اليهود اليمنيون وصلوا إلى “إسرائيل” بعد رحلة معقدة مرت بثلاث دول
يرصد التقرير بلسان اليهود اليمنيين الواصلين إلى “إسرائيل” القصة الكاملة والمحطات التي مروا بها خلال تهريبهم من اليمن، نقلاً عن وكالة الأنباء الفرنسية.
يمن مونيتور/ بئر السبع/ (أ ف ب)/
“تعبنا كثيراً والرحلة لم تكن سهلة”، بهذه الكلمات وصف الحاخام سلمان يحيى يعقوب دهاري رحلته من اليمن الى بئر السبع، التي وصلها ليلة الأحد الإثنين.
وأكد الحاخام دهاري، الذي وضع العمامة اليمنية، وأطلق لحيته وسوالفه، لـ “وكالة فرانس برس″ في مركز استيعاب المهاجرين الجدد، في مدينة بئر السبع “نحن من منطقة خالف في مدينة ريدة (…) تعبنا كثيراً، لقد مررنا بثلاث دول واستغرقت رحلتنا يوماً واحداً”.
وقالت الوكالة اليهودية شبه الحكومية، المسؤولة عن تنسيق هجرة اليهود إلى إسرائيل، في بيان “وصل 19 فرداً إلى إسرائيل في الأيام الاخيرة، بما في ذلك 14 شخصاً من مدينة ريدة، وعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص من صنعاء”. ووصل من هؤلاء 17 ضمن الفوج الذي ضم الحاخام سلمان.
تقع مدينة ريدة في محافظة عمران شمال غرب اليمن، ويسيطر عليها مثل العاصمة صنعاء، الحوثيون، الذين يقاتلون قوات الحكومة المعترف بها دولياً، والمدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
لكن موظف الوكالة اليهودية في مركز الاستيعاب أوقف الحاخام عن الاسترسال في سرد تفاصيل رحلته بإشارة من يده، وطلب منه أن لا يتحدث “عن الرحلة أكثر”.
وبدا على القادمين التعب والإرهاق، وكانت عيونهم شديدة الاحمرار من قلة النوم، وغطت النساء شعورهن وارتدين فساتين طويلة محتشمة، في المركز المحاط بسياج حديدي وبوابة دوارة يراقبها حارس.
وقال الحاخام سلمان “نحن 17 شخصاً، بينهم زوجتي، مازال يهودا. لم نكن في خطر كبير، كان هناك خوف، وأنا حضرت من أجل أولادي الذين جاؤوا قبل ستة أشهر إلى إسرائيل”.
وأضاف “أحضرت معي نسخة من التوراه عمرها 600 سنة، أخذتها من والدي، الذي كان هو أيضاً حاخاماً وورثها عن جدي الحاخام، الذي ورثها بدوره عن أجداده”.
وعما ينوي فعله قال “لا نعرف حتى الآن. أنا مرتاح لأنني رأيت أولادي الحمد الله”.
وللحاخام سلمان تسعة أبناء، هم خمس بنات وأربعة أولاد، وكان يقوم بتدريس الدين اليهودي، ويعقد القران، ويهتم بالشؤون الدينية لأبناء طائفته.
وقال يحي وضبي، الموظف في الوكالة اليهودية، المسؤولة عن تنسيق هجرة اليهود إلى إسرائيل، والذي وصل قبل عشر سنوات من اليمن، إن عملية إخراج آخر من تبقى من اليهود من اليمن “كات معقدة جداً”، رافضاً الكشف عن الجهات التي ساعدتهم، ووصف ذلك بانه “سر”.
كما رفض يحيى الكشف عن “التكلفة المالية لهذه العملية”.
وأضاف أن المركز “يساعد المهاجرين بتوفير السكن والطعام لسنة ونصف سنة، إلى أن يجدوا شقة ويقرروا ما يريدون عمله”.
وتابع “إنهم مرهقون لم يأكلوا منذ الصباح ولم يناموا”.
وأشار إلى “وصول 400 يهودي من اليمن خلال الأربع سنوات الماضية”. وأكدت الوكالة اليهودية للهجرة أنها “أنقذت حوالي 200 يهودي من اليمن” في السنوات الاخيرة.
وأعلنت الوكالة اليهودية الاثنين أن عملية نقل اليهود ال19 كانت “سرية ومعقدة”، وكان الهدف منها “إنقاذ بعض آخر المتبقين من إحدى أقدم المجموعات اليهودية في العالم”.
ولم يسمح للصحافيين بالدخول إلى مركز الاستيعاب وبقوا عند المدخل في الممر.
وقال تصيون دهاري (19 عاماً) اليمني الأصل، الذي خرج من المركز مع شقيقاته، اللواتي وصلن مع والديه ليلة الأحد إلى الاثنين “إنها أول مرة ألتقي مع أخواتي منذ أربع سنوات. أريد أن أشتري السكاكر والحلوى لهن”.
وارتدت شقيقاته ذوات الشعر الأسود والعينين الداكنتين استر (11عاماً) وهداية (9 سنوات) ومالكه (7 سنوات) فساتين سوداء طويلة ومزركشه بالخرز البراق.
وقالت استر بلهجة يمنية خالصة “جئنا من صنعاء. نحن نخاف القباىل”. وفسر أخوها ذلك قائلاً “القباىل هم العرب”.
أما هداية فقالت “أنا في الصف الثاني. لي صديقات كثيرات في اليمن، وانا أحبهن”.
وقال تصيون، الذي وصل قبل أربع سنوات إلى إسرائيل، “أنا هنا أدرس التوراة. كنت أرغب بدراسة شيء آخر، لكن الأمر يكلّف الكثير من النقود”. ويضع تصيون القلنسوة على رأسه ويزين سرواله بخيوط يضعها المتدينون.
وقال مبتسماً “سنحتفل بعد غد معا ًفي عيد بوريم (عيد المساخر)، وسترتدي أخواتي ملابس خاصة. أمي خياطة، وأبي كان صاحب حانوت في اليمن”.
واصطحب المسؤولون عن مركز الاستيعاب المهاجرين اليهود اليمنيين إلى وزارة الداخلية الاثنين لإصدار هويات إسرائيلية.
لا يزال في اليمن وفق الوكالة اليهودية قرابة 50 يهودياً، اختاروا البقاء حيث هم.
وبدأت عمليات استقدام ونقل اليهود اليمنيين عام 1949 وجلبت إسرائيل نحو 50 الف يهودي من اليمن في الفترة ما بين 1949 و1950، في إطار عملية سميت عملية “بساط الريح”. وتم التفاوض حول شروط العملية مع السلطات اليمنية وإخرج اليهود عبر مدينة عدن.