عن الهدنة وفك الحصار عن تعز!
أن تحدث هدنة في الحرب داخل اليمن الحبيب هذا شيءٌ جميل بإمكانه أن يريح الإنسان اليمني ولو لفترة من الزمن مدتها شهران حسب ما تم الاتفاق عليه في المشاورات.
ولكن المعروف والمتوقع بأن هذه الهدنه ليست الأولى التي يخترقها الحوثيون ولن تكون الأخيرة، فهذه الجماعة لا تسعى للسلام على الإطلاق ولن تكون كذلك، إنها جماعة إرهابية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، حتى وإن حدث ووافقت هذه المليشيات على الهدنة فقل إن شيئًا كبيرًا من العجز قد أصابها وهي بهذا تحاول أن تستعيد أنفاسها وتسترد ما يمكنها من قوة حتى تعمل من جديد على إبادة الإنسان اليمني حسبما تأمرها بذلك إيران.
الشعب اليمني اليوم يتطلع إلى الإعلان عن الهدنة بأمل وحذر، هو يتمنى أن تقع الهدنة فعلًا وأن تطبق على أرض الواقع حتى يعيش بعيدًا عن الحرب فترة من الزمن، لكن الشعب في الوقت ذاته لا يرى في الحوثيين أملًا بذلك، الشعب اليوم مدرك كل الإدراك أن الحوثيين لن يكونوا محضر خير في هذه المشاورات على الإطلاق، بل إنهم يراعون مصالحهم أينما كانت ثم يهبطون عليها ليتزودوا منها لا أكثر من ذلك ولا أقل.
هل فعلًا ستكون هناك هدنة لشهرين من الزمن؟! وفي الوقت نفسه سيتم فك الحصار عن مدينة تعز الذي دام لأكثر من سبع سنوات، الحصار الذي جرع الملايين داخل مدينة تعز الكثير من الويلات والأتعاب؟، هاهم الحوثيون كعادتهم يخترقون الهدنة مرارًا ولا أظن أنهم سيعملون على فك الحصار عن مدينة تعز، قد يحدث وأن تتم الموافقة منهم على الهدنة؛ وهذا أمرٌ طبيعي؛ بل سياسة منهم فقط؛ لأن الخسائر التي خسرتها هذه المليشيات كبيرة جعلتهم عاجزين عن المواجهة كما كانوا في السابق بسبب فقدهم للكثير من الأرواح والعتاد خلال السنوات الماضية التي كانوا يحلمون فيها بالسيطرة على مأرب ثم لم يحققوا من ذلك غير الخسارة الكبيرة في صفوفهم وعتادهم.
أما أن يوافق الحوثيون على فك الحصار عن مدينة تعز فهذا أمر بعيد، إنهم يتشاءمون إذا ما رأوا رجلًا تعزيًا أمامهم حتى وإن كان هذا الرجل ممن يناصرهم، هم يحلمون أن تنتهي تعز ومن فيها بلحظة واحدة فكيف لهم أن يقدروا على فك الحصار على مدينة تعز التي جرعتهم الويلات وأفقدتهم الكثير من رجالهم الذين ماعادوا منها إلا في الجنائز محمولين، سيصابون بالجنون بمجرد التفكير فقط بهذا فكيف بهم إذا رأوا الحياة تدب في عروق هذه المدينة من جديد، هذا بلا شك سيشكل عائقًا كبيرًا أمامهم وقد يكون سببًا في هلاكهم الحتمي.
مدينة تعز عانت لأكثر من سبع سنوات من هذا الحصار الخانق واليوم ينظر لقضية حصارها بتجاهل وكأن الأمر لا يعنيهم مع العلم أن فتح مطار صنعاء ليس أهم من فك الحصار عن تعز فالعناء الذي خلفه هذا الحصار أكبر من أن يوصف وضرره على المدنيين كبير لكن تجاهل هذه القضية بلا شك مثير للغضب والعتب في الوقت ذاته.
عمومًا نتمنى أن تكون هناك هدنة بالمعنى الحقيقي للهدنة وأن تكون هذه المشاورات فاتحة خير لسلام دائم لليمن الحبيب الذي ذاق وبال الجوع وتجرع الفقد والحرمان، وعاش لأكثر من سبع سنوات حياة التشرد والضياع بالنزوح في الصحاري والقفار لا أكل ولا شراب ولا مأوى، نتمنى فعلًا أن نعيش حياة خالية من القتل والقنص، خالية أصوات المدافع والقذائف والصواريخ، حياة بلا ألغام فيها الكثير من الأمان الاستقرار.