نجاح قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في فك الحصار المفروض على مدينة تعز من الجهة الغربية يمثل خطوة هامة في طريق تحرير المحافظة بشكل عام وهو الهدف الأكبر, وقبل الوصول إلى هذا الانجاز كان لابد من فتح رئة يتنفس منها الناس ليبقوا على قيد الحياة ويصمدوا أكثر وقد تحقق ذلك أخيرا.
نجاح قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في فك الحصار المفروض على مدينة تعز من الجهة الغربية يمثل خطوة هامة في طريق تحرير المحافظة بشكل عام وهو الهدف الأكبر, وقبل الوصول إلى هذا الانجاز كان لابد من فتح رئة يتنفس منها الناس ليبقوا على قيد الحياة ويصمدوا أكثر وقد تحقق ذلك أخيرا.
لقد كان الحصار الجائر والذي يُعتبر جريمة وفق القانون الإنساني الدولي الذي يجرم استخدام التجويع وسيلة من وسائل القتال عبء إضافي ومعركة لا تقل صعوبة وأولوية على معركة التحرير الشامل,واستنزفت المقاومة طوال الشهور الماضية.
أدرك الانقلابيون أن حصار المدينة وتجويع سكانها بتحكمهم بالمنافذ المؤدية إليها سيؤدي إلى إشغال المقاومة عن هدفها الرئيسي وهو دحرهم منها وبقية المديريات واستنزافها في كيفية فك أحد المنافذ لرفع المعاناة عن الناس الذين دفعوا ثمنا باهظا جراء معاقبتهم على احتضان المقاومة.
تطور الأمر مع طول بقاء الحصار واشتداده إلى حد منع دخول أسطوانات الأكسجين والأدوية للمستشفيات والمواد الغذائية للمدينة وما نتج عنه تفاقم المعاناة ورفع الأسعار إلى إعادة ترتيب الأولويات لدى المقاومة إجبارا لا اختيارا من التفرغ لمعركة التحرير إلى فتح منفذ الدحي وأخذت منها شهورا ولم تنجح لأسباب كثيرة لها علاقة بالسلاح والذخيرة بدرجة أولى.
ترتب على هذا تحويل الخطاب الإعلامي لصالح مناشدة التحالف والمنظمات الأممية برفع الحصار وكأنه المشكلة الرئيسية دون أن نغفل تداعياته الكارثية الإنسانية وليس باعتباره نتاجا لأصل المشكلة وهو احتلال الحوثيين وقوات صالح لمداخل المدينة وأجزاء منها,فضلا عن المديريات وهو ما يتطلب الخلاص منه لينتهي ما نتج عنه.
بعد الانجاز الأخير بكسر الحصار من الجهة الغربية سيكون وضع السكان أفضل نوعا ما وهم يستطيعون التنقل والحركة من المدينة إلى خارجها عبر الضباب وصولا للتربة ثم لحج وعدن وسيكون الطريق سالكا للمنظمات الإنسانية والحكومة لإيصال المساعدات بحرية وأمان لإغاثة آلاف من المحتاجين المتضررين.
ما تحتاجه تعز الآن يتجاوز تهاني الحكومة والبيانات الصحفية إلى الانتقال لمرحلة الأفعال والعمل بتحديد الأولويات العاجلة للبدء بتنفيذها وعلى وجه السرعة ودون تأخير حتى لا تحبط المنتظرين وهم كثر وتجعلهم على قناعة أن لا شيء تغير على الأرض.
ولعل أبرز الأولويات هي تقديم المواد الغذائية والطبية بما يلبي كافة الاحتياجات,وهذا يتطلب توحيد جهودها خارجيا مع المنظمات الأممية ومركز الملك سلمان والجمعيات الخليجية الأخرى,والتعاون مع ائتلاف الإغاثة بالمدينة لتوزيعها على المحتاجين.
