الحقيقة السائدة
الحقيقة مؤلمة, وما هو سائد اليوم فينا اكثر يلاما, وما ساد ويسود لا من عدم المصداقية مع بعضنا البعض , والاصطفاف الوطني لحماية السيادة والإرادة على أرضنا , فتركنا رموز السيادة والإرادة ضحايا لكل طامع ومستسلم للوصاية .
منذ نصف قرن والدولة الوطنية في اليمن تعاني من جور الوصاية, وهي تدمر أركانها, وتغتال رموزها, ونحن لم نستوعب الدرس, ولم نستخلص منه العبر, ولازال الاغلب مرتهن وتابع لقوى من خارج الحدود , والهوية والوطنية, يحتمي ثم يرتمي لأحضان العمالة والارتزاق, باحثا عن دعم ومشروعية, ليتسلط على قومه, ويعض أصابع شركائه، ويحكم و يتحكم بمصير وطن وأمة , حيث تتفوق الأنا والانانية , والاصطفاف الضيق للطائفة والمنطقة والايدلوجيا, وكلا يبرر لبعضه البعض, في صراع عقيم ينتج وحل مستنقع اسي , بيئة مثلى لتخلق الطفيليات والفيروسات الضارة , من ذوي المصالح والأطماع , مدعومة عنفا.
لا نبكي, ولا نذرف دموع التماسيح على وطن, عرضناه في سوق النخاسة، واليوم نتباهى بمن اشترى منا بثمن بخس, مدعومين بشر النفاق والشقاق, وشر ذو الوجهين, وسريعي التحول السياسي وفق المصالح, والحشرات التي تقتات من بقايا ولائم النفوذ السياسي والجهوي القبيح, مما جعل من الساحة السياسية مرتع لكل هؤلاء والوظيفة العامة وسيلتهم للوصول لمبتغاهم .
ما هو سائد اليوم لعنة في جبين من باعوا وطن ومن اشتراء منهم, من طالبوا وبرروا بإزاحة كل شريف , وكل صوت حر , رفع راية السيادة والإرادة لوطن وامة , ورفض التماهي مع مشروع التدخل السافر للخارج, رفض الارتهان والتبعية .
اليوم لعنة سقطرى في جبين كل من تامر في اسقاط الدولة فيها, لم يستطيع ان يكون دولة , أو حتى يحفظ سيادة الهوية, وإرادة الناس فيها , وتركها تستباح من قبل الامارات, وهي تحتكر السياحة فيها, وتسمح لليهود وأعداء الأمة العربية والإسلامية, يدنسون أرضها, ويمارسون البغي, احتكار يرفد أصحابه بالأموال, وأصحاب الأرض يموتون جوعا, ويفتقدون لسبل الحياة الكريمة, احتكار كل سبل الحياة من خدمات ومعيشة , وابتزاز المواطن والراس المال اليمني والسقطري, الذي يتعرض لشتى وسائل الابتزاز, من فقدان كهرباء الدولة , ليجد كهرباء الإمارات, بالعملة الصعبة, وهكذا هي الخدمات الأخرى, عندما غابت سلطة الدولة, وجدت سلطة العصابات والمرتزقة, صوتهم يقول بكل بجاحه و وجه قبيح نحن مع الامارات شاء من شاء وأبى من أبى, والذي يرفض يزفر من ارضه وتنهب ممتلكاته وحقوقه ,ما لم يخفى قسرا أو يقتل, مشهد تراجيدي يعيد للذاكرة سنوات السحل والترحيل، الذي شهدته عدن ابان الحرب الاهلية , واستمر يؤتي اكلة الى يومنا هذا, تلك الصورة التي لازالت تبرز من حين لأخر في عدن, انتقاما أو ثارا لماضي صنع من الضحية جلاد , واستمر يعيد انتاج المزيد من الجلادين, والمزيد من الضحايا, والمزيد من التراكمات والثارات والاحقاد والكراهية .
وجد التحالف ومن خلفه من العالم المنافق, أدواته الرخيصة, التي يلعب بها في بلدي اليمن , ترفع شعارات الحلم والطموح , تردد التطلعات, وتوضع في طريق كل ذلك المعوقات , أدوات او بيارق لعبة قذرة ملامحها هو تدمير كل شي في بلدي , ادواتها ارخص مما نتصور , ومبرراتها اتفه مما نتوقع , وتجد ايادي تصفق , وافواه تهتف , و زيف وتزوير , وكلام عسل مخلوط بالسم الزعاف , والنتيجة هي اغتيال وطن , وتعاق امة , تشكل هاجس لدى الإقليم والعالم المنافق .
أمه تمتلك كل مقومات النهضة, حضارة وتاريخ وارث, ثقافة وفكر ,ثروة وانسان منتج ومبدع ,و هوية ثابته في أعماق الأرض, وشامخة بشموخ الأصالة، تسقط امامها كل محاولات المساس بها, ولن يضرها مؤامرة من لا هوية ولا تاريخ لهم يذكر, انسلخوا من أصلهم وهويتهم باحثين عن اصل وهوية في سوق النخاسة.
ما نعانيه اليوم هي أزمة ثقافية, أزمة هوية, أزمة وعي وحب وتسامح وتصالح مع الذات والأخر, هي أزمة تخلق فيها سياسيين من طراز رديء, وغاب بسببها طراز رفيع من السياسيين, أزمة سيدت الجهل والتخلف, وعملت على غياب العقل والمنطق والحصافة, ووجدنا نفسنا ضحية مؤامرة قذرة , مدعومة إقليميا ودوليا, وسننتصر , وغدا لناظره لقريب.