الدراجات النارية في اليمن… بين مصدر للرزق والشكوى (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من معاذ العبيدي
يرى محمد علي أن دراجته النارية مصدر للرزق الوحيد له ولعائلته، فيما يراه عديد من السكان باعتباره ازعاجاً مرعباً ومقلقاً لهم ولأطفالهم.
وانتشرت الدراجات النارية في محافظة تعز خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير الأمر الذي أدى إلى كثرة الزحام وتزايد المخالفات المرورية التي تقوم بها والتي من شأنها عرقلة حركة السير داخل المحافظة.
ويشتكي عديد من الناس وسائقي السيارات من الانتشار المخيف للدراجات داخل المدينة والذي يتسبب بالكثير من المخالفات المرورية إضافة للزحام وسط غياب الوجود الفعلي لشرطة السير من أجل ردع هذا الانتشار ومعاقبة المخالفين.
وقال سائقو سيارات أن هذه المخالفات تتمثل في قطع الطريق بالوقوف في التقاطعات وعكس السير، كما يقودها أطفال تحت سن السابعة عشرة، ويسببون إرباك الحركة بالذهاب يمنة ويسرة وعدم احترام اشارات رجال المرور وعدم الوقوف بأماكن مخصصة.
وأضافوا أنه في الغالب ما تكون الدراجات النارية سببا رئيسيا في المخالفات المرورية والكثير من المشاكل، وأن الجهات المعنية تساندهم في ذلك معتبرة الدراجات النارية في حال حدث حادث أو مخالفة مثلها مثل المشاة.
بينما قال نائب مدير شرطة السير بالمحافظة طاهر الفائشي لـ”يمن مونيتور”: “أن شرطة السير تقوم بضبط السائقين المخالفين ومعاقبتهم حسب الإمكانيات المتواجدة لديهم وأن هنالك ورديات للقيام بذلك وأن ما يخرج من الدراجات في الشوارع إما أنه يكون قد خرج في المدة الفاصلة بين الوردية والأخرى أو وقت توقف عمل الشرطة”.
موضحا، أن شرطة السير تقوم بثلاث ورديات يوميا في الجوالات والتقاطعات من أجل تنظيم الحركة والزحام حيث تبدأ صباحا وتنتهي عند الواحدة ظهرا غرضها فك الزحام.
وأضاف أن القانون اليمني يعتبر أن الدراجة ذات المحرك الآلي مركبة تعاقب كما تعاقب السيارة وتعامل كما تعامل السيارة وترسم كما ترسم السيارة وتطبق عليها غرامة المخالفة كما تطبق على السيارة والقاضي في المحكمة يحكم عليها كم يحكم على السيارة، وأنهم وفق هذا القانون يتعاملون مع الدراجات ولا يتعاملون مع قانون سواه.
دراجات بدون تصاريح
لا توجد احصائية بعدد الدراجات المصرحة داخل المدينة ويرجع سبب ذلك لتوقف شرطة السير عن قطع التصريحات، الأمر الذي دفع اليمنيين لامتلاك الدراجات النارية أكثر من قَبل، إذ أصبحت المنازل داخل المدينة لا تخلو من الدراجات إلا القليل منها.
وبحسب قول الفائشي: “لا يوجد احصائية بعدد الدراجات النارية المتواجدة في مدينة تعز خلال السنوات الأخيرة وكانت أخر احصائية قبل حوالي عشرة أعوام وكان عددها مايقارب 15 ألف دراجة في قرى ومدينة تعز”. مضيفا، أن أغلب الدراجات النارية بدون تصاريح رسمية ولا يتم التعامل معها بشكل رسمي حيث يتم التعامل الرسمي مع الدراجات الرسمية منهن فقط.
مبينا، أن قطع التصريحات متوقف حاليا بسبب إغلاق الجمارك وأن شرطة السير تنتظر فتحها من اجل القيام بحملات مرورية للترقيم وقطع التصريحات، حيث سيتوجب عليهم حجز جميع الدراجات لدى شرطة السير بحيث لا تخرج إلا بالرقم.
وقال إنهم في شرطة السير عملوا على خطة لحل جميع مشكلات الدراجات النارية قدمها المدير للمحافظة وكان مفادها وجوب تركيب ثلاث إطارات للدراجة للحد من المشكلات المرورية والفوضى، ولم تلقا اهتماما يذكر.