وفي هذا الصدد يمكن أن نلمس تفهم لهذه الأولويات من خلال توجيه نائب الرئيس رئيس الحكومة خالد بحاح الذي وجه رئيس اللجنة العليا للإغاثة بتحريك قوافل النصر الإغاثية إلى محافظة تعز.
حان الوقت للعمل وللاقتراب من المواطنين بتلبية حاجاتهم وإغاثتهم في هذا الظرف العصيب وفق رؤية واضحة تقوم على دراسة ميدانية للمتضررين بالمحافظة وتحديد آلية الوصول إليهم بما يضمن سرعة التخفيف من المعاناة على أن تكون الإغاثة مجرد صدقة جمعية خيرية برمضان وانتهى الأمر,وإنما برعاية لحين تحسن الأوضاع.
إن توسع رقعة جغرافيا المناطق المحررة بالمدينة تحديدا باعتبارها مركز المحافظة يقتضي تحقيق الأولوية الثانية وهي الملف الأمني بتوفير الإمكانيات المادية والمتطلبات الأخرى من دوريات وأجهزة اتصالات لرجال الأمن ليقوموا بدورهم على أكمل وجه.
المطلوب دعم مدير الأمن المكلف العميد عبدالواحد سرحان بفتح إدارة الشرطة بأي مقر مناسب وينطبق هذا على تفعيل أقسام الشرطة في بقية الحارات أو المناطق ورفدها بالعناصر الأمنية المدربة والاحتياجات الأخرى.
الجميع يلوم اللجنة الأمنية على بعض الاختلالات الأمنية ولا يعرف أن رئيسها وهو مدير الأمن المكلف لا يملك سوى ثلاثة أطقم تقريبا وعدد محدود من الجنود نظرا لتفرغ الأغلب للمقاومة بجبهات القتال,وهؤلاء بحاجة لتسوية وضعهم من مرتبات وتوزيعهم على الأقسام المختلفة.
بالتأكيد العدد أكبر وهو ما يتطلب تجنيدا جديدا وقد أعلن بحاح أنه تم تدريب ألف جندي لحفظ الأمن في تعز عقب تحريرها،ولم يعد إلا إنزالهم للميدان ليتولوا حفظ الأمن وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة ومنع تكرار الفوضى التي شهدتها بعض مناطق الجنوب.
وفي تقديري فإن ثالث أولوية عاجلة تحتاجها تعز حاليا هي عودة المحافظ علي المعمري لمزاولة عمله من المدينة أو دعم وكيل المحافظة رشاد الأكحلي والوكلاء الآخرين المؤيدين للشرعية كي يعملوا سريعا على إعادة العمل للمكاتب التنفيذية الضرورية وتفعيلها لتقدم الخدمات للمواطنين.
يحتاج المواطنون تشغيل محطة الكهرباء وإصلاح العطل الذي أصابها جراء قصفها وأدى إلى توقفها عن العمل ودعم القطاع الصحي الذي يتعرض لشبه انهيار كي يعود لنشاطه وذلك بدعم المستشفيات حكومية وخاصة وتزويدها بالأدوية والكادر الطبي والمشتقات النفطية لتلافي الوضع الصحي الخطير والكارثي.
ولا يفوتنا هنا التذكير بجرحنا النازف وهم جرحى المقاومة الذين يعانون جراء محدودية الإمكانيات الطبية في المدينة ويتحاج بعضهم ربما يزيد العدد عن ستمئة جريح للسفر للخارج لتلقي العلاج بالخارج وهؤلاء هم في قمة الأولويات وتأخيري بالحديث عنهم ليكونوا ضمن أولوية الصحة وليس لأنهم قضية ثانوية.
هذه أولويات عاجلة من وجهة نظري وقد تكون هناك أخرى ولكن يبقى الأهم العمل وسرعة تحويل المواقف من كلام إلى أفعال وهو الاختبار الحقيقي للحكومة التي تحتاجها تعز كثيرا وتدرك ذلك.