التسويق الالكتروني.. بيئة خصبة لنمو المشروعات الصغيرة في اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من أسامة كُربش
لم يعد التسويق الالكتروني محتكراً على الشركات والمؤسسات ورواد الأعمال، بل أصبح عملاً مستقلاً يمارسه الكثير من الشباب اليمني الذين اتجهوا لتنمية مشاريعهم الصغيرة والترويج لها عبر الانترنت. ومع استمرار الحرب الدائرة في اليمن وانعدام فرص العمل، وتفشي البطالة، أصبح التسويق الالكتروني بيئة خصبة وآمنة لأصحاب هذه المشاريع بالرغم من الصعوبات التي يواجهونها في هذا المجال.
أسامة الحداد (24 عاماً) قرر قبل ثمانية أشهر من الدخول في عالم التسويق الالكتروني، بعد فترات قضاها عاملاً في المطاعم، ثم سائقاً على متن دراجته النارية، إلا أن هذه الأعمال لم تكن تُغطي مصاريف دراسته الجامعية حسب قوله، اختار أسامة البيع والشراء في مجال الهواتف والالكترونيات عبر تسويق المنتجات بمجموعات خاصة بمتجره في تطبيق “الواتس اب”.
يقول أسامة، إن الأمر لم يُكن سهلاً خاصة في البداية حيث كانت تمضِ أيام بدون بيع أي جهاز ، لكنني لم أستسلم فبسبب علاقتي مع تجار الجُملة والزبائن الذين أحرص على إعطائهم البضاعة المضمونة وغير المقلدة تحسن العمل تدريجياً وكسبت ثقة العملاء”.
أسامة يتمنى أن يتوسع مشروعه الصغير فغي المستقل، ويكون سبب في خدمة الناس، إذ يعتبر أسامة عمله في المتاجرة عبر النت أنها تعطي أهمية للهاتف الجوال، وبقضي أوقاته في شيء مفيد وإيجابي له ولأسرته، عكس ما كان في السابق، إذ يتم إهدار الوقت في التصفح غير المفيد.
“المتاجر الإلكترونية بديلة للأسواق”
تجربة أسامة لا تختلف، عن تجرية الشاب هيثم محمد الذي افتتح متجره الإلكتروني الخاص باسم هstyle لبيع وشراء الملابس والموديلات الشبابية.
يقول هيثم في حديث خاص لـ”يمن مونيتور”، إنه شخص محب للموضة، وخاصة العصرية والشبابية وهو ما دفعه للعمل، حيث يُقوم بشراء البضاعة التي تُناسب الشباب العصري من تُجار مختلفين ثم يعرضها ويبيعها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، واتساب، وانستجرام.
يضيف هيثم الذي قام بإعداد استوديو تصوير بسيط في منزله، من أجل عملية التنسيق، والإضاءة، والتصوير، والألوان للظهور بشكل لائق، أن “الزبائن دائماً يُفضلون راحة البال، ولا يحبون الخروج في زحمة الأسواق” لذلك تحولت المتاجر الإلكترونية بديلة ونحن نقوم باستهداف هذه الفئه.
يقترب عمر مشروع ه style الصغير من السنتين ويأمل “هيثم” أن يتطور هذا المشروع ليُصبح اسماً تجارياً ملموساً على الأرض في قادم الأيام.
“بيئة آمنة للمرأة”
للمرأة اليمنية مشاركة فاعلة وكبيرة في مجال التسويق الإلكتروني، والذي أصبح من المهن والأعمال التي يُمارسها الكثير من النساء في اليمن في وانعدام توفر فرص العمل لديهن، بسبب الحرب والعادات والتقاليد التي تقيد عملهن.
وفي هذا الشأن، تقول الدكتورة غادة الأغبري التي تملك عدة مشروعات إنها تهدف الى تطوير المرأة وتثقيفها في مجال الكيماويات ومستحضرات التجميل .
وتضيف في حديث لـ”يمن مونيتور”، أن شغفها بهذا المجال دفعها لافتتاح مشروعاً لبيع منتجات العناية بالبشرة والشعر ومستحضرات التجميل والأدوية الجلدية عبر الإنترنت.
