تعز في زمن الهدنة وأيام العيد تتجرع مرارة الحرب!
أن تعطي أبناءك الصغار وعدًا في أن تجعلهم يزورن الحديقة في أيام العيد فهذا أمرٌ يبعث الراحة في نفوسهم بلا شك ويجعلهم ينتظرون ذلك اليوم بفارغ الصبر؛ ليسعدوا فيه وليلعبوا كما لو أن الحرب ليس لها وجود، وفي الوقت الذي تتعالى فيه ضحكات أولئك الأطفال داخل الألعاب في الحديقة، يحدث أن ترسل مليشيا الحوثي طائرةً مسيرة تضرب بالقرب من الحديقة فقط لتنهي هذا الضحك والجو الجميل، لتحيل السعادة إلى رعب والفرح إلى قلق كبير.
هذا ما يحدث في مدينة تعز التي ما تزال تتجرع مرارة الحرب حتى في زمن الهدنة التي ذكرت ولم تطبق على أرض الواقع على الإطلاق.
اليوم نجد العالم يعيش أجواء العيد بكل فرح وسرور وهذه المدينة بالتحديد تتجرع الموت والخوف والقلق بكل لحظة وحين، شهداء يسقطون صبيحة يوم العيد على يد قناص الحوثيين ويتركون وارءهم فرغًا كبيرًا وجراحًا يستحيل أن تلتئم، طائراتٌ مسيرة تقصف أحياء مكتضة بالسكان، بل تقصف الحي الذي توجد فيه الحديقة والتي تعد متنفسًا لأبناء هذه المدينة، لأطفالها الذين يتوقون للخروج من جو الحرب والقتل والحصار إلى جو المرح واللعب ولو لوقت قصير خصوصًا في أيام العيد.
جرائم الحوثي تجاه مدينة تعز لا تعد ولا تحصى لعل آخرها قصفها بطائرة مسيرة أمام حديقة جاردن سيتي ومركز الأمل لعلاج مرضى السرطان.
في أيام العيد ترتكب مليشيا الحوثي هذه الجريمة؟!، وهذا ما يوضح أكثر للعالم – إن كان يعي ويتابع- أن هذه الجماعة ليست إلا جماعة موت وقتل، ليست إلا أداة للخراب والدمار، وإلا ما الذي تريده من أطفال خرجوا الحديقة ليعبروا عن فرحتهم بالعيد بالطريقة التي يحبونها، وماذا تريد من أطفال ومرضى يتلوون وجعًا على فراش المرض داخل مركز الأمل والمستشفى السويدي في المنطقة نفسها.
هذا العمل الذي قامت به هذه المليشيات في أيام العيد كان لإيصال رسالة مفادها أن هذه المدينة لا يمكن أن تبتسم ما دام أهلها صامدين في وجه المليشيات، والمؤسف حقًا أن المسؤولين في الدولة من محافظ المحافظة إلى رئيس المجلس الرئاسي لم نرَ منهم ردًا حازمًا لما حدث مؤخرًا في تعز ولو من باب المجاملة، لن نقول من باب استشعار المسؤولية تجاه هذه المدينة المحاصرة لعامها الثامن على التوالي، أما العالم المتابع لقضية تعز فلن نتوقع منه خيرًا ما دام حصار تعز لم يحرك فيهم ضميرًا وما داموا يضعونه في زاوية التجاهل والمماطلة.
كم يمكنها أن تتحمل هذه المدينة في أيامها القادمة ما دامت الهدنة لم تطبق إلا من طرف واحد، والحصار ما زال مستمرًا وعناؤها إثر هذين الأمرين يتصاعد أكثر فأكثر كلما مر الزمن!.
مدينة تعز تعبت كثيرًا خلال هذه السنوات، عبثت بها الحرب حتى أوصلتها إلى أنها تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ورقعة الجوع والفقر والبطالة فيها تتسع أكثر إلى حدٍ لا يمكن أن يستوعبه أحدٌ لم يعش فيها ويرى أهلها ويواكب الأحداث المأساوية التي تحدث فيها على مدار الساعة وهاهي حتى في أيام العيد التي من حقها أن تفرح فيها، هاهي تودع الشهداء وتضمد جراح الجرحى وتسمع بكاء ونيحب الفاقدين واليتمامى، وفي الوقت نفسه تتكبد الآلام إثر التجاهل الكبير تجاهها.