بحثاً عن الكرامة خرج غالبية اليمنيين في ال11 من فبراير مطلع 2011م،فيما عُرف بثورة الشباب السلمية الشعبية،والتي شكلت منعطفاً تاريخياً بحسب المتابعين والمراقبين والقارئين للوضع اليمني ومن هم على دراية بالمجتمع اليمني المتعدد في توجهاته وفسيولوجياته التي فرضها التنوع البيئي والثقافي في وطن كان منبع حضاراتٍ سامقة البنيان ومرفدة الأخلاق والقيم حتى أنها عممت مميزاتها في كل منطقة وصلت إليها في إطار الجزيرة وخارجها.
بحثاً عن الكرامة خرج غالبية اليمنيين في ال11 من فبراير مطلع 2011م،فيما عُرف بثورة الشباب السلمية الشعبية،والتي شكلت منعطفاً تاريخياً بحسب المتابعين والمراقبين والقارئين للوضع اليمني ومن هم على دراية بالمجتمع اليمني المتعدد في توجهاته وفسيولوجياته التي فرضها التنوع البيئي والثقافي في وطن كان منبع حضاراتٍ سامقة البنيان ومرفدة الأخلاق والقيم حتى أنها عممت مميزاتها في كل منطقة وصلت إليها في إطار الجزيرة وخارجها.
من لا يعرف اليمنيين فقد طوى على نفسه صفحات من المعرفة والمتعة تناولها التاريخ بكل إنصاف،حين دوّن ونقل ووصف وحكى كل ما يتعلق بهم منذ نشأة أرض اليمن السعيد،والتي كانت وما زالت أيقونة صراع بين القوى الإستعمارية المتواترة عبر الأزمان.
في ال18 من مارس فيما عرف بعام الثورة – 2011م – كما يحب غالبية اليمنيين تسميته وقعت مجزرة جمعة الكرامة التي راح فيها أكثر من خمسين قتيلاً بدم بارد ودون بوادر تقود لمثل هذا الحدث الجلل في مشهد لم يعتده اليمنيون الذين عانوا قبل إعلان ثورتهم العديد من الويلات،متنقلين بين صنوف العذاب سياسياً واقتصادياً وحتى على المستوى الإجتماعي..مثلت مجزرة جمعة الكرامة صدمة كبيرة لمن تابع تفاصيل ما حدث،في الآن ذاته كانت نقطة التحول الرئيسية في الثورة الشعبية وأحداثها الدراماتيكية المتتالية كسرعة البرق،فبعدها أعلن فصيل كبير من الجيش دعمه وتأييده للثورة وتبعه العديد من الوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي اليمني من مستوى عالٍ في عدد من الدول،بل يُمكن القول أن مجزرة الكرامة سلطت الأضواء على المجريات المستجدة في اليمن واستدعت تفاعلاً وتناولاً إقليمياً ودولياً لها مما جعلها وسيلة ضغط شرعية على السلطة القائمة يومها والتي تعاملت مع المجزرة ببرودة تامة بعد أن اكتفت بتعاطٍ شكلي لم يغنِ عن تخفيف حالة الغليان التي عمت الشارع اليمني نتيجةً لهول المجزرة وضحاياها الذين ينتمون لأكثر من محافظة يمنية على امتداد البلاد.
ما كان للثورة الشبابية اليمنية أن تنحى منحاها الذي رأيناها عليه لولا جمعة الكرامة التي طوت عهداً تصدره الإمتهان والذل،كابد فيه اليمنيون كل المنغصات وقاسوا ما لم يقاسيه شعب على وجه المعمورة،ولأن أصل الكرامة إنسان فقد سارع الثوار اليمنيون لبرهنة تلك المقولة على الأرض حين مضوا في سبيل إتمام ثورتهم والخلاص من عهد ظلامي بائس لم يُنتج سوى الثارات والفجوات الكبيرة في كافة المجالات.
بعد نجاح الثوار في إسقاط صالح وأبرز معاونيه،برز يوم ال18 من مارس مرة أخرى في تاريخ الجمهورية اليمنية،الجمهورية التي لم تثبت دعائمها إلى اليوم بفعل عدم الوفاء للثورة الأم – ثورة ال26 من سبتمبر 1962م – التي كان في مقدمة أهدافها منح اليمنيين كرامتهم وكل ما يعينهم على تحقيق آمالهم وطموحاتهم،ففي ال18 من مارس عام 2012م،اجتمع اليمنيون في مؤتمر حوار وطني جامع لحلحلة أزماتهم وحل مشاكلهم الرئيسية وإعلان تدشين مرحلة جديدة يكون للجميع فيها حق المشاركة في كل الجوانب،لقد كان يوماً آخر للكرامة،الكرامة التي لا يزال البحث عنها سارياً رغم كل التضحيات المبذولة من أجلها..وكالعادة،الأيادي الشريرة هي من توقف سير النجاح وتمنع التحليق للآفاق لمآرب ذاتية وأخرى خارجية وهو ما حدث فعلاً لتدخل اليمن نفقاً مظلماً اجتمع عليها فيه شران شر جماعة سلالية مهووسة بالماضي ومرتبطة بخزعبلات دينية لا أساس لها في الدين وتجر خلفها آلاف المغفلين من المضحوك عليهم،وشر المخلوع صالح وأزلامه ومناصريه وأدواته التي تعاضدت مع الجماعة السلالية للإيقاع باليمن وإيقاف مسيرة الثورة الشبابية وطمس معالم المجتمع اليمني الجديد الذي بدا كما أرادته الثورة الجديدة.
بالفعل قادة الإمتهان،السلاليون،دعاة السيادة والحق الإلهي،والممتهنون للفساد،والصانعون لرزايا اليمن،اتفقوا على مواصلة مشوارهم حتى يَنتهوا أو يُنهوا كل ما يتعلق بملامح العهد الجديد الذي تفتق على وقع جمعة الكرامة قبل 5 سنوات،فهاهي تعز تدفع فاتورة الوقوف في وجوههم القبيحة وكذلك عدن ومن قبلهما مأرب والجوف،بل كل اليمن قدمت تضحياتها لأجل الكرامة ولأجل نيل الحرية والخلاص من قيود الذل والإمتهان.
5 سنوات مضت في سبيل البحث عن الكرامة لليمن والمسيرة مستمرة حتى نيلها والحصول عليها مهما كانت العقبات ومهما كانت الطريق وعرةً للوصول إليها فلا تراجع عن هدف أسمى قُدّمت من أجله أغلى الأنفس وراح أنبل الشباب وكثير من متاع هذه الدنيا..فغداً تشرق الشمس حيث بشائر اليمن الجديد محملةً بأشعة الكرامة الموعودة لتعم ربوع الوطن.