مصادر أمل
لجأ عدد كبير من الشباب اليمنيين الذين عجزوا عن إيجاد فرص عمل مناسبة لتوفير المال إلى شراء الدراجات النارية والعمل في توصيل الناس بأجر يكفي لتأمين المستلزمات الضرورية لهم ولأسرهم أو لتأمين احتياجات خاصة بهم كانوا على وشك الحرمان منها او بشكل عام للقضاء على البطالة.
محمد علي 35 عاما والذي يحمل شهادة في إدارة الأعمال يخرج عند السابعة صباحا بدراجته النارية إلى جولة وادي القاضي وينتظر تحت حرارة الشمس المتعبة الزبائن الذين يبحثون عن توصيلة سريعة، من أجل توصيلهم والحصول على مبلغ يكفي لتوفير حاجاته اليومية وحاجة اسرته المكونة من زوجة وطفلين.
لجأ محمد للعمل بالدراجة النارية قبل سنتين حسب قوله بعد أن فقد وظيفته في المؤسسة التي كان يعمل بها والتي توقفت بسبب الحرب، عندما نصحه قريب له بشراء دراجة والتكسب بها لتوفير إيجار ومتطلبات المنزل، الأمر الذي اضطره لإقتراض المال من صديق أخر وشرائها.
ويضيف لـ”يمن مونيتور”: رغم كل التعب والحرارة أصبحت قادرا على رسم الفرحة على وجهي طفلتي عندما أعود من عملي حاملا احتياجات البيت، مهما كان العمل متعبا إلا أنه الوحيد الذي جعلني قادرا على تحصيل مايقارب 5000 ريال يوميا وهو المبلغ الذي سد احتياجي اليومي.
يخبرنا اسامة الشرعبي 22 عاما عن سبب امتلاكه دراجة نارية بقوله كان راتب والدي يكفي لتأمين مصاريفي الجامعية وأسرتنا لكن الأقدار لم تشأ ذلك بعد اكمالي الثانوية خصوصا مع ارتفاع الأسعار وكون قريتنا في شرعب (منطقة تابعة للحوثيين) حيث عمل ذلك على تقليص راتبه الشهري نظرا لقيمة العملتين حيث اصبح يصل مرتبه بعد الصرف 40 ألف بعد أن كان يزيد عن ال100 الف، الأمر الذي كان سيتسبب بتوقف دراستي الجامعية.
يضيف أسامة لـ”يمن مونيتور” بلهجته العادية “اجالي الموتور فكة من مكة” تعبيرا منه أن الدراجة اخرجته من مأزق كبير، وعن توفير المبلغ لشراء الدراجة يقول أسامة أنه عمل لمدة عام كامل قبل دخوله الكلية في محافظة المهرة كغيره من الكثير من شباب قريته لتجميع المبلغ الكافي لشراءها.
حاليا يداوم أسامة على حضور محاضراته الجامعية صباحا ويضطر للذهاب بسرعة دون الجلوس مع زملائه فور انتهاء المحاضرات أو تغيب الدكاترة إلى “جولة سنان” لينتظر كما ينتظر السائقين الأخرين الزبائن لتوصيلهم، ومن ثم يعود حدود الرابعة أو الخامسة عصرا إلى سكن الطلاب للمذاكرة والارتياح.
ليس اسامة الوحيد من يمارس هذا الدوام فهناك الكثير من الطلاب الذين يملك كلا قصته الخاصة به أو التي تجعله يعمل في قيادة الدراجة، إذ أنه يهالك منظر عدد الدراجات المتراكمة أمام بوابة جامعة تعز صباحا، والتي يعتبرها البعض كمصدر رزق أو لتنقل من قراهم إلى الجامعة.
هكذا أعتبرت الدراجات النارية داخل مدينة تعز سببا في الزحام وتعثرات السير ولقمة مرة في فم سائقي السيارات بينما أعتبرها أخرون مصدر رزق وتكسب لجلب لقمة العيش ومصدر تنقل عبر تقريبها للقريب مثالها في ذلك ” شكاوي قوم عند قوم فوائد”.