كما توقعنا وكما كنا نأمل فقد تغير تعامل التحالف مع الحوثيين بعد الهجمات التي حدثت على عدد من المواقع الاستراتيجية في المملكة يوم الجمعة الماضي، كان لا بد أن يرد التحالف رداً موجعاً ويستهدف المواقع التي استغلها الحوثيون وحولوها إلى مناطق عسكرية لإطلاق الصواريخ والمسيّرات المفخخة، وأهمها الحديدة التي يعتبر ميناؤها الشريان الرئيسي لتزويد الحوثيين بالأسلحة الإيرانية، وكان التحالف يتحاشى استهدافه التزاماً باتفاق الحديدة السيئ الذي تم تجهيزه في مطبخ الأمم المتحدة وتقديمه كوجبة مسمومة في ستوكهولم.
كانت الضربات موجعة في الحديدة وميناء الصليف وصنعاء، ما جعل الحوثيين يلجأون إلى حيلهم عندما يضيق عليهم الخناق بتقديم مبادرة هدنة، لكن من سمع تفاصيل مشروع الهدنة يتأكد من أنهم لا يريدون أبداً الحل السياسي ولا يريدون السلام، وإنما يريدون التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق ومعاودة عبثهم باليمن واستهداف المملكة، وإلى الآن لم نسمع رداً رسمياً من التحالف على مبادرتهم، لكننا نتمنى أن يتجاهلها تماماً استناداً إلى سوابق الحوثيين في نقض كل الاتفاقات والهدنات، والتفافهم على مبادرات الحل السياسي، ورفضهم مشروع السلام في اليمن.
والمؤسف في الموضوع بيان الأمم المتحدة عبر بعثتهم لدعم اتفاق الحديدة الذي أصدرته يوم أمس، فقد تباكى على رد التحالف باستهداف أوكار الأسلحة في الحديدة وميناء الصليف، ومذكّراً التحالف بالطبيعة المدنية للموانئ، وذلك ما يعتبر تناقضاً جديداً صارخاً للأمم المتحدة لأن بعثتها لدعم اتفاق الحديدة تعرف جيداً أن الحوثيين هم أول من خالفوه بتحويل المدينة إلى ثكنات عسكرية لتجهيز الصواريخ والمفخخات، كما أنها ترى الأسلحة التي تتدفق عبر الميناء، لكنها تعامت عن هذا الخطر ولم تحرك ساكناً، وعندما بدأت استجابة التحالف لتحييده بدأت تذرف دموع التماسيح.
ما يجدر القيام به هو صرف النظر عن مبادرة الحوثيين الكاذبة الآن، لأنهم لو كانوا يريدون الحل لاستجابوا إلى دعوة التحالف للمشاورات اليمنية، كما يجب الاستمرار في تطهير الحديدة تمهيداً لتحريرها تماماً واعتبار اتفاق ستوكهولم منتهي الصلاحية، من هنا يبدأ قطع شريان الحياة للمليشيا الحوثية.
*نشر أولاً في صحيفة عكاظ