ستراتفور: الحركة الجهادية في اليمن.. تاريخ طويل .. ومستقبل أطول
نشر مركز ستراتفور الأمني الاستخباراتي الأمريكي تحليلاً مطولاً عن الحركة الجهادية في اليمن والذي توقع أن يستمر نشاط الجهاديين في اليمن كما هو الحال منذ عقود.
يمن مونيتور/ خاص
نشر مركز ستراتفور الأمني الاستخباراتي الأمريكي تقريراً عن الحركة الجهادية في اليمن والذي توقع أن يستمر نشاط الجهاديين في اليمن كما هو الحال منذ عقود.
المركز الأمريكي توقع أيضاً أن تشكل الدولة الإسلامية تهديدا إرهابيا مستمرا ، ولكنه منخفض المستوى في البلاد، فيما سيبقى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مشكلة كبيرة وأكثر تعقيدا. حيث يعمل في إطار مجموعة من الأسماء المستعارة.
ويقول التحليل لهذا المركز الأمريكي: “لدى الجهاديين تاريخ طويل في اليمن. ومنذ تأسيس تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في 2009 وهو يحظى بالصدارة بين الجهاديين في البلاد. وفي الواقع، فقد وقعت أول هجمات تنظيم القاعدة ضد مصالح الولايات المتحدة مع عام 1992 من خلال تفجير فنادق «جولد ميهور» و«موفنبيك» في عدن”.
وأضاف: ” وقد أثبت الجهاديون اليمنيون عنادهم بعد تقلص قدراتهم وصولا إلى تشكيل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب) في يناير/كانون الثاني من عام 2009″.
ويضع ستراتفور القيادي ناصر الوحيشي القيادي في القاعدة مسؤوليته عن توحيد القاعدة في جزيرة العرب عددا من الفصائل الجهادية من اليمن والمملكة العربية السعودية ، وحولتها إلى منظمة فعالة ومتماسكة.
وتابع: “وحتى بعد تشكيل القاعدة في جزيرة العرب، أوجدت الخلافات الداخلية تناقضات في الجبهة الموحدة للجهاديين اليمنيين. جاء ذلك بسبب العداوات الشخصية، الخصومات القبلية والخلافات حول التكتيكات والاستراتيجيات وتجييش الأيديولوجيات، والتي قد تحولت إلى استخدام العنف في بعض المناسبات”.
ويعود ستراتفور في تحليله إلى الخسائر الفادحة التي لحقت بالتنظيم في هجوم للحكومة في 2012 بعد أن سيطر التنظيم على جزء كبير من جنوبي اليمن، إلى الجفوة بين عناصره وتبادل الاتهامات. وقد جادل بعض الجهاديين أن قيادة الجماعة كانت طائشة لقيامها بالاستيلاء والسيطرة على الارأضي، بينما زعم آخرون أنه لم يكن من المناسب التعامل مع القرار بهذا القدر من العدوانية.
ولأجل تلك الخلافات التي حدثت لم يستغرب مركز “ستراتفور” عندما أعلنت مجموعة من الجهاديين اليمنيين الولاء لزعيم «الدولة الإسلامية»، «أبو بكر البغدادي» في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2014. وسرعان ما تمايزوا عن القاعدة في جزيرة العرب: وقامت وحدات «الدولة الإسلامية» في اليمن بضرب عدد من الأهداف أبعد من توجهات تنظيم القاعدة في الاستهداف، بما في ذلك المساجد في صنعاء.
في الواقع، ندد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية و بصوت عال بممارسات «الدولة الإسلامية» ضد مثل هذه الهجمات، والتي كان آخرها الهجوم في 4 مارس/أذار الحالي على المبشرين ودار للمسنين الخيرية في عدن، والذي قتل فيه 16 شخصا، بينهم أربع راهبات هنديات.
ويقول التحليل إنه ومنذ أوائل عام 2015، أعلنت «الدولة الإسلامية» مسؤوليتها عن هجمات في عدة محافظات مختلفة، وذلك باستخدام تسميات «ولاية» لوحداتها. لكنها كانت أكثر نشاطا في محافظات أو ولايات صنعاء وعدن وحضرموت.
ويتابع: “إن معظم هجمات ولاية صنعاء في العاصمة ما بين مارس/أذار وسبتمبر/أيلول 2015 ولكن منذ ذلك الحين، فإن وتيرة الهجمات قد خفت بشكل كبير”.
وقال المركز الأمريكي إن آخر هجمة للدولة الإسلامية كانت عبر التفجير المزدوج في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على منزل «أحمد علي صالح»، نجل الرئيس اليمني السابق. في البداية، تم تفجير عبوة ناسفة أمام منزله، تلتها قنبلة ثانية استهدفت قوات الأمن الحوثية. مؤكداً أنه وحتى الآن ، لم تكن هناك أي تفجيرات للدولة الإسلامية في صنعاء. وبدلا من ذلك، فقد تحول مركز أنشطة «الدولة الإسلامية» في اليمن إلى عدن. ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015، كان هناك عدد قليل من الهجمات في حضرموت ومناطق أخرى في اليمن، ولكن معظما وقع في عدن.
تغيير تكتيكي
واعتبر ستراتفور إن الهجوم الذي وقع في 6 أكتوبر/تشرين الأول ضد فندق ومنتجع القصر في محافظة عدن، الذي يقدم خدماته ويستخدم كمقر مؤقت للحكومة اليمنية ولإسكان لكبار الضباط العسكريين من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، نقطة تحول بالنسبة للدولة الإسلامية في اليمن.
“فخلافا لاعتداءاتهم السابقة، فقد كان هذا الهجوم معقدا و على هدف صعب، وقد شمل الاعتداء المسلح على مركبات كبيرة متعددة القنابل. وفي هذا الهجوم، أثبتت «الدولة الإسلامية» قدرات إرهابية متطورة تحاكي القاعدة في جزيرة العرب”.يقول التحليل.
ومنذ ذلك الحين، قامت «الدولة الإسلامية» بتنفيذ عدد من التفجيرات الانتحارية والاغتيالات في عدن، تحت مسمى ولاية عدن، وولاية أبين. وإحدى هذه التفجيرات، عملية 28 يناير/كانون الثاني التي استهدفت محافظ عدن، قد تم تنفيذها من قبل ناشط هولندي.
تنظيم القاعدة
ويشير ستراتفور في التحليل إلى أنه وبالرغم مما تقدم فإن “نمو الدولة الإسلامية” يواجخ قيودا خطيرة. ولعل أكبر هذه القيود هو القاعدة في شبه الجزيرة العربية. فبالإضافة إلى جذوره العميقة في اليمن، بما في ذلك الصلات مع قبائل محلية قوية.
كما أن التنظيم قد قلل من استخدامه لمسمى تنظيم القاعدة، وأطلق على نفسه اسم أنصار الشريعة ويدعو الوحدات المحلية التابعة له «أبناء» مقاطعة أو منطقة معينة، على سبيل المثال، «أبناء حضرموت».
وزعم المركز بالقول: “حاليا، يسيطر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، تحت أي من مسمياته المختلفة، على مساحة من الأراضي أكثر من التي تسيطر عليها قوات الحوثي و«صالح» أو الحكومة التي تدعمها السعودية. وهذه الميزة الإقليمية تعطيه القدرة على الوصول إلى موارد ضخمة، والتي يمكن استخدامها ليس فقط للتجنيد والدفع للمقاتلين الجدد ولكن أيضا لمواصلة ترسيخ نفوذ القاعدة في اليمن”.
الخلاف داخل «الدولة الإسلامية» هو عامل رئيسي آخر يحد من التقدم الذي أحرزته في اليمن. ففي ديسمبر/كانون الأول، ثار عدد كبير من أعضاء الدولة ضد أمير الجماعة في عدن على الرغم من أنهم كانوا لا يزالون يدينون بالولاء للبغدادي في ذلك الوقت، والعديد منهم انشق وذهب إلى القاعدة في جزيرة العرب.
استشراف
ويزعم المركز الأمريكي في تقريره إنه “لا يوجد مؤشر يذكر أن الحكومة وقوات التحالف التي تقودها السعودية أو حتى الجهاديين الآخرين سوف يكونون قادرين على القضاء على «الدولة الإسلامية» في اليمن. وفي حين أن المنظمة سوف يكون لديها القدرة على شن هجمات إرهابية داخل اليمن، فإنه من المرجح أن تكون قادرة على القيام بأي عمليات تمرد على نطاق واسع أو للاستيلاء والسيطرة على مناطق واسعة من البلاد كما فعل تنظيم القاعدة. وسوف يظل هذا التهديد محدودا ولكنه مستمر”.
ويختم بالقول: “وفي الوقت نفسه، فإن القاعدة في جزيرة العرب، تقوم بالعمل على تعميق علاقاتها الإقليمية والقبلية، مع الحرص على عدم ارتكاب أي من أنواع الهجمات التي تؤدي للانقسام والتي أصبحت بطاقة أو علامة للدولة الإسلامية. وهي تركز بدلا من ذلك على حملة «كسب القلوب والعقول» للترويج العالمي. وسيجعل هذا طرد تنظيم القاعدة من المناطق التي تسيطر عليها في اليمن أصعب بكثير مما كان عليه في عام 2012. وستبقى المجموعة لاعبا وتهديدا خطيرا هناك في المستقبل المنظور”.
المصدر الرئيس
Jihadism in Yemen: A Long History, a Long Future