وترى الأغبري أن العمل بالتسويق الالكتروني أكثر أماناً وراحةً وحرية، خاصة للنساء وذلك بعدم الالتزام بدوام مقيد، والعمل من المنزل وليس بمكان يُشترط فيه لباس معين ووقت محدد لذلك فهو يُعطي للمرأة راحة أكبر وحرية أكثر.
“تحديات التسويق الإلكتروني”
صعوبات عديدة تواجه المسوقين الالكترونيين في اليمن أبرزها، رداءة الانترنت، وانقطاع الكهرباء المستمر، وغياب الوعي الاجتماعي لدى المستهلكين بهذا الجانب من التسوق.
وفي هذا الشأن، يقول أسامة الحداد، إن “ضعف النت من أبرز العراقيل التي تواجهه في عمله، بالإضافة الى عدم تقبل المجتمع اليمني فكرة التسويق الإلكتروني.
من جانبه، يرى “هيثم محمد” أن تخبط الأسعار وانهيار العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية أحد المشاكل التي يواجهها في متجره الخاص ببيع الملابس الشبابية.
يُضيف هيثم أن فارق الصرف بين مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ومناطق سيطرة الحوثيينـ تسبب في تدني عملية الشراء بشكل كبير من قبل الزبائن الذين هم في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
أما غادة الأغبري فترى في العادات والتقاليد عائقا أمام مشروعها الإلكتروني، وذلك لكونها تستهدف القطاع النسائي حيث أن أغلب النساء ليس لديها معرفة كاملة باستخدام مواقع التواصل.
وبحسب غادة، فإن أغلب الأزواج في اليمن لا يسمحون لزوجاتهم باستخدام “الواتس آب” أو غيره من التطبيقات التواصل.
“تجارب ناجحة”
بدورها، قال الدكتور محمد نعمان رئيس قسم التسويق بجامعة تعز ، إن “التسويق الإلكتروني يُعد من الخدمات المنتشرة حالياً ويعتمد عليه كثير من الناس ويُقدم خدمات عديدة سواء للبائع أو العميل حيث يُسهل عملية الوصول للعملاء وإكمال عملية الشراء في المناطق الجغرافية البعيدة وبدون التقيد بالوقت”.
ويرى الدكتور نعمان في حديث لـ”يمن مونيتور”، أن التسويق الإلكتروني في اليمن لا يزال حاجة لتوافر متطلبات عديدة ليكون له مستقبل زاهر مثل سرعة الانترنت، ورفع الوعي لدى قطاع العملاء بهذه الخدمات.
بدوره، أكد البروفيسور وأستاذ التسويق الرقمي في جامعة تعز خالد الحريري، أن التسويق الإلكتروني أصبح اليوم الوسيلة الأكثر استخداماً من قبل الشباب ورواد الأعمال لممارسة العمل الحر على شبكة الويب وأجهزة الهاتف المحمول، ويعود ذلك لعدة أسباب منها انخفاض التكلفة مقارنة بالوسائل التقليدية، وزيادة عدد مستخدمي الانترنت من قبل مختلف شرائح المجتمع وبالأخص شريحة الشباب.
يعتقد الدكتور الحريري في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أن التسويق الرقمي في اليمن ما يزال يحتاج إلى الكثير ويواجه تحديات كبيرة أبرزها رداءة وضعف خدمات الانترنت وعدم توافر البنية التحتية اللازمة لممارسة التسويق الإلكتروني مثل الشركات المزودة لخدمات الانترنت وتوافر الكهرباء والأجهزة والشبكات والبرامج والتطبيقات المتعلقة بهذا المجال وكذلك انخفاض الوعي المجتمعي حول التسويق الرقمي، وعدم ثقة الكثير من أبناء المجتمع اليمني بالمنتجات والعمليات عبر الوسائط الرقمية وخصوصاً عمليات الدفع الالكتروني والتأكد من جودة المنتج.
ويضيف الحريري أنه، بـ”الرغم من كل هذه التحديات والمعوقات هناك تجارب ناجحة لشباب تجاوزوها بالعزيمة والتخطيط الجيد والاستخدام الفعّال واختيار الوسائط الملائمة للمشروع والعملاء المستهدفين”.