يتساءل المواطن الثائر في البلدان العربية التي ضاق فيها من فساد النظام, لماذا تفشل ثوراتنا ضد الأنظمة ؟ ولم تحقق النجاح الذي تحقق في ثورة الأسلاف القرن الماضي, ضد الاستعمار والطغيان.
هذا السؤال يحتاج للعودة للتاريخ , ومراجعة حقيقية للثورات العربية, التي قادها مجموعة من الأحرار , لا شك في وطنيتهم, و توقهم للانعتاق من الاستعمار .
ودراسة واقع الشعوب والظروف الموضوعية والذاتية التي شهدتها المرحلة حينها , كما نحتاج لمعرفة المزاج العالمي السائد , خاصة بعد الحرب العالمية الثانية, التي أرهقت الدول الاستعمارية , وإعادة ترتيب مراكز القوى العالمية , واتفاقية سايس بيكو تقسيم العالم .
كل هذا دفع بالدول الاستعمارية تقليص نفوذها الاستعماري , واعلانها الانسحاب من كثير من تلك الدول, بعضها انسحاب مخطط , والبعض انسحاب مشروط , والبعض الاخر انسحاب الهروب من الاستحقاق , خاصة بعد ان بدأ النفوذ العالم يتغير, وكان لابد من احداث تغييرات تخدم النفوذ الجديد , واسقاط الأنظمة الملكية التي خارج سيطرة لهذا النفوذ , القبول بأنظمة وطنية مخترقة , لتبقى تحت السيطرة , مع تشكيل بؤر استعمارية في كل مربع تخدم المستعمر واعوانه , واستمرت الأنظمة الوطنية ما بعد الثورات العربية تقاوم كل التحديات , وكل هذا التآمر على أي نظام وطني حقيقي , وبمجرد ما ان شعروا بالتهديد الحقيقي, حركوا ادواتهم في الوسط العربي وفي العالم , لتبرير استهداف تلك الأنظمة , كان استهداف نظام إبراهيم الحمدي في اليمن بداية , ثم الحرب الإيرانية العراقية, ثم استهداف العراق الشقيق وليبيا, عندما توفرت لديهم المبررات , استنفروا ادواتهم , وتم تدمير العراق , واستكملوا عملية التدمير في مواجهة ثورة الربيع العربي, تدمير سوريا وليبيا واليمن , لا سمح للثورة تواصل مشوارها , وتفضي لنظام يختاره الشعب , ولا اعادوا الأنظمة السابقة , بل دمروا كل ما بناه الشعب العربي خلال فترة التحرر , وخاص القوات المسلحة والروح الوطنية , والهوية الوطنية , وعززوا هويات طائفية مناطقية, عززوا الجهوية والاثنية , عززوا أسوأ ما في البلدان العربية , ودمر اجمل ما فيها , وزرعوا ثارات واحقاد , تحتاج لسنوات وسنوات لتجاوزها , الهدف ان تبقى تلك الدول معاقة لفترة أطول , لغرض تجريدها من السيادة الوطنية والإرادة الشعبية , ليسهل ابتزازها ونهب خيراتها , وتحويلها لمجرد تابع حقير مذل مهان , تحمه مجموعة لصوص وفاسدين , ويتحكم به حقراء بائعي الأوطان والشرف والكرامة , لا يضعون للوطن أي مقدار والوطنية أي معنى , فتتشكل قوى نافذه تملك المال والسلطة تخدم المستعمر واعوانه .
لن تنجح أي ثورة عربية , ما لم تتحرر أولا من أي دعم خارجي , فهو دعم غير بريء , هو دعم لغرض الوصول لشراء ذمم الضعفاء من قادة الثورة , والتآمر على الثورة من خلالها , وخاص الدعم العربي من دولة تأسست بدعم استعماري , والتاريخ لا يرحم , يحكي كيف تأسست تلك الدول ؟, وما هو دورها في المنطقة ؟, والمؤامرات التي اشتركت بها ولازالت شريكة على الامة العربية والإسلامية .
لكي تنجح ثورتنا , يجب أن نبدأ بثورة مقاطعة لتلك الدول , وثورة تصفية للعملاء في الداخل , كل من مرتبط بأجندات بهذه الدول لا تخدم قضيته الوطنية , او يستلم مبالغ من الخارج , فهو عميل ما لم يتوب ويعود لحضن الوطن والوطنية .
نحن في اليمن كشعب , يجب دعم كل القوى الوطنية الرافضة للارتهان والتبعية , والارتهان للأمارات او السعودية , او ايران او قطر , او أي دولة نواياها سيئة في التعامل مع ثورة اليمن , واستعادة الدولة والنظام والقانون .
نطالب الرئيس ومجلسي الرئاسة و الوزراء وكل مسؤول وكل سياسي وكل مواطن رفض الاملاءات , التمرد على التحالف بعد ان ثبت عدم مصداقيته معنا , واثبت انه جزء من المؤامرة ضد الثورة والتحول المنشود .