لا شيء أكثر خطورة من المنظرين للقتل واستجلاب الأدلة الشرعية رغم عدم صوابيتها، إذ يتجه القتلة وهم يحملون “الكلاشنات” بعد أن تشربوا جرعات من التنظير للقتل وتحديد العدو الذي يؤدي بقتله إلى الجنة. لا شيء أكثر خطورة من المنظرين للقتل واستجلاب الأدلة الشرعية رغم عدم صوابيتها، إذ يتجه القتلة وهم يحملون “الكلاشنات” بعد أن تشربوا جرعات من التنظير للقتل وتحديد العدو الذي يؤدي بقتله إلى الجنة.
حوّزات علمية من الحوثيين في مدينة قم في طريقهم لوضع العمامة السوداء على رؤوسهم بعد استكمال وفهم مشروع “ولاية الفقية” والعودة لليمن ليكونوا منظرين ليس للتعايش بل للقتال وأكثر وضوحا من فتوى محمد المطاع.
ما أثار هذا الموضوع هو كلام هادي في حواره على صحيفة “عكاظ” حين رد على عبدالملك الحوثي بأنه لا يحمل المشروع الزيدي بل خلافه، باعتبار أن لديه 1600 مبتعث يدرسون في مدينة قم بطهران.
ورغم أن هادي تحدث عن كثير من المعلومات، وبغض النظر عن دقتها، إلا أن حديثه عن تواجد 1600 من الحوثيين يدرسون في مدينة قم الإيرانية يعبر عن مدى استماتة طهران بإنشاء جيل داخل الحوثيين أكثر وضوحا من تقية قيادات الحوثي في والوقت الراهن.
هؤلاء المبتعثون في مدينة قم لن يدرسوا مذهب الإمام زيد، ولا تعايش مجد الدين المؤيدي الذي لم يصل خلافه مع مقبل الوادعي حد القتال والتناحر، ولكن سيتعلمون كيف يجعلون اليمن حضيرة لولاية الفقية والسعي لتحقيق ما قاله علي رضا زاكاني إن صنعاء أصبحت العاصمة الرابعة في طريقها لأن تكون بيد إيران.
في نهاية شهر فبراير الماضي نشر موقع الحوزة الشيعية محمد اليعقوبي لقاء جمع بين اليعقوبي ومجموعة من الحوثيين في مدينة النجف بالعراق، ربما ليس المهم اللقاء بقدر ما يُهم إن كان هؤلاء يدرسون في النجف كجزء من البعثات الدينية المخطط لها، وأخذ التشيع الجعفري مباشرة من حوزات النجف.
إيران بهذا الحرص على ابتعاث شخصيات من جماعة الحوثي واستقبالهم للدراسة في مدينة قم والنجف هي سلسلة حرص منذ الثورة الخمينية، وأكثر إنجاز صنعته بهذه البعثات هي شخصية حسن زميرة “نصر الله” فهو الذي بدأ أول حياته من النجف ثم مدينة قم، ثم عاد لبلاده ليقول: “إن الولي الفقية هو الذي يُعين الحُكام، لأن ولايته ليست محدودة بجغرافيا معينة بل ممتدة إلى كل بلاد المسلمين”.
هذا ما تريده إيران، تماما، نمذجة حسن زميرة في اليمن، وإعلان شرعية ولاية الفقية بعد تخريج هذه الكتيبة من الحوثيين، فهي لا تريد فقط انشداه بالثورة الخمينية كما كان في ذهنية حسين الحوثي، وتقية عبدالملك حين قال رداً على هادي بأنهم ليسوا على مذهب إيران بل يتبعون المذهب الزيدي، بل إعلان الولاية بشكل صريح.
ورغم أن خطورة هذه البعثات ليس فقط تعتبر تهديدا للأنظمة الحكم المستقبلية في اليمن باعتبار من سيعود حامل لفكر خميني جعفري ثوري، بل يهدد ما بقي من شتات المذهب الزيدي نفسه.
ما سيعود به هؤلاء المبتعثون سيكون ضربة لما بقي من جسد المذهب الزيدي، ومؤذن بتلاشيه نتيجة لاستمرار صموت مراجع المذهب الزيدي عن مسار الحوثيين وابتلاع ألسنتهم طيلة هذه الفترة، وهو ما سيوهم الجيل الجديد بأن هذا هو المذهب الزيدي على أصله.
المسئولية تجاه هذا النوع من الخروقات المستقبلية لا يمكن تكون على عاتق من في الداخل، فقط، بل باتت مسؤولية إقليمية، فقطع الطريق عن إيران في نمذجة “نصرالله” في اليمن هو ما سيعفيهم عن كلفة الرد كما هو حاصل مع حزب الله بعد أن بات خاطفاً للقرار السياسي في لبنان وصار محور لتثوير طائفي وعمل مليشياوي في سوريا واليمن.
إيران إن نجحت واستمرت في إنشاء تيار يحمل العمامة الخمينية في اليمن على طريقة “حسن زميرة” عبر هذه البعثات فستضع فيما بعد رجلا فوق الأخرى لترى بكل لؤم كل هذه الكانتونات حيال عودتها لصنعاء وهي تؤدي دور الولاية دون عناء من ملالي طهران.