الفوضى تنخر التعليم في اليمن!
لو رجعنا قليلًا للوراء لنرى كيف كان التعليم قبل أكثر من عشر سنوات-على سبيل المثال- وكيف كان ينظر طلاب الثانوية العامة لاختبارات هذه المرحلة بخوف واهتمام.
فقد كانت اختبارات الثانوية العامة تمثل رعبًا كبيرًا للطلاب؛ لأنهم مقبلون على مرحلة مهمة تحدد مصيرهم العلمي، وقد كان الطلاب في وقت الامتحان يعلنون حالةً من الطوائ فينعزلون عن الأهل واللهو واللعب ليتفرغوا تفرغًا تامًا للمذاكرة والتحصيل.
أما اليوم فقد أصبحت اختبار الثانوية العامة على عكس ما كانت عليه سابقًا، أصبحت لا تمتلك تلك الهيبة التي كانت تتمتع بها قبل الحرب، والتعليم لم يعد كما كان في السابق على الإطلاق.
فرق كبير بين مستوى الطلاب التعليمي قبل أكثر من عشر سنوات وبين مستواهم التعليمي اليوم، ومن المحزن جدًا أن يتراجع مستوى التعليم في اليمن إلى الوارء كلما تقدم بنا الزمن بعكس ما يحدث في العالم.
اليوم أصبحت المرحلة الثانوية ترفع من تشاء وتنزل من تشاء وكل ذلك مرتبط بالمصلحة التي يجري وراءها الذين يقومون بمراقبة الطلاب وقت الاختبار.
تلاعبٌ كبير في التعليم ومراحله، حتى غدت المعدلات توهب لمن يمتلك المال حتى وإن كان لا يمتلك من العلم شيئًا.
قاعات الاختبار تشهد الكثير من المصالح التي تطغى على استشعار المسؤولية تجاه العلم من قِبل من يشرفون على عملية الامتحان والطالب الذي يمتلك المال يكون قادرًا على الحصول على إجابات لأسئلة الامتحان بطريقة أو بأخرى؛ لأن مجال الغش يكون متاحًا له وقتذاك بعكس الطالب الذي لا يمتلك المال،
وهذا الآخر حتى وإن كان مجتهدًا بمذاكراته فبلا شك سيصاب بالإحباط الشديد؛ عندما يرى زميله الذي كان مهملًا في دراسته ومذاكرته، يرى الإجابات تساق له وهو غير مبال بشيء وكأنه في نزهة أو في رحلة ترفيهية.
عندما ترى هذه الفوضى وهذا الإهمال الكبير في التعليم تسأل نفسك إلى أين سيمضي بنا الجهل والتخلف؟، وكيف سيكون مستقبل هؤلاء الطلاب الذين يصعدون المراحل الدراسية وهم غير مؤهلين لأن يكونوا طلاب علمٍ على الإطلاق؟.
هنا في المناطق التي تقع تحت سيطرة الشرعية تجد كل هذا البلاء المتمثل بالغش وقت الاختبار وأما عن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين فهناك مأساة أخرى لا تتمثل بالغش في الاختبار فقط وإنما في تقديم الشائد لطلاب لم يروا قاعات الاختبار قط ولم يقعدوا فيها حتى للحظات؛ فقط لأنهم مشاركون في الجبهات وهذا ما يسمح لهم في أخذ الشهائد ذات المعدلات المرتفعة تكريمًا لهم.
عندما ترى مستوى التعليم في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي لا يمكن أن تتوقع مستقبلًا لأولئك لطلاب غير مستقبل مليء بالجهل والتخلف والغباء وهذا ما تسعى له المليشيات الحوثية؛ بل هذا هو الهدف الذي تنشده هذه المليشيات، تجهيل الشعب وإعادته إلى عصر الإمامة.
اليوم العالم يصل إلى أعلى مستويات التقدم العلمي والكثير من طلاب اليمن ممن تعدى المرحلة الثانوية وهو لا يجيد القراءة والكتابة على أقل تقدير، إنها الفوضى التي جاءت بها الحرب إلينا وجعلت مستوى العلم متدنيًا إلى هذه الدرجة.