اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

ألعاب أطفال اليمن.. محاكاة لحروب الكبار

تركت الحرب الدائرة في اليمن منذُ عام أثاراً سلبية على كل أطياف المجتمع، ونال الأطفال النصيب الأكبر، إن بسبب فقدان أحد الأقارب وإن بسبب التعرض لمشاهد العنف بشكل شبه يومي. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من عفاف الأباره
تركت الحرب الدائرة في اليمن منذُ عام أثاراً سلبية على كل أطياف المجتمع، ونال الأطفال النصيب الأكبر، إن بسبب فقدان أحد الأقارب، وإن بسبب التعرض لمشاهد العنف بشكل شبه يومي.
لم يقتصر تأثير الحرب على الأطفال في الجانب النفسي فقط، بل ترجموا ذلك إلى سلوك يمارسونه في حياتهم اليومية، وصولاً إلى ألعابهم التي أصبح معظمها يحاكي حروب الكبار ويقلد ما تعرضه الفضائيات من اقتتال.
ويقول أهالي إن الحرب خلفت سلوكاً عدوانياً لدى أطفالهم، حتى أنهم في نطاق البيت الواحد أصبحوا يمثلون أدوار القتل والعنف فيما بينهم.
ويوصي الخبراء في المجال الأسري أهالي الأطفال بمحاولة تجنيبهم، قدر المستطاع، أعمال العنف والقتل والدمار التي تعرض على شاشات القنوات اليمنية، احترازاً حتى لا يتولد لديهم نزعات لهذا العنف.
 
محاكاة
يقول “محمد أحمد”، إن أطفاله الثلاثة تأثروا تأثيرا سلبيا بمشاهد العنف وباتت ألعابهم كلها حرب فيما بينهم، ويقلدون كل ما يشاهدون على القنوات الفضائية من اشتباكات في أكثر من منطقة يمنية.
وأضاف “محمد” لـ”يمن مونيتور”، “أن أطفاله يجمعون مصاريف المدرسة لمدة أسبوع، وفجأة آخر الأسبوع يعودون حاملين ألعاب على شكل مسدسات في أيديهم، وكل منهم يتحدى الآخر بأنه سيقضي عليه”.
وأوضح “أنه يحاول قدر الإمكان توفير الجو المناسب لهم، ويخرج في الصباح الباكر ليلعب معهم كرة، لكي ينسيهم صور القتل والدمار التي باتوا يقلدونها.
 
المنزل تحول إلى ساحة صراع
يشتكي “صالح حميد” من أولادة الأربعة الذين تتفاوت أعمارهم بين العشر سنوات وستة عشر سنة، من الاختلاف الذي احدثته الحرب بينهم من شجار وخلاف.
ويتابع أن شجاراً عنيفاً يحدث كل يوم بين أولاده الذين انقسموا بين مؤيد للحوثي ومؤيد للشرعية، وأصبحوا يترقبون كل جديد من زوامل وأشعار تنتجها الأطراف المتصارعة في البلاد، فيبادرون إلى ترديدها كنوع من المناصرة”.
وأوضح أن “المصطلحات التي يتم تداولها في شبكات التواصل الاجتماعي مثل (مرتزقة، دواعش، حوافيش، سيد، عبد، قبيلي، وعميل، وغيرها أصبحت تطغى على حديث الأطفال هذه الأيام، مبدياً “تخوفه على مستقبل أولاده، من خطورة تلك الأفكار التي قد ترافقهم على المدى البعيد وتخلق نوعاً من الكراهية في المجتمع.
 
