المرتب والغلاء يضاعف تسرب المعلمين من مهنتهم بلحج جنوبي اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من محيي الدين فضيل
مع بدء انطلاق العام الدراسي الجديد، يواجه نظام التعليم المدرسي النقص الحاد في مديرية المضاربة بمحافظة لحج (جنوبي اليمن)، وتصاعدت نسبة تسرب المعلمين من مهنتهم بحثا عن أعمال أخرى يستطيعون توفير متطلبات أسرهم وعوائلهم، بعد انقطاع المرتبات في ظل الحرب التي خلفت وضعا معيشيا واقتصاديا في غاية الصعوبة.
وحتى قبل الحرب، لا تزال مديرية المضاربة بمحافظة لحج، تعاني من نقص كبير في عدد المعلمين، حيث تبلغ القوة التعليمية العاملة فيها450 معلما يعملون في 48 مدرسة أساسية وثانوية، لكن زهاء 200 معلما دخلوا سن التقاعد والإحالة ليتم الاحجام عن الاستمرار في العملية التعليمية وهو فاقم من ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس.
“من معلم إلى عامل”
ناصر غازي المعلم الذي كان يدرس مادة اللغة العربية في مدرسة التربة للتعليم الأساسي بمديرية المضاربة، أجبرته الظروف إلى ترك مهنة التعليم، واللجوء للعمل في البناء إذ بات اليوم يعمل بجمع مادة (النيس والكري) في أحد أودية المنطقة بالإضافة للعمل في مصنع للطوب من أجل الحصول على مردود أفضل، يساعده على توفير متطلبات الحياة، فيما تنازل عن راتبه المقدر بنحو 40 ألف ريال لأحد البدائل لتغطية النقص في المدرسة التي كان يعمل بها”.
يقول ناصر في حديث لـ”يمن مونيتور”: “لقد كانت السعادة تكسوه عندما توظيفه ظنا من أنا قد غادر البطالة وحل زمن الاستقرار بعد انتظار 20 عاما للوظيفة، لكن رياح الأحداث جاءت بما لا يشتهيه المعلم” كما يقول.
ويضيف ناصر بندم شديد لما آلت إليه الأوضاع بالبلاد، قائلاً: “لقد ساهمت الحرب من تدهور أوضاعنا حتى صرنا نرى طلابا لنا يعملون في القطاع العسكري يقبضون مرتبات أفضل منا ما أصابنا بالإحباط وفرض علينا عدم الاستمرار في مرحلة التعليم لكبر حجم أسرنا وعدم كفاية المرتب لمتطلبات الحياه”.
“من التعليم إلى سوق القات”
زميل ناصر في مدرسة عمرو بن العاص عوض السرم يعمل هو الأخر في سوق لبيع القات (نبات مخدر)، وهو زميل دفعة ناصر في التوظيف حيث “لا يكفي المرتب لشراء كيس من القمح في منزله فكيف بتلبية المتطلبات الأخرى” كما يقول.
يتحدث عوض عن تجربته في تركه للتعليم والبحث عن عمل آخر، بالقول: إن “الراتب المقدر بنحو 40 ألف لا يساوي شيء أمام متطلبات الحياة، الأمر الذي أجبره على الالتحاق بسوق القات لتوفير قوت أطفاله فهو أفضل من لانتظار للمرتب الثابت نهاية كل شهر وأحيان أخرى نهاية كل شهرين وثلاثة”.
يأمل عوض من الجهات المعينة في الدولة، البحث عن حلول مجدية والاستشعار بالمسؤوليات التي فرضت على المعلمين تجاه أسرهم، في ظل الراتب المتدني الذي لم يعد بفعل الحرب والصراع وتضخم المعيشة يساوي قيمة كيس قمح (50 كيلو جرام)”.
الجدير بالذكر، أن بعض مدارس مديرية المضاربة بلحج أعلنت هذا العام رفضها فتح المدارس لاستقبال العام الدراسي المزمع انطلاقه منتصف الشهر الجاري بسبب النقص الحاد في عدد المعلمين وعدم وفاء الحكومة بالتزاماتها بتسوية أوضاع المعلمين،كما وعدت في السنوات السابقة، بالإضافة لالتحاق العشرات من المعلمين هذا العام بالتجنيد الجديد هربا من شح الأجور في المدارس.
وكانت منظمة “يونيسف” ومنظمة التربية والثقافة والعلوم الأممية “يونيسكو”، أكدتا في بيان مشترك أن العديد من المعلمين في اليمن اضطروا إلى إيجاد مصادر بديلة للدخل لإعالة أسرهم، نظرا لتعليق دفع الرواتب وتعرض المدارس للهجوم باستمرار، وأن تأخير دفع رواتب المعلمين من المرجح أن يؤدي إلى الانهيار التام لقطاع التعليم.