هل يستمر وقف إطلاق النار في اليمن؟
يمن مونيتور/ ترجمة خاصة: (شينخوا)
بعث اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرا بين الأطراف المتحاربة في اليمن، والذي دخل حيز التنفيذ يوم السبت، الأمل لملايين المواطنين في البلاد التي تعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ومع ذلك، يقول محللون إنهم غير متفائلين بشأن مستقبل الهدنة، ولا تزال بحاجة إلى قدر كبير من العمل لتحقيق سلام دائم في اليمن.
أمل جديد
يمكن سماع الصعداء في جميع أنحاء اليمن عندما أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانس غروندبرغ وقف إطلاق النار في الأول من أبريل / نيسان.
وهو أول وقف شامل لإطلاق النار تتفق عليه الأطراف المتحاربة في اليمن منذ سنوات، وقد أعطى أملاً جديداً للحد من العنف والمعاناة في الصراع الوحشي، الذي تسبب في “أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض”، وفقاً للأمم المتحدة.
وقال غروندبرغ في بيان إن نجاح هذه المبادرة سيعتمد على التزام الأطراف المتحاربة بتنفيذ اتفاق الهدنة والتدابير الإنسانية.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن هذه الهدنة تهدف إلى منح اليمنيين راحة ضرورية من العنف وتخفيف المعاناة الإنسانية، مؤكدا أن هذه الهدنة يمكن تجديدها إلى ما بعد فترة الشهرين بموافقة الأطراف.
رحبت الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي بوقف إطلاق النار في بيانين منفصلين يوم الجمعة. كما أعربوا عن استعدادهم لتبادل جميع أسرى الحرب والمعتقلين السياسيين.
وبحسب عادل الشجاع، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، فإن وقف إطلاق النار يعد خطوة مهمة نحو تخفيف معاناة اليمنيين الذين تعرضوا لقصف مستمر واشتباكات مسلحة على مدار السنوات السبع الماضية.
يوم الأحد، بعد ساعات قليلة من إعلان وقف إطلاق النار، ارتفع الريال اليمني قرابة 13 في المائة، وهو ارتفاع نادر لعملة البلاد التي فقدت أكثر من نصف قيمتها منذ بداية الحرب.
وأكد تجار أموال لـ «شينخوا»، ارتفاع الريال لأول مرة منذ شهور، حيث وصل إلى 1070 ريالا مقابل دولار واحد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، مقابل 1260 ريالا قبل أسبوع.
قال محمد وشاح، أحد سكان صنعاء الذي فقد أحد أفراد أسرته في عام 2017، “نأمل أن يستمر السلام وأن تعود حياتنا إلى طبيعتها مرة أخرى”.
وقالت الأمم المتحدة في تقرير حديث لها إن الحرب قتلت أكثر من 370 ألف شخص بنهاية عام 2021 وشردت نحو 4 ملايين. يحتاج حوالي ثلثي سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية.
عراقيل تنفيذ وقف إطلاق النار
عندما بدأ الشهر الثالث من عام 2022، لم يكن أحد يتوقع أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن في نهايته.
على مدى أشهر، صعدت جماعة الحوثي هجماتها عبر الحدود بطائرات بدون طيار وصواريخ على منشآت نفطية وعسكرية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ردا على ذلك، شن التحالف بقيادة السعودية مجموعة من الضربات الجوية الانتقامية التي قتلت مئات الأشخاص.
وقال فارس البيل الأستاذ الجامعي والمعلق السياسي اليمني، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ، وأن اتفاق الهدنة يفتقر إلى ضمانات قوية وفرق مراقبة على الأرض لمراقبة وقف الأعمال العدائية بين الأطراف المتحاربة.
وقال البيل إن وقف إطلاق النار ممكن لأن دول الخليج تواجه ضغوطا من المجتمع الدولي حيث انتقلت الأزمة الإنسانية في اليمن من سيء إلى أسوأ، مضيفا أن هذا لا يعني أن التحالف الذي تقوده السعودية سعيد برؤية وجود شرعي للحوثيين في اليمن.
كما أشار الشجاع من جامعة صنعاء إلى هشاشة وقف إطلاق النار لأن الأسباب واللاعبين الإقليميين وراء الصراع المستمر منذ سنوات في البلاد لا يزال قائماً.
وقال الشجاع لوكالة أنباء ((شينخوا)) “يبدو أن القوى الإقليمية غير مقتنعة حاليا بإنهاء حرب اليمن”.
كما أعرب الشجاع عن شكوكه في تحقيق هدنة دائمة لأن الجانبين يفتقران إلى أرضية مشتركة لبناء السلام، مضيفًا أن هناك شكوكًا واسعة النطاق بشأن صدق الحوثيين.
يوم الأحد، بعد يوم واحد من بدء وقف إطلاق النار، اتهمت الحكومة المعترف بها دوليًا الحوثيين بخرق الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة بشكل متكرر.
وقالت وزارة الدفاع اليمنية إن القوات الموالية للحكومة صدت هجومين في محافظة مأرب بوسط البلاد ومحافظة تعز بجنوب غرب اليمن.
من ناحية أخرى جامعة الحوثي، الأحد، أن القوات الموالية للحكومة خرقت اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في العديد من المناطق المتنازع عليها في أنحاء البلاد التي مزقتها الحرب.
وتصاعدت الحرب في اليمن منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.
ويشن التحالف غارات جوية بشكل مستمر على مناطق سيطرة الحوثيين، ويطلق الحوثيون في المقابل صواريخ على المملكة العربية السعودية.
وقتل عشرات الآلاف نتيجة الحرب، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من377ألف يمني خلال السنوات السبع. كما تسبب القتال الدائر في البلاد بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.