سنة الاختلاف بين البشر أمر وضعه الله سبحانه وتعالى في عباده، فهم مختلفون في اللون والجنس والطباع والعادات والتقاليد والفكر ونمط العيش وأمور أخرى، لذا علينا أن نقر بهذه السنة الربانية التي وضعها الله تعالى في عباده لتستقر معيشتهم وينتشر بينهم الأمن والعدل والتراحم وأن نجعله سلوك حياة وأن نعترف بأن كل فرد من البشر له كينونته الخاصة به وإن اتفق البعض منهم في جوانب منها إلا أن مبدأ الاختلاف يعد الأكثر حراكاً، ولعل هذا الأمر أو فلنقل هذه السنة الكونية يجهلها أو يتجاهلها البعض منا ممن ابتلي بحب التسلط واحتكار المعرفة واحتكار المكانة الاجتماعية وبالتالي افتقاد مبدأ الحوار بين الأطياف والمذاهب والأجناس الذي يعد السبيل الوحيد لفهم دواخل الآخرين وتجاهل ذلك بالتأكيد سيؤدي إلى تنامي حالات الانقسام وانتشار الحروب والقتل بين الناس.
ولعل ما نعيشه هذه الأيام في مجتمعاتنا النامية من تسلط فكري ومذهبي وطائفي يوحي لنا بقدوم الكثير من العواصف المشحونة بالعداء والبغضاء وخاصىة في ظل وجود المقومات المتاحة لأصحاب تلك النفوس المريضة لنشر سمومهم من خلال المكانة الاجتماعية أو الإدارية أو حتى من خلال برامج التواصل الاجتماعي التي أصبحت متوفرة في كل بيت من هذا العالم الفسيح دفعت بالبعض من أصحاب القلوب المريضة لاستثمار تلك الفرصة لفرض ثمرات اتجاهه الديني أو الفكري أو السياسي حتى لو كان ذلك الفكر أو الإتجاه موبوءًا بالأحقاد والضغائن.
لذا علينا أن نلتفت لذلك المنزلق الخطير وألا نعبأ بما يدور حولنا من تلك المكونات الفكرية الممسوخة وأن نسعى لتحكيم عقولنا وضمائرنا الوسطية بما يتناسب مع تعاليم ديننا الحنيف الذي يحث على الوسطية في كل شيء كما في قوله سبحانة وتعالى (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)، لذا علينا أن نجعل ذلك سلوك حياة في كل منحى من مناحي حياتنا كي نعيش في مأمن من الوقوع في تلك المنزلقات المهيأه أمامنا في كل مسلك نتجه اليه في ظل تلك المتغيرات التي نعيشها.. والله من وراء القصد.
*نشر في صحيفة المدينة السعودية