لطالما مثَّل الوضع الإنساني في أي بلد تطحنه الحرب ورقةً رابحةً وقويةً بيد أطراف الصراع؛ حيث يحاول كل طرف استخدامه ضد الآخر واستثماره سياسيا في أي مفاوضات، أو دبلوماسيا لاستدعاء تدخل خارجي، أو وقفه عمليا لتنعكس نتائجه عسكريا على الأرض.
لطالما مثَّل الوضع الإنساني في أي بلد تطحنه الحرب ورقةً رابحةً وقويةً بيد أطراف الصراع؛ حيث يحاول كل طرف استخدامه ضد الآخر واستثماره سياسيا في أي مفاوضات، أو دبلوماسيا لاستدعاء تدخل خارجي، أو وقفه عمليا لتنعكس نتائجه عسكريا على الأرض.
في اليمن حاول الانقلابيون ومنذ اليوم الأول للتدخل العربي استخدام الأزمة الإنسانية الناتجة أصلا عن الحرب التي أشعلوها وعمموها على اليمنيين، بما يؤدي إلى دعم موقفهم دوليا، على أمل وقف العمليات الجوية لطيران التحالف.
ومن المفارقات أن هؤلاء هم من حاصروا مدينة تعز لأكثر من عام، ومنعوا عن سكانها دخول المواد الغذائية والطبية، وحتى المساعدات الأممية باعتراف دولي. ومن قبلها حاصروا عدن في الجنوب، ويقومون بنهب المساعدات في المحافظات التي يسيطرون عليها.
وخلافا لهذه الصورة التي تدينهم، قاد الانقلابيون حملة تضليل إعلامي وإنساني باتهام التحالف بحصار اليمن ومنع دخول مواد الغذاء والمشتقات التي كانت تصل باستمرار لميناء الحديدة، وما كان يقوم به التحالف هو تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 بحظر توريد أو بيع السلاح للانقلابيين فقط.
كما حاول الانقلابيون تصوير محافظة صعدة -معقل الحوثيين- وكأنها محاصرة وليست مزارا دائما للمنظمات الأممية المختلفة التي كانت تقدم المساعدات الغذائية والطبية، بخلاف تعز التي منعوا هذه المنظمات من دخولها بعد محاصرتها من جميع مداخلها.
عارض مندوب المملكة بالأمم المتحدة إصدار قرار جديد في ظل صلاحية القرار 2216، وتأكيد وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن المشكلة تكمن في منع الحوثيين تحركات المنظمات وإيصال المساعدات للمتضررين والمحتاجين.
كانت التحركات الدبلوماسية التي تقودها موسكو تسير في اتجاه الحصول على توافق مع الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن لإصدار قرار جديد بشأن الوضع الإنساني، خاصة في تعز، لكن قوات الجيش الوطني والمقاومة بدعم من قوات التحالف الذي تقوده السعودية قطعت الطريق على هذه المحاولات، ونجحت مؤخرا في كسر الحصار جزئيا من الجهة الغربية لتعز، وبدأت مساعدات مركز الملك سلمان تدخل، وباتت المنظمات قادرة على الوصول للمحتاجين، ولم يعد هناك أي عذر لها أو مبرر لقرار جديد من مجلس الأمن بهذا الشأن.
وبهذه الطريقة نجحت السعودية إنسانيا في قطع الطريق على أي محاولات روسية لابتزازها بملفات أخرى، ومنع إصدار قرار دولي جديد يهدف بالأساس لوقف العمليات العسكرية. وهو نجاح يضاف إلى نجاح دبلوماسيتها بالأمم المتحدة.
نقلا عن العرب القطرية