سلفيو اليمن.. من الدعوي إلى السياسي إلى العسكري
بقي التيار السلفي بعيدا عن كل الأحداث والتفاعلات السياسية التي شهدتها اليمن طوال العقدين الماضيين، مكتفيا بالتواصل مع المجتمع عبر منابره ووسائله الخاصة. يمن مونيتور/ خاص/ من محمد مراد
بقي التيار السلفي بعيدا عن كل الأحداث والتفاعلات السياسية التي شهدتها اليمن طوال العقدين الماضيين، مكتفيا بالتواصل مع المجتمع عبر منابره ووسائله الخاصة.
وبرغم بروز دعوات داخل هذا التيار إلى ضرورة المشاركة في العمل السياسي، عبر تشكيل أحزاب سياسية، إلا أن هذه الدعوات لم تترجم إلى واقع عملي.
واعتبرت مثل هذه الدعوات، حينها، خروجا صريحا عن النهج السلفي، نظرا لموقف هذا التيار من الحزبية ومن المشاركة في العملية السياسية بأي شكل، بل لقد نُظر إليها على أنها نوع من الابتداع في الدين، وكانت من أهم نقاط الخلاف السلفي السلفي خلال العقد الماضي.
ولتشدد السلفيين في هذا الأمر، فقد كان زعيمهم الأبرز في اليمن، الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، يعتبر الجمعيات الخيرية، كالحكمة والإحسان، “حزبية مغلفة”.
وكان موقف التيار السلفي من الحاكم “ولي الأمر” من الأمور التي جعلتهم يتمسكون بهذا النهج، ويعتبرونه من أمور العقيدة التي لا مجال فيها للأخذ والرد تحت أي ظرف، إلى درجة أن الشيخ السلفي المعروف “أبو الحسن المأربي” اعتبر العمل المعارض خروجا على الحاكم باللسان، بحسب حوار له مع صحيفة “إيلاف” اليمنية عام 2008م، وهو مصطلح جديد على غرار المصطلح القديم “الخروج بالسيف”.
كما كان لطبيعة الواقع السياسي في العالم العربي، البعيد كلية عن روح العمل الديمقراطي والتعددية الحزبية الحقيقية، دورٌ في تكيُّف السلفيين مع منهجهم هذا.
الربيع العربي
غير أن ثورات “الربيع العربي” هزت صورة الحاكم لدى كثير من السلفيين، ليعود الشيخ “أبو الحسن المأربي”، الذي اعتبر العمل المعارض خروجا على “ولي الأمر” باللسان، وينصح الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بالاقتداء بالإمام الحسن ابن علي ابن أبي طالب، الذي تنازل عن الحكم حقنا للدماء، حد تعبيره في حوار أجرته معه صحيفة “الناس” اليمنية عام 2011م.
أما فصيل آخر من السلفيين فقد قرر المشاركة في العملية الديمقراطية عبر تشكيل حزب سياسي “حزب الرشاد” قبل أن ينضم إليه فصيل آخر ويشكل حزب “السلم والتنمية”.
لكن ثورات “الربيع العربي” التي كانت من أهم دوافع التعجيل بتشكيل أحزاب سياسية سلفية، وصلت إلى طريق مسدود، خصوصا في اليمن، ليجد السلفيون أنفسهم أمام واقع جديد، لا سياسية فيه ولا ولي أمر.
العمل العسكري
وقد فرض الواقع الجديد على سلفيي العمل السياسي وسلفي العمل الدعوي خيارات جديدة لم تكن ضمن أجندتهما يوما.
فبعد حصار جماعة الحوثي لمركز دار الحديث بمنطقة دماج في محافظة صعدة، شمالي اليمن، وبعد سيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء أواخر العام 2014م، تعاطى السلفيون بجدية مع مخاوفهم من القادم الطائفي.
وقد استدعى هذا التعاطي الجاد حمل السلاح وتشكيل فصائل مقاتلة لمحاربة الحوثيين، في محافظات يمنية مختلفة، ومن منطقاتهم العقائدية الخاصة.
ويحرص السلفيون على القول إن هذا خيار الضرورة المؤقت، وإنهم سيعودون إلى منازلهم عقب عودة الشرعية لعبد ربه منصور هادي، بحسب تعبير “أبو العباس” قائد فصيل “حماة العقيدة” في محافظة تعز، خشية أن يُحسبوا على جماعات جهادية محظورة، على اعتبار أن التغيير عبر السلاح هو عامل التفريق الوحيد بين الجهتين اللتين يجمعهما إطار عقائدي عام.
ويعتبر سلفيو العمل الدعوي هذا الأمر خروجا لصالح “ولي الأمر” ضد من خرجوا عليه، أما سلفيو العمل السياسي فيعتبرونه “مقاومة” مشروعة ضد “انقلاب” على الشرعية.
غير أن التفاعل مع الواقع على هذا النحو، تحت أي مسمى، وبأية مفردات أو مصطلحات، سيدفع كثيرا من السلفيين إلى تجاوز انغلاقهم السابق.