في جسد تعز تلك هي منطقة كلابة، الوجعُ الذي يزداد كلما مر بها الوقت، هل يا ترى الأمم المتحدة تنظر لما يحصل هنا؟!، حتى في هذه الأيام التي تم فيها تمديد الهدنة للمرة الثالثة؛ لأجل الإنسان اليمني، أي إنسان يا ترى؟، لا أظن إلا أنها تقصد الحوثي، هدنة لأجل الحوثيين، لكي يستمروا باستنزاف أرواح الأبرياء، ربما لم ترضهم الدماء التي سالت خلال السنوات الماضية ولا الأرواح التي زهقت عبثًا.
كلابة هي وجعُ مدينة تعز، وتعز هي الجرح الدامي في جسد اليمن الذي ينزف باستمرار ويتسع كلما مر الوقت.
كم ينبغي أن تتحمل هذه المدينة بعد من الأوجاع يا ترى؟، كم يمكن لأهلها أن يتحملوا فوق ما هم عليه اليوم؟!، فقرٌ فتاك وحصارٌ مميت، وقنصٌ بين حين وآخر وضرباتٌ موجعةٌ بالأسلحة الثقيلة يروح ضحيتها العشرات من الأبرياء في لحظة واحدة، إن هذا -وربي- لوجع كبير لكن ساسة العالم لا يشعرون .