صدمات قوية
يقول الخبير التربوي والأسري “خالد الحدائي”، إن الحرب أثرت على الأطفال في نواح عدة، من أهمها الجانب النفسي حيث كونت في أنفسهم صدمات قوية، خصوصا من فقد إنسانا قريبا له أو صديقا.. ومن أصيب من يعيش معه في محيط بيئته، ومن يسمع قصص الحرب ويشاهد أهوالها.
وأضاف “الحدائي” “لـ “يمن مونيتور”، “أن الحرب تنتج علاقات مضطربة اجتماعياً كالخوف من الغرباء والبعيدين إﻻ من يشاركه الآمه ويرى جراحاته أو يسمع عنه أو منه مصائب الحرب وويلاتها”.
وتابع “أن الحرب أيضا تؤثر على تعاملهم السلوكي، ويلاحظ ذلك في تصرفاتهم حيث تكون مختلفة عما قبل الحرب؛ فالصراخ واضطراب النوم والخوف والكوابيس والمرض تصاحبهم في حياتهم فتميل نفوسهم للغضب والتعامل بقسوة أو أنانية.
وأوضح الخبير التربوي أن “الحرب تؤثر على الأطفال في الجانب العلمي حيث أنها تقلل من اهتماماتهم بدروسهم نتيجة ما يسمعون ويشاهدون خصوصا عندما يرون قتل الأطفال من قرنائهم، وتدمير أماكن العلم فيلجأون للعيش في المنزل وانتظار الموت”.
ويتابع، “نتلقى شكاوى من أهالي بعض الأطفال منذ اندلاع الحرب في البلاد، تفيد بأن الأطفال يشعرون بالقلق والاضطراب وفي معظم الأوقات يشعرون بالعجز ويصابون باﻻنفعاﻻت والغضب فيميلون للعزلة والبكاء والعزلة والخوف من المجهول، وربما نقمة اجتماعية على من تسبب في إراقة كل هذه الدماء”.
 
معتدٍ ومدافع
ويلاحظ أن الكثير من الأطفال يمارسون ألعاب عنف، وينقسمون إلى فريقين، أحدهما فريق المهاجمين المعتدين، والآخر يدافعون عن أنفسهم ويسقط منهم الضحايا.
ويوصي خبراء التربية أهالي الأطفال بمراقبة سلوكهم، والجلوس معهم وتفهم مشاعرهم وإبعادهم عن الصور والقصص والأحداث المؤلمة بقدر المستطاع مع بث الأمل في نفوسهم وإشعارهم بالحب وعاطفة القرب، واقتناء ألعاب واقعية ﻻ عنف فيها.
 
رواج كبير للأسلحة البلاستيكية
يقول “نور الدين عوض”، وهو صاحب محل تجاري لبيع ألعاب الأطفال في صنعاء، إن الأطفال يقبلون على شراء الأسلحة البلاستكية والألعاب النارية بشكل كبير، لا سيما بعد قيام الحرب في اليمن.
وأضاف “عوض” لـ”يمن مونيتور”، “أنه لاحظ في الأيام الأخيرة أطفالاً يشترون من محل قريب منه يبيع أدوات منزلية “خناجر وسكاكين”، ما يؤشر إلى ازدياد حالة العنف لدى الأطفال.
 
سلوك الطلاب يتغير
تقول “أفراح العبسي”، وهي أخصائية اجتماعية ومدرسة بنات في صنعاء، إن طالباتها بدأن يتصرفن بعدوانية، وأنهن يعتبرن ذلك دفاعاً عن النفس.
وأضافت لـ”يمن مونيتور”، أن بعض طالباتها يفضلن الجلوس لوحدهن، ولا يمارسن اللعب أثناء فترة الراحة كالعادة، وأن الأمهات يوصين بناتهن بعدم الخروج من قاعات الدرس خوفاً من القصف أو التعرض لمكروه.
وتابعت، أن هناك طالبات يصرخن عندما يسمعن صوت طائرة خوفاً من القصف، وبعضهن تصاب بالدوار، فيما أخريات يهرولن للإدارة ويطلبن الاتصال بامهاتهن.
وتضيف “العبسي” أن المدرسة تقوم بحصص إرشادية لطالباتها وتستدعي ذويهن لسماع شرح حول كيفية التعامل مع أبنائهم والحد من العنف، داعيةً إلى “عمل حملات توعوية تساعد على غرس القيم الأخلاقية وحب الوطن بعيداً عن المذهبية والحزبية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى