كتابات خاصة

الطفولة في مذبح الخرافة والطغيان

أحمد عثمان

طفل أسير وقع في أيدي المقاومة في “الحصب” بتعز، أمس الأول، القضية لا تتعلق بالأسر، فهذه حرب وعمليات الأسر مصاحبة لأي حرب، لكن الامر يتعلق بالطفولة المذبوحة والإنسانية المستباحة.

طفل أسير وقع في أيدي المقاومة في “الحصب” بتعز، أمس الأول، القضية لا تتعلق بالأسر، فهذه حرب وعمليات الأسر مصاحبة لأي حرب، لكن الامر يتعلق بالطفولة المذبوحة والإنسانية المستباحة.
 كان الطفل كعصفور مذعور يرتجف من الخوف، منظره يوجع القلب!
 ما ذنب هذا الطفل الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، ومكانه الفصل الدراسي وليس المترس ومواقع الموت.
السؤال: كيف انتقل كل هذه المسافات بعيدا عن مدرسته وقريته وملاعبه وأمه وأبيه؟
وكيف استطاع أبواه أن يسلما فلذة كبديهما بهذا السن إلى رياح التوحش؟ وماهي تبريرات هذه الجريمة التي تتحول عند البعض إلى جهاد وتضحية من أجل الدين والوطن، مع أن لا دين ولا وطنية تقر هذا الذبح للطفولة، وتسليمهم للفجيعة.
الإسلام دين رحمة، فما هو الدافع والمبرر الذي يجعل البعض يتجاوز قيم الدين ومشاعر الرحمة ليدفع بأطفال بعمر الزهور إلى محرقة الموت؟
سُئل الطفل، ما الذي أتى به؟ وكانت إجابته المفجوعة بأنهم أخبروه بأنه يحارب الكفار وقطاع الصلاة!!
من قال إن الإسلام يقر الرمي بالأطفال لمحاربة الكفار، يهوداً أو نصارى أو من كفار قريش؟
فمهما كانت الدوافع والمبررات فالإسلام لا يقر هذه الجريمة، فما بالك أن يدفعوا الأطفال لقتل مسلمين تم غزوهم إلى بيوتهم ولا ذنب لهم سوى رفض الطغيان والدفاع عن النفس!
 
 الجريمة مركبة هنا بقتل الأطفال واستخدام الإسلام لتبرير هذه الجريمة البشعة التي يهتز لها عرش الرحمن، وينكرها الإسلام وكل الأديان السماوية والقوانين الأرضية. 
كل هذا من أجل استعادة الملك والحكم المغتصب، حد زعمهم، من جدهم على بن ابي طالب الذي يتبرأ منهم وهو الذي عمل مواطناً ومستشاراً تحت إمرة خلفاء مختارين من الناس أصحاب الحق وبايعهم على السمع والطاعة لأنه، كرم الله وجهه، يفهم الإسلام ومقاصده بأنه للناس كافة وليس وثيقة حكم لأسرة، ويؤمن أن محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وليس مؤسس سلطة لقبيلة أو أسرة مالكة.
من يفتري على الله يفعل ما دون ذلك، ويسخر عباد الله ويقتلهم  لخدمة نزواته ويدمر الأوطان من أجل شخص مريض لسان حاله ما رأيت لكم من حاكم غيري، وهي صرخة اسوأ من قول فرعون (ما رأيت لكم من إله غيري)؛ فالأول يمارس انحرافاته وطغيانه باسم الله ليزيد الشبه ويتطابق مع فرعون بالاستعلاء والطغيان وتسخير الناس من اجل فرد يعتقد التقديس ويبرر ذبح الاطفال من أجل الحكم فقد كان فرعون يقتل أطفال بني إسرائيل الرضع حماية للحكم على خلفية نبوة منجم وهذا يرمي بالأطفال دون رحمة مقنعاً الآباء والأمهات بأنهم يتقربون إلى الله بذبح أبنائهم من أجل (السيد)، إنها ثقافة موغلة في السواد والجهل ومرعبة حقاً!
 وهي تحتاج إلى معركة ثقافية وتنموية وتنويرية طويلة لإنقاذ الإنسانية من نظرية التوحش السلالي التي تسربت باسم الإسلام، لتنتصر للطغيان والوثنية وتغتال الإنسان بدون رحمة.
 يجب أن نأخذ درساً، فالهزيمة العسكرية لا تجدي بدون انتصار ثقافي وحضاري وتنموي، بدليل أنه بعد أكثر من نصف قرن من الجمهورية، مازلنا وكأننا في عهد الخرافة الأولى وعصر (عبدالله بن حمزة)، لأن نور التعليم لم يصل ولم يهتم أحد بنشر قيم الإسلام ونور العلم عن الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، ذلك أن الحكام الذي جاءوا باسم الجمهورية، حملوا معهم قيم تقديس الذات وترسيخ الطغيان الذي يحميه الجهل والفقر والمرض.
كم هو محزن ومخزٍ، منظر ذاك الطفل ومثله مئات الأطفال الذي يدفعهم الحوثي وقناعة آبائهم الخرافية بالتبرع بالطفل للسيد، وكأنه ثوب أو فردة حذاء